ألتراصوت- فريق التحرير
تستعد مدينة غلاسكو في اسكتلندا لاستقبال فعاليات مؤتمر تغيّر المناخ الـ 26، الذي ترعاه الأمم المتحدة منذ العام 1995، في الفترة بين 31 تشرين الأول\ أكتوبر و12 تشرين الثاني \نوفمبر، في ظل تحدّيات كبيرة يشهدها العالم اليوم على المستوى البيئي، مع الارتفاع الكبير في محتوى غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، ما يساهم في رفع معدلات درجات الحرارة، حيث أشار صندوق النقد الدولي إلى أن الحكومات حول العالم تنفق 11 مليون دولار في الدقيقة الواحدة، لتمويل إنتاج الوقود الأحفوري الذي يتسبّب بالانبعاثات الحرارية المسبّبة للاحتباس الحراري.
تحدّيات كبيرة يشهدها العالم اليوم على المستوى البيئي، مع الارتفاع الكبير في محتوى غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، ما يساهم في رفع معدلات درجات الحرارة
تلقّت القمة صفعتين موجعتين قبيل انعقادها، حيث أعلن الكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين لن يسافر إلى غلاسكو لحضور القمة، فيما قالت الصين أنها تخطط لإرسال مبعوث لتمثيلها في المؤتمر ما يعني عدم مشاركة رئيس البلاد في القمة، خاصة وأن الصين تاتي في المرتبة الأولى في العالم لناحية إنتاج ثاني أوكسيد الكربون، بنسبة 28 % بالمئة من الإنتاج العالمي، بحسب موقع " أور وورد إن داتا "، فيما تحتل روسيا المركز الخامس وتنتج 5 بالمئة من الانبعاثات، بينما سيشارك في المؤتمر رئيسا الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن، والهند ناريندرا مودي، صاحبتا المركز الثالث والرابع على التوالي في الانبعاثات الكربونية، بالإضافة إلى عشرات زعماء الدول الاخرى.
اقرأ/ي أيضًا: دراسة تحليلية تشير إلى تزايد مخاطر الفيضانات حول العالم بفعل تغير المناخ
الموقع الرسمي على الإنترنت للنسخة الحالية لمؤتمر تغيّر المناخ، قال إن " الحياد الكربوني " سيكون العنوان الرئيسي لـ COP26، وسيكون المؤتمر الأول الذي سيحقّق التأكد من استخدام المعيار الدولي بشأن الحياد الكربوني PAS2060، بما يساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية، يتماشى مع بروتوكول الغازات الدفيئة، والمصادر الملوّثة الأخرى.
وعدّد الموقع بعض الخطوات والإجراءات التي من شأنها أن تجعل مقررات COP26 مستدامة ومفيدة على المدى الطويل، ومن أبرزها التشجيع على المشي واستخدام الدراجات الهوائية ووسائل النقل العام لتخفيف الانبعاثات الكربونية، إعطاء الأولوية لمصادر الطاقة البديلة، ذات الانبعاثات الكربونية المنخفضة، كالمركبات الكهربائية والطاقة الشمسية، واستخدام الزيوت النباتية المعالجة بالهيدروجين بدلًا من الديزل، بالإضافة إلى إعادة تدوير النفايات واستخدامها مرّة أخرى.
ما هو "الحياد الكربوني" ؟
يتمّ الحياد الكربوني من خلال تحقيق توازن بين انبعاث الكربون وامتصاصه من الغلاف الجوي، فيما تسمى عملية إزالة الكربون من الغلاف الجوي وتخزينه بـ "عزل الكربون"، فلتحقيق صافي انبعاثات صفرية، تجب موازنة جميع انبعاثات الغازات الدفيئة في جميع أنحاء العالم عبر عزل الكربون.
مع الإشارة إلى أن المفوضية الأوربية كانت قد تقدمت بخطة في كانون الاول \ ديسمبر من العام 2019، تحت مسمى "الصفقة الأوروبية الخضراء"، هدفت إلى جعل أوروبا محايدة مناخيًا بحلول العام 2050 ( أي تصفير الانبعاثات الكربونية )، الوصول إلى هذا الهدف سيتمّ من خلال قانون المناخ الاوروبي الذي يضع الحياد المناخي ضمن تشريعات الأوروبية الملزمة.
صحيفة الغارديان البريطانية نقلت عن مدير التنمية في الإتحاد الأوروبي أكيم شتاينر، تأكيده على أن تكون الدول النامية محور قمة المناخ المزمع عقدها في غلاسكو، في حال أرادت الدولة المنظِمة بريطانيا إنجاح هذا الاجتماع، واعتبر أن الاعتراف بالمشاكل التي تعاني هذه البلدان هو أمر غاية في الاهمية، فهم يتعرّضون لضغوطات شديدة خاصة في ظل كوفيد 19، وفي ظل الانحدار الإقتصادي ومعدلات الفقر المتزايدة. مع الإشارة إلى أن الدول الفقيرة كانت قد وُعدت بمساعدة بقيمة 100 مليار دولار لمعالجة التغيّر المناخي في العام 2009، لكن هذا الوعد لم يتحقّق حتى الآن.
شكوك كبيرة بنجاح COP26
تخرج اليوم أصوات كثيرة تشكّك بإمكانية نجاح المؤتمر وتحقيقه النتائج المرجوة. صحيفة واشنطن بوست رأت أن غياب الصين وروسيا عن المؤتمر، إلى جانب الخطط المناخية الضعيفة التي تنتهجها الدول الملوّثة، هي عوامل من شأنها أن تعيق إمكانية نجاح المؤتمر الذي سينطلق الأحد القادم، في الوقت الذي تواجه الولايات المتّحدة انتقادات حادة من المجتمع الدولي، منذ انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب من اتفاقية باريس للمناخ في العام 2017. الاتفاقية عبارة عن تعهدّات غير ملزمة بخفض الانبعاثات الحرارية، التي وقّعت عليها 190 دولة على هامش قمة الأمم المتّحدة للمناخ الموقّعة التي عُقدت في العام 2017.
جميع دول مجموعة العشرين اتفقت على الوصول بصافي الانبعاثات الكربونية إلى مرحلة الصفر في مرحلة ما، باستثناء الهند والمكسيك، لكن القليل فقط من هذه الدول كتب هذه التعهدات على شكل قانون كما فعل الاتحاد الاوروبي
وضمن السياق نفسه، شكّكت وزيرة البيئة الكندية السابقة كاثرين ماكينا، بأن تكون الدول المجتمعة في غلاسكو، قادرة على تحقيق خفض الانبعاثات الكربونية المنصوص عليها في اتفاقية باريس للمناخ 2015، حيث نقل موقع " غلوبال نيوز " عنها قولها " لا أعتقد أننا سنصل للمعدلات المذكورة في اتفاقية باريس، ومع ذلك علينا أن لا نفقد الأمل، لكن الأمر يتطلب من الدول الطموح بشكل مستمر"، وأضافت ماكينا : " لن يكون هناك أي أفق للنجاح، ما لم يتم جمع مبلغ الـ 100 مليار دولار الذي ينوي المؤتمر جمعه، لمساعدة الدول النامية في معالجة التغيّر المناخي، الهدف الذي تراه الوزيرة الكندية السابقة محوريًا للجميع".
اقرأ/ي أيضًا: دراسة: 3% فقط من مساحة الكرة الأرضية لم تتضرر بفعل السلوك البشري
ودعت ماكينا العالم للاستفادة من تجربة وباء كورونا التي واجهها العالم وهو في طريقه اليوم للانتصار عليه، وقالت إن الأمر سيكون نفسه بالنسبة للتغير المناخي، لكن ذلك لا يتم إلا من خلال العمل الجاد والتركيز من الجميع .
ونقلت غلوبال نيوز عن تقرير نشرته مجلة لانسيت الطبية قبل فترة، الإشارة إلى أن الوفيات بسبب الحر الشديد والجوع تفاقمت بسبب الجفاف الناجم عن التغيّر المناخي، بالإضافة إلى انتشار الأمراض المعدية وزيادة المشاكل الصحية، وقد وصفت منظمة الصحة العالمية هذا العام تغير المناخ بالتهديد الصحي الأكبر الذي يواجه البشرية.
اقرأ/ي أيضًا: تفاقم مستمر لأزمة المياه في الأردن بسبب تغير المناخ والنمو السكاني
موقع " دي بي إي " نشر مقالة تحت عنوان " تشاؤم قبل قمة التغير المناخي وقمة العشرين.. الاتحاد الأوروبي مُطالب بالعمل "، نقل فيه عن الرئيسة التنفيية للاتحاد الاوروبي أورسولا فان دير لين، إشارتها إلى الحاجة للقيادات الملتزمة، لإزالة الكربون والوصول إلى صفر انبعاثات منتصف القرن، لكن العالم يحتاج اليوم إلى التزامات كافية لخفض الانبعاثات الكربونية خلال هذا العقد.
حددت الصين عام 2060 كموعد نهائي لإنهاء الانبعاثات، لكنها في الوقت نفسه خالفت هذه السياسة بسبب أزمة الطاقة التي تواجهها
وذكر الموقع أن الوفود التي تشارك في مؤتمر COP26، أن جميع دول مجموعة العشرين اتفقت على الوصول بصافي الانبعاثات الكربونية إلى مرحلة الصفر في مرحلة ما، باستثناء الهند والمكسيك، لكن القليل فقط من هذه الدول كتب هذه التعهدات على شكل قانون كما فعل الاتحاد الاوروبي، أو وضع خطط وسياسات مفصّلة لتحقيق هذا الأمر.
ماذا يتوقع العالم من COP26 ؟
الصحفي تايلور ديردن نشر مقالة في موقع " زيرو هيدج " تحت عنوان " ما ننتظر من مؤتمر المناخ COP26 "، قال فيه إن التحدي الأكبر الذي يواجه القمة، يتمثّل في قدرة الحاضرين فيها على معالجة التناقض بين ما تعتقد الأمم المتحدة أنه يجب القيام به للسيطرة على تغيّر المناخ، وبين ما هو مستعدة فعلًا الدول المشاركة القيام به من أجل ذلك، وضربَ مثالًا بالصين التي تقول حكومتها مرارًا إنها على استعداد لتخفيف انبعاثاتها الكربونية في المستقبل، كما حدّدت العام 2060 كموعد نهائي لإنهاء الانبعاثات، لكنها في الوقت نفسه تخالف هذه السياسة بسبب أزمة الطاقة التي تواجهها، ما دفعها إلى إصدار الأوامر للمرافِق فيها، بالقيام بكل ما يلزم لتأمين الوقود في الشتاء، مهما كانت الوسيلة.
اقرأ/ي أيضًا:
بعد الفقر والحروب.. الاحتباس الحراري سبب آخر للهجرة من الشرق الأوسط