21-أكتوبر-2024
القرض الحسن

جيش الاحتلال يستهدف بغارة جوية أحد فروع "القرض الحسن" في ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

شنت مقاتلات جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات عنيفة، أمس الأحد، استهدفت فيها "مؤسسة القرض الحسن" المالية التابعة لحزب الله، وذلك بعد وقت قصير من نشر المتحدث باسم جيش الاحتلال للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، تدوينة طالب فيها السكان القريبين من مباني الجمعية بإخلائها تمهيدًا لقصفها، والتي حددها في ضاحية بيروت الجنوبية، فضلًا عن فروعها الأخرى في جنوب وشرق لبنان.

وبحسب الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية، نفذ جيش الاحتلال، ليل الأحد – الإثنين، 11 غارة جوية استهدفت فروع "القرض الحسن" في ضاحية بيروت الجنوبية، إحداها قرب مطار "رفيق الحريري الدولي"، بالإضافة إلى مناطق "برج البراجنة، حارة حريك، الشياح، طريق المطار، حي السلم، العمروسية"، ومنطقة الشويفات قرب بيروت، وكذلك فروع الجمعية في بعلبك والهرمل وعلي النهري في محافظة بعلبك-الهرمل شرقي لبنان، والنبطية وصور جنوبي لبنان، وفروع أخرى.

جمعية خيرية غير ربحية

يرجع تأسيس جمعية "القرض الحسن" إلى عام 1982، وهو العام ذاته الذي أُعلن فيه عن تأسيس حزب الله في لبنان، لكنها لم تحصل على ترخيصها رسميًا من وزارة الداخلية اللبنانية حتى عام 1987. وتشير تقارير إعلامية إلى أن الحاج حسين الشامي، هو الذي قام بتأسيس الجمعية، وبحسب عديد التقارير الصحفية، تملك الجمعية ما لا يقل عن 30 فرعًا في مختلف أنحاء لبنان، فيما توجد النسبة الأكبر من هذه الأفرع في ضاحية بيروت الجنوبية.

تقول"جمعية مؤسسة القرض الحسن" إن دورها الأساسي "تكافلي وتعاوني من أجل النهوض بالوضع الاجتماعي في لبنان"

وبحسب موقع "العربي الجديد"، تُعرف جمعية "القرض الحسن" عن نفسها بأنها "جمعية اجتماعية خيرية لا تهدف للربح"، وتؤكد المؤسسة أن دورها الأساسي "تكافلي وتعاوني من أجل النهوض بالوضع الاجتماعي في لبنان". وهي غير مدرجة على لائحة المصارف في البنك المركزي، لأنها جمعية خيرية، وليست ربحية، علمًا أنها تقدم سنويًا مشروع الموازنة لوزارة الداخلية.

وتقول الجمعية إن "مؤسسة القرض الحسن" ليست مصرفًا، وإنها تحصل على المساهمات "من أهل الخير الميسورين"، وعلى عكس البنوك اللبنانية الأخرى، فإنها تمنح اللبنانيين من مختلف المذاهب قروضًا من دون فوائد، وتؤكد أن قروضها تمنح لأصحاب الطبقة الوسطى والفقيرة، وأن القروض تكون لآجال ميسّرة، والهدف من ذلك دعمهم اقتصاديًا واجتماعيًا.

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت على الجمعية عقوبات اقتصادية في عام 2007، بعد نهاية حرب لبنان مع إسرائيل في تموز/يوليو 2006. كما عادت لتفرض عليها عقوبات جديدة في عام 2021، شملت موظفين في الجمعية،وذلك "لاستخدامهم حسابات شخصية في بنوك لبنانية مرخصة لتحويل أكثر من 500 مليون دولار من الجمعية وإليها خلال العقد الماضي"، بحسب ما نقل "العربي الجديد".

كذلك، تعرضت الجمعية إلى عملية قرصنة في عام 2020، حيثُ تمكن قراصنة من اختراق حسابات كافة فروعها، والحصول على تسجيلات للكاميرات المثبتة، وعمدوا إلى نشر لوائح بأسماء المقترضين والمودعين، وهو ما وصفته الجمعية حينها بأنه يأتي في "إطار الهجوم الاستخباراتي".

توسيع قاعدة العملاء بعد عام 2019

وعلى عكس كافة البنوك التي عانت من الأزمة الاقتصادية والانهيار المالي الذي يشهده لبنان منذ 2019، فإن جمعية "القرض الحسن" لم تتأثر بها، بل استطاعت توسيع قاعدة عملائها لـ"تشمل الآلاف من كافة شرائح المجتمع، لا سيما في المناطق التي تتواجد فيها فروع المؤسسة"، وفقًا لموقع "المدن" الإلكتروني.

وبحسب موقع "المدن" الإلكتروني، فإن المؤسسة "استقطبت شريحة واسعة من مودعي مصرفي البنك اللبناني الكندي وجمّال ترست بنك بعد إغلاقهما نتيجة خضوعهما لعقوبات أميركية في سنوات ما قبل 2019"، ولفت الموقع إلى أن هذا الأمر "جعل من القرض الحسن المؤسسة المالية الأولى، والوجهة الوحيدة أمام مؤيدي الحزب والمتعاملين معه".

ونقل "المدن" عن مصدر من جمعية "القرض الحسن" تأكيده أن "كافة فروع المؤسسة على مساحة لبنان قد أفرغت من محتوياتها، لا سيما مستندات العملاء". مشددًا على "عدم وجود الذهب والأموال النقدية في الفروع"، ولفت المصدر إلى أنه "لا يمكن لأي كان أن يتحقق من وجودها بسهولة".

وبيّن الموقع الإلكتروني أن "حجم القروض التي تقدمها المؤسسة سنويًا لعملائها تقدر بنحو 500 مليون دولار. أما حجم التعاملات فيقارب 4 مليارات دولار"، وينقل عن المصدر قوله إن: "شريحة عملاء المؤسسة اتسعت كثيرًا في السنوات القليلة الماضية بعد خروج آلاف العملاء من القطاع المصرفي اللبناني، عقب احتجاز المصارف ودائع المواطنين وتعليق عمليات القروض المصرفية".

وكان مدير المركز العربي للحوار، علي سبيتي، قد أوضح في حديث لـ"التلفزيون العربي" من العاصمة اللبنانية بيروت، أن "القرض الحسن يشكل أهمية للناس من ناحية الدعم الخدمي، لأن عملية الاستثمار في هذا المال هي خدمة أكثر من كونها عملية جني أرباح"، فضلًا عن تلبيته "حاجات الناس وخدماتهم".

وأضاف سبيتي أن "ما يسمى ربحًا هو مقتطع من أجل ألا يتم خسارة المال المعتمد عند القرض الحسن، لذلك يتم اقتطاع نوع من الربح كمساهمة لإبقاء حيوية هذا العمل، وعدم وجود خسائر تفضي إلى إغلاق العمل القائم على تلبية الخدمة المباشرة لقطاع كبير من الناس، في ظل غياب الدولة والمشروع اللا ربحي بشكل نسبي كبير، خاصة عن المجتمعات الفقيرة في لبنان".