شهد مجال التعليم المدرسي والجامعي والفني في لبنان، ثورة في مجال استخدام التكنولوجيا في العملية التعليمة. وبدأ استخدام الوسائل الإلكترونية السمعية والبصرية، يغزو المدارس بشكل متصاعد.
ينتقل النظام التعليمي اليوم، مدفوعًا بثورة التكنولوجيا، إلى مستوى مختلف بشكل كلي عن المعتاد على مدار عقود طويلة
ومع الوقت بدأت تتلاشى الصورة التقليدية للمدرسة وفصولها بلوحاتها الخشبية وتخوت الطلبة الخشبية، واستبدلت تلك الصورة في الواقع بأخرى معززة بوسائل التكنولوجيا الحديثة.
اقرأ/ي أيضًا: لبنان.. التعليم الرسمي في قبضة الفاسدين
وباتت الفصول المدرسية -مع تفاوت بيطيعة الحال بين مدرسة وأخرى- تحتوي على تحوي تجهيزات وتوصيلات كهربائية. وظهرت الوسائط والأجهزة الإلكترونية بين أيدي الطلاب، والتي تتيح تواصلًا مباشرًا بينهم وبين معلمين في أسرع وقت ممكن، ما يساعد ويسرع عملية التقويم ورصد الأخطاء وإبداء الملاحظات.
كذلك بات التواصل ممكنًا بين تلاميذ الفصل الواحد داخل غرفة الفصل وخارجها، من خلال التطبيقات التي تتيح ذلك، ومثيلاتها المخصصة ليتتبع الأهل رحلة أبنائهم لمدارسهم، وأداؤهم التعليمي.
إذن، ينتقل النظام التعليمي اليوم، مدفوعًا بثورة التكنولوجيا، إلى مستوى مختلف بشكل كلي عن المعتاد على مدار عقود طويلة.
علوم الروبوت تغزو المجالات الحياتية كافة
لعل أبرز العلامات الفارقة في السنوات الأخيرة، في المجال التعليمي والتربوي بلبنان؛ إدخال الروبوت في النظام التعليمي ببعض المدارس، وصولًا إلى تنظيم بطولات وطنية مدرسية وجامعية على مستوى لبنان كله، يتبارى فيها الطلاب ويتنافسون، مظهرين قدراتهم ومواهبهم في البرمجة والتصميم، وفي ترجمة المفاهيم التي يكتسبونها من المدرسة في الرياضيات والفيزياء وغيرهما، إلى إجراءات عملية تطبق على الروبوت، ليصبح قادرًا على التنقّل والتحرك، وتنفيذ المهام التي يبرمجها الطالب.
وتنتشر اليوم بطولات الروبوت على امتداد البلاد، وتسافر بعثات طالبية لبناينة إلى الخارج لتمثيل البلاد في بطولات الروبوتات الإقليمية والدولية.
وبشكل عام، تغزو علوم الروبوتات العالم الذي يخطوا حثيثًا نحو تطوير تكنولوجيا الرجال الآليين. وتُسخّر الدول المتقدمة والأكثر ثراءً إمكانيات ضخمة لتطوير استخدامات هذه التكنولجيا.
ومن هذه الاستخدامات التي تطورت على مدار سنوات، استخدام الروبوت في المجال التعليمي والتربوي، وهو الركب الذي تسعى المؤسسات التعليمية اللبنانية اللحاق به.
قبل نحو عامين نشر موقع "thedisruptory" المتخصص في علوم التكنولوجيا والمعلومات، بحثًا بعنوان "الروبوت التعليمي.. كيف؟ ولماذا؟ وإلى أين؟"، تناول فيه واقع تكنولوجيا الروبوتات، وكيفية الاستفادة منها بإدراجها في النظام التعليمي والتربوي.
ونقل البحث عن برنامج التعليم المعزز الفرنسي "ICAP"، تحديد ثلاثة أدوار رئيسية للروبوت التعليمي:
- يبدأ الأطفال بتلقي مبادئ تكنولوجيا الروبوت ابتداءً من عمر خمس أو سنوات، الأمر الذي يعزز مهاراتهم في فهم مبادىء البرجمة والخوارزميات في سن صغيرة ومبكرة، ما سيكون له أثر إيجابي على تحصيلهم العلمي ومهاراتهم العملية في المستقبل.
- يساهم الروبوت في تعزيز ودعم الأنشطة التعليمية، من خلال أسلوب المحاكاة الذي يشكل جسرًا بين المعارف النظرية وطريقة تطبيقها في الواقع.
- تتيح اجهزة الروبوت للأطفال المرضى وذو الاحتياجات الخاصة، حضور الحصص الدراسية بشكل افتراضي، من خلال "Tele – operated robot"، أو روبوتات التواصل عن بعد.
خطوات لبنانية في عالم الروبوت
في السنوات الأخيرة، شهدت تكنولوجيا الروبوت تطورًا ملحوظًا في لبنان، خاصة في العملية التعليمية. وبالإضافة إلى تطوير استخدامه تعليميًا، يُدفع الطلاب كذلك إلى تلقي علوم تكنولوجيا الروبوت، وتقام لذلك المسابقات والبطولات الوطنية، المؤهلة للمشاركة في البطولات الدولية، والتي استطاع عدد من الطلبة اللبنانيين أن يحرزوا فيها نتائج مهمة.
وللوقوف على واقع تكنولوجيا الروبوت، وإدخالها في النظام التعليمي، تحدث "ألترا صوت" إلى سميح جابر، رئيس جمعية كلمات، ومنسق اللجنة المنظمة للبطولة السنوية للروبوت (ARC)، والذي أكّد على ضرورة الاهتمام بتكنولوجيا الروبوت، وتطوير استخدامها في النظام التعليمي.
"تكنولوجيا الروبوت ليس ترفًا أو مادة للتسلية، بل هي جزء لا يتجزأ من العملية التعليمية الحديثة والعصرية"، يقول جابر، متوقعًا أن "تجتاح الروبوتات منازلنا وحياتنا بعد عقود قليلة. وأن تتسع دوائر استخدامها في المجالات الطبية والصناعية والزراعية والعسكرية"، قائلًا إن "الأمم التي ستلحق بركب الروبوت مبكرًا، ستشهد انعكاسًا إيجابيًا عليها في كافة المجالات".
وأشار جابر إلى تزايد عدد بطولات ومسابقات الروبوت في لبنان في السنوات الاخيرة بشكل ملحوظ. كذلك تطورت هذه البطولات من ناحية جودة التنظيم، وازدياد عدد الفرق المشاركة، وتنوّع مسابقاتها.
وعلى سبيل المثال، فإنه في العام الماضي شارك في بطولة "ARC"، أكثر من 150 فريق من مختلف المناطق اللبنانية، موزعين على كافة المراحل العمرية: من المرحلة الابتدائية وصولًا إلى طلبة الجامعات.
كذلك زاد اهتمام البلديات والجمعيات الأهلية والجامعات، بهذا المجال، فباتت ترعى وتساهم في إنجاح هذه البطولات، وتضع إمكاناتها في الخدمة، وتقدّم الجوائز المادية والمنح الجامعية للفائزين، بهدف تحفيز الناشئة على الاتجاه أكثر فأكثر نحو هذا العالم.
في المقابل، لا يزال دور الدولة خجولًا، فهي تكتفي بالدعم المعنوي وتشجيع المبادرات، دون أن يكون هناك رؤية واضحة للمستقبل.
ولفت جابر أيضًا إلى الازدياد الكبير في الاهتمام من قبل أولياء الأمور لهذا المجال، فباتت أندية الروبوت الخيار الأساسي عند كثيرٍ من الأهالي الذين يبحثون لأنشطة مناسبة لأبنائهم في الأجازات والعطل الصيفية.
صعوبات وعوائق أمام مسيرة الروبوت
بالرغم من كل حملات التوعية التي تقوم بها المؤسسات والجمعيات المعنية بعلوم الروبوت، فإن ثقافة الروبوت لم تنتشر بشكل كاف لدى شرائح المجتمع اللبناني؛ قسم تعبيرة من العامة يخلطون بين الروبوت كوسيلة تعليمية وتربوية ممكن استخدامها داخل غرفة الصف، وبين الصورة المتخيلة عن الرجال الآليين العملاقة التي يرونها في التلفاز. كذلك لا يدرك الناس الأهمية الحقيقية للروبوت التعليمي، ودوره الأساسي في مستقبل البشرية.
وعلى الصعيد المالي، ومقارنات بأنشطة أخرى ممكن تنفيذها في النوادي المدرسية والصيفية، تعد تكلفة تجهيز فشل روبوتي مرتفعة، كذلك الحاجة لتدريب فريق عمل قادر على نقل هذه العلوم إلى الطلبة، وهو أمر يتطلب تكلفة عالية.
من مشاكل الروبوت التعليمي في لبنان، احتكار شركات للقطع والتجهيزات الخاصة، والعمل عل تسويق ماركات معينة على حساب أخرى
ومن المشاكل التي يواجهها الروبوت التعليمي، بحسب جابر، هو احتكار بعض الشركات للقطع والتجهيزات، والعمل على التسويق لماركات معينة على حساب أخرى لأهداف تجارية بحتة، الأمر الذي يرفع من التكلفة أكثر وأكثر.
اقرأ/ي أيضًا: