22-أغسطس-2024
كاليدونيا الجديدة

(Getty) شاب يرفع علم كاليدونيا الجديدة

كشفت ورقة بحثية جديدة صادرة عن مؤسسة أبحاث أسترالية، أن سعي كاليدونيا الجديدة للاستقلال عن فرنسا يهدد بتعزيز النفوذ الاستراتيجي للصين في منطقة جنوب المحيط الهادئ، وفقًا لموقع "بوليتيكو" الأميركي.

وكانت كاليدونيا الجديدة قد شهدت اضطرابات استمرت لأشهر في وقت سابق من هذا العام، بعد محاولة فرنسا دون جدوى فرض إصلاح انتخابي، وقد تم انتقاد التغييرات المقترحة باعتبارها محاولة لعرقلة حركة الاستقلال في الأراضي الفرنسية، حيثُ سافر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في أيار/مايو إلى الأرخبيل، في رحلة استغرقت 25 ساعة، لتهدئة الوضع واستعادة السيطرة.

وصوتت كاليدونيا الجديدة ضد الاستقلال في ثلاثة استفتاءات تم الاتفاق عليها بين باريس ونوميا خلال الأعوام 2018، بالإضافة إلى عامي 2020 و2021 على التوالي، لكن المقاومة المحلية للحكم الفرنسي استمرت، وقد نددت حركة الاستقلال بـ"التكتيكات الاستعمارية" لفرنسا، بعد أن تم نقل عدة ناشطين خلال الاضطرابات الأخيرة إلى البر الفرنسي للمحاكمة.

ووفقًا للورقة البحثية التي جاءت بعنوان "عندما تطرق الصين باب كاليدونيا الجديدة"، الصادرة عن معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي، فإنه إذا خسرت فرنسا هذا الإقليم، فسيكون ذلك بمثابة ضربة كبيرة للوجود الغربي في جنوب المحيط الهادئ، مع استعداد بكين للاستفادة من ذلك.

نددت حركة الاستقلال بـ"التكتيكات الاستعمارية" لفرنسا بعد أن تم نقل عدة ناشطين خلال الاضطرابات الأخيرة إلى البر الفرنسي للمحاكمة

 

وقالت أستاذة في جامعة كانتربري في نيوزيلندا ومؤلفة الورقة البحثية، آن ماري برادي، إن كاليدونيا الجديدة "تحظى باهتمام خاص" من الصين لأنها "إقليم استراتيجي مهم بالنسبة لفرنسا وأستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة".

وأكدت برادي على أنه "يجب أن تتضمن عملية انتقال كاليدونيا الجديدة المتفق عليها إلى حكم ذاتي أكبر، مناقشات حول كيفية دفاع كاليدونيا/كاناكي المستقلة أو شبه المستقلة (الاسم الذي تستخدمه حركة الاستقلال للإشارة إلى الجزيرة) عن نفسها ضد التهديدات الخارجية، فضلًا عن المخاطر الأمنية الأخرى"، وأضافت: "يجب على فرنسا وكاليدونيا الجديدة إيجاد طريقة لإدارة المخاطر، وكذلك الفرص المرتبطة بالتعامل مع الصين".

في الوقت الحالي، يشكل الوجود العسكري الفرنسي في كاليدونيا الجديدة، إلى جانب وجوده في بولينيزيا الفرنسية، سمة بارزة للبصمة الفرنسية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وفي المقابل، تسعى الصين لتعزيز دورها في منطقة جنوب المحيط الهادئ، مما دفع الولايات المتحدة إلى تعزيز جهودها الدبلوماسية هناك.

كتبت برادي: "تشكل الأصول العسكرية الفرنسية واحدة من العوامل التي تعيق الصين عن تغيير ميزان القوى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وخاصة في جنوب المحيط الهادئ"، وأضافت أنه "إذا فقدت فرنسا أيًا من أراضيها في المحيط الهادئ، وفقدت الوصول إلى المساحة البحرية الشاسعة التي توفرها هذه الأراضي، فسوف يتراجع نفوذها ومكانتها على الصعيد العالمي بشكل كبير. وهذا الوضع سيكون في مصلحة الصين وروسيا".

وأبرزت الدراسة التقدم البطيء الذي أحرزته بكين في التأثير على المجتمع في كاليدونيا الجديدة، وذلك بفضل دور فرنسا، ووفقًا لأبحاث برادي، كان أبرز مثال على ذلك هو قرار باريس في عام 2019 باستخدام حق الفيتو ضد محاولة استحواذ صينية على منجم نيكل في كاليدونيا الجديدة، ويُعد النيكل معدنًا حيويًا لبطاريات السيارات الكهربائية، ويمثل الجزء الأكبر من صادرات هذا الإقليم.

ومع ذلك، تشير برادي إلى أنه "على الرغم من جهود فرنسا للحد من الاستثمارات الصينية في تعدين النيكل في كاليدونيا الجديدة، فقد حققت الصين هدفها في زيادة الوصول إلى النيكل الكاليدوني.. ووسعت بشكل كبير من مشاركتها في اقتصاد النيكل في كاليدونيا الجديدة".

ويختم موقع "بوليتكو" تقريره بالقول إن جميع صادرات كاليدونيا الجديدة التي كانت تتجه للصين، ومعظمها من المعادن، بلغت 62.3 بالمئة بحلول عام 2023.