لا يخلو يوم على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب من طلبات المساعدة لمرضى السرطان غير القادرين على تحمل التكاليف المرتفعة للعلاج، فالتجؤوا إلى آلية الإحسان للتوفير نفقات العلاج.
يحتل المغرب المرتبة 145 عالميًا من حيث عدد المصابين بالسرطان، فمن كل 100 ألف مغربي هناك 139 مصاب بالسرطان
يحتل المغرب المرتبة 145 عالميًا من حيث عدد المصابين بالسرطان، وذلك بحسب التقرير الأخير الصادر عن الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية، والتي قالت إن المغرب يُسجل 139 إصابة بالسرطان بين كل 100 ألف نسمة.
اقرأ/ي أيضًا: الصحة في المغرب.. تراكم الإهمال وهدر الإنسان
السرطان في المغرب
تكاليف العلاج الباهظة وتنصل الدولة من المسؤولية في ظل ارتفاع عدد ضحايا المرض، أخرج، في كانون الأول/ديسمبر 2019، عشرات المواطنين في وقفات احتجاجية أمام وزارة الصحة، للمطالبة بمجانية علاج مرضى السرطان.
وبضغط المحتجين، استجابت وزارة الصحة جزئيًا لمطالبهم بأن أعلنت بعد أيام من الاحتجاجات عن مجانية العلاج للأطفال دون سن الخامسة المصابين بالسرطان، الأمر الذي دفع عددًا من النشطاء المعنيين إلى الإعلان تقديم عريضة للبرلمان المغربي، تطالبه بتشريع قانون جديد يفرض العلاج المجاني لكافة مرضى السرطان دون استثناء، وفي جميع مراحل التداوي.
بالموازاة مع هذه الحملات، تحركت أحزاب المعارضة داخل مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، آخرها حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، الذي وجه مساءلة شفوية لوزير الصحة، خالد آيت طالب، عن التدابير المستعجلة التي ستتخذها الوزارة لتوفير الأدوية الأساسية لمرضى السرطان، خاصة وأن أغلب المراكز الاستشفائية الإقليمية والجهوية (البعيدة عن العاصمة والمدن الكبرى) تفتقد للأدوية الأساسية.
بالإضافة إلى ذلك، رصدت شبيبة حزب الاستقلال، وجود نقص حاد في الأدوية، ورفض عدد من الصيدليات صاحبة امتياز البيع، توفير مخزون كاف منها، لأسباب متعددة، على رأسها ضعف هامش الربح مقابل ارتفاع الضرائب المفروضة عليها، بالإضافة إلى الغلاء الكبير في ثمن هذه الأدوية الذي يثقل كاهل المرضى.
صندوق "الرحمة"
بدأت الحملة بعد أن أودى المرض بحياة قيادية سياسية في حزب الاتحاد الاشتراكي. ماتت انتصار خوخو بسرطان الثدي الذي أصيبت به قبل أربع سنوات، فاُطلقت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم "#ما_بغيناش_نموتو_بالسرطان"، شارك فيها عشرات المرضى بقصصهم وتجاربهم.
وبعد ساعات قليلة بعد عملية دفن انتصار، أعلن عمر الشرقاوي، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحسن الثاني في الدار البيضاء، عن تدشين حملة لتأسيس صندوق لمكافحة السرطان، وذلك بإجراء تعديل في قانون مالية 2020 أو بتضمين مادة تعنى بالصندوق المقترح في مشروع القانون لسنة 2021.
ودعا الشرقاوي في حملته إلى توقيع عريضة تُوجه إلى رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، بغرض تقديمها للبرلمان، وفق ما يحدده الدستور المغربي في القانون التنظيمي للعرائض؛ وذلك للمطالبة بإنشاء "صندوق مكافحة السرطان"، لتغطية نفقات علاج مرضى السرطان بكافة أنواعه.
وطالب الشرقاوي بوضع مرسوم لتحديد شروط ومعايير الاستفادة من الدعم المباشر لمرضى السرطان من صندوق مكافحة السرطان، بالإضافة إلى موارد الصندوق والتي وُزعت بين مداخيل الضرائب وإعانات الدولة وهبات ومساهمات المصحات الخصوصية.
وفي غضون ثلاثة أيام فقط من إطلاقها، تمكنت حملة التوقيعات على العريضة من تجاوز النصاب القانوني الذي يتطلبه القانون التنظيمي للعرائض، والمحدد بخمسة آلاف توقيع.
وقال عمر الشرقاوي، وكيل اللائحة، في تصريح لـ"الترا صوت"، إن طموح الحملة أكبر من استكمال نصاب خمسة آلاف توقيع، والذي تم جمعه في يوم واحد، "بل إن طموحها هو بلوغ مليون توقيع، أو على الأقل 500 ألف توقيع، لمخاطبة الحكومة من موقع قوة"، على حد قوله.
أرقام مخيفة
كشفت وزارة الصحة المغربية عن أرقام مثيرة للقلق خاصة بمرض السرطان في البلاد، إذ قالت إن المغرب يُسجل حوالي 40 ألف إصابة جديدة بمرض السرطان كل سنة.
كما أصدرت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان إحصائية تكشف عن أن الإصابات بمرض السرطان في المغرب تتوزع ما بين 233 ألفًا و88 إصابة بسرطان البروستات وعنق الرحم، و10 آلاف و136 إصابة بسرطان الثدي، وستة آلاف و88 إصابة بسرطان الرئة. وفي المرتبة الرابعة في قائمة أكثر أنواع السرطان انتشارًا في المغرب، يأتي سرطان القولون بواقع أربعة آلاف و118 إصابة.
الأرقام التي أعلنت عنها وزارة الصحة والمنظمة الدولية، جعلت منظمات حقوقية مغربية تدُق ناقوس الخطر، خاصة في ظل نفاذ أدوية السرطان من الكثير من الصيدليات، وأيضًا غياب حوالي 30 نوعًا من الأدوية في جناح أمراض سرطان الدم في المغرب.
ويتجاوز سعر الدواء في المغرب 11 ألف درهم (أكثر من ألف دولار)، وتصنعه ثلاث مختبرات في المغرب، فيما يسيطر مختبر واحد في فرنسا على تسويقه، رغم أنه في سنة 2017/2018، رخصت وزارة الصحة 19 دواء جديدًا يستعمل في بعض أنواع السرطانات، السعر الأدنى لها يتجاوز أربعة آلاف درهم (نحو 400 دولار) فيما يصل ثمن بعضها إلى 90 ألف درهم للعلبة الواحدة.
الوزير: لا مجانية!
وأمام المطالب المكثفة بمجانية العلاج لمرضى السرطان، قال وزير الصحة المغربي، خالد آيت طالب في جلسة بالبرلمان، إن "مجانية العلاج تثقل كاهل المنظومة الصحية، والمطلوب بالنسبة لهؤلاء المرضى ليس مجانية العلاج، بل التغطية الصحية الشاملة".
كشفت وزارة الصحة المغربية عن أرقام مثيرة للقلق خاصة بالسرطان إذ قالت إن المغرب يُسجل حوالي 40 ألف إصابة بالسرطان كل سنة
ليأتي رد الوزير صادمًا، خاصة أنه متزامن مع انتهاء حملة التوقيع على العريضة. وقد برر الوزير رده بكون "مرض السرطان يعرف تطورًا كبيرًا، وإذا قامت وزارة الصحة بأي بروتوكول اليوم، قد تظهر مستجدات أخرى مع الوقت".
اقرأ/ي أيضًا: