وصلت النرويج العام الماضي إلى مرحلة فارقة، حين أعلنت أن 8% فقط من مبيعات المركبات فيها هي لسيارات التي تعمل على محركات الوقود التقليدي، من البنزين أو الديزل. أما مبيعات السيارات الكهربائية فيها فشكّلت الثلثين من المبيعات، والباقي كان في فئة سيارات المحركات الهجينة.
باتت سيارات الوقود التقليدي في النرويج "مهددة بالانقراض" في غضون سنوات قليلة فقط
وتعد النرويج منذ سنوات عديدة رائدة في مجال التحوّل إلى السيارات الكهربائية، وذلك بفضل الدعم الحكومي على مثل هذه السيارات، والذي جعل اقتناءها ميسورًا على الكثيرين، إضافة إلى الدعم على شبكات الشحن العامة في المدن وعلى الطرقات.
كل ذلك جعل من السيارات التي تعمل على الوقود التقليدي في النرويج ظاهرة "مهددة بالانقراض"، وذلك في غضون سنوات قليلة فقط منذ تبني النرويج سياسات أكثر حسمًا وجسارة فيما يخص التحوّل الكهربائي وتبني السيارات والمركبات الكهربائية بشكل أوسع في البلاد.
وما تزال سرعة هذا التحوّل ومداه يثيران الإعجاب والمفاجأة لدى المتابعين، إذ حصل التحوّل على وتيرة أسرع كثير من أشدّ السيناريوهات تفاؤلًا، وذلك بحسب ما ذكرت كريستينا بو، الأمينة العامة لاتحاد السيارات الكهربائية النرويجي، في حديث مع نيويورك تايمز. ففي العام 2015، شكلت السيارات الكهربائية 20% فقط من مبيعات السيارات في النرويج، أما اليوم، فهي الخيار الأول لدى المشترين.
قد يعتقد البعض أن النرويجيين يمتلكون أفكارًا متشدّدة حول البيئة والحفاظ عليها، غير أن السيدة بو تؤكّد على أن التردّد بشأن التحول الكهربائي بين النرويجيين كان شائعًا جدًا قبل سنوات، إلا أن ذلك قد تغير بـتأثير السياسات الحكومية، التي بدأت بالتشجيع على اقتناء السيارات الكهربائية والترويج لها بشكل تدريجي، وقد أسهم في ذلك بالتأكيد ظهور عدد من السيارات الكهربائية الجديدة التي تغري المشترين باقتنائها. ومع الوقت، بات النرويجيين أكثر قناعة بالمركبات الكهربائية، وقد بدأت البلاد تتكيف بشكل واسع مع هذا الواقع الجديد، على مستوى التفكير بتطوير البنى التحتية وشبكة محطات الشحن، وغيرها من الترتيبات الخاصة باستيعاب العدد المتزايد من السيارات الكهربائية.
يعدّ النقل أكبر مصدر لانبعاثات الغازات الضارة في الجو في الولايات المتحدة، ويرى علماء البيئة أن التحوّل نحو السيارات الكهربائية أمر أساسي من أجل الحدّ من الآثار الضارة للإنسان على المناخ وضبط الاحترار العالمي. وعلى الرغم من تزايد نسبة مبيعات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، والتي تعدّ أحد أكبر أسواق السيارات في العالم، إلا أنها ما تزال تمثل 3 بالمئة فقط من مجموع مبيعات سيارات الركاب، وهي نسبة من بين الأدنى بين الدول المتقدمة.
كيف نجحت النرويج في التحول إلى السيارات الكهربائية؟
بدأت السلطات بالنرويج بإجراء كان متاحًا لديها، وهو وضع تشريعات تشجع الناس على اقتناء السيارات الكهربائية، وذلك عبر خفض الضرائب على اقتناء السيارات الكهربائية. هذا الإجراء جعل التفكير بالسيارة الكهربائية حتميًا لدى العديدين، خاصة بالنظر إلى الضرائب العالية جدًا على السيارات هناك. ولم يتغير الكثير على الآخرين، ممن لديهم سيارات تقليدية، أو اشتروا سيارات مستعملة، حيث بقيت الضرائب ثابتة، وهي مرتفعة أصلًا، لكن الاستثناء كان على السيارات الكهربائية، وهو ما ضمن انتعاش هذا القطاع والإقبال عليه.
لكن دعم السيارات الكهربائية عبر الإعفاءات الضريبية ليس كافيًا، إذ كان يلزم تطوير البنية التحتية، وتوفير محطات الشحن على الطرق السريعة، وفي مساحات الاصطفاف العامة والخاصة. كما بدأت شركات السيارات تدرك أبعاد هذا التحوّل، وصارت تسوق بشكل أكبر للسيارات الكهربائية، وتدعم إنتاج موديلات جديدة منها، على نطاق واسع ومتعدد من الخيارات والأسعار.
دعم السيارات الكهربائية عبر الإعفاءات الضريبية ليس كافيًا، إذ كان يلزم تطوير البنية التحتية، وتوفير محطات الشحن على الطرق السريعة، وفي مساحات الاصطفاف العامة والخاصة
كل ذلك، بحسب بو، ساعد في زيادة الزخم الذي تتمتع به المركبات الكهربائية في النرويج، وتغيير الذهنية العامة إزاء هذا النوع من السيارات، حيث بات حتى كبار السنّ على قناعة بأهمية هذا النوع من المركبات، للاقتصاد والبيئة.
قبل المغادرة.. اطلّع على المقالات الآتية للتعرف أكثر على واقع التحوّل الكهربائي في العالم:
التحوّل الكهربائي يعزّز نموّ مبيعات السيارات في الصين.. 20 مليون مركبة في 2021
تويوتا لن تسير عكس التيّار.. التحوّل الكهربائي الياباني قادم سريعًا
وول ستريت جورنال: هذا ما جنته تيسلا من الصين وما جنته الصين من تيسلا