يُقدم فريق أرسنال الإنجليزي موسمًا تاريخيًا، رفقة المدرب الإسباني مايكل أرتيتا، حيث يتصدر الجانرز ترتيب الدوري الإنجليزي حتى الآن برصيد 63 نقطة، وبفارق 5 نقاط كاملة، عن ملاحقه وحامل اللقب مانشستر سيتي، والذي يملك 58 نقطة حتى الآن.
يُسطر صفحات قصة أرسنال العديد من النجوم، سواء داخل الملعب أو خارجه، لكن قصة الفتى النرويجي، صاحب الوجه الهادئ، يُعتقد أن صاحبها هو أحد الأسباب الرئيسية في بقاء فيل أرسنال آمنًا فوق شجرته حتى الآن؛ والسبب يعزي أنه قصة حياته تشبه قصة فيل أرسنال في الأساس لذا؛ دعنا نخوض القصة معاً.
مختلف عن كل من سبقوه
دعنا نسألك بشكلٍ مباشر عن بعض نجوم كرة القدم النرويجيين الذين تعرفهم؟ نتوقع أن إجابتك ستكون حاضرة، وفي مقدمتها أسماء لامعة مثل " إيرلينج هالاند- ومارتن أوديجارد"، نجمي مانشستر سيتي وأرسنال الإنجليزيين على الترتيب.
لكن، إن سألناك عن نجوم النرويج التاريخيين في كرة القدم، ربما لن يتبادر إلى ذهنك أي لاعب، وفي الغالب ستضطر للجوء إلى جوجل، لعلَّ هناك اسم تاريخي غائب عن ذاكرتك. حسنًا لا تقلق، فنحن متفقون في ذلك أيضًا. في السؤالين الماضين، تكمن قصة النرويج في كرة القدم، وتكمن أيضًا أهمية مارتن أوديجارد. لنرى ذلك.
ليس نرويجي الطابع
لم تعتد النرويج أن تنتج لاعبين أصحاب قدرات فنية عالية، بل حتى عندما تألق جيلها التاريخي الذي شارك في كأس العالم مرتين متتاليتين عامي 1994و 1998، اشتهر بتقديم كرة دفاعية، تخلو من اللمسات الفنية، وأيضًا من اللاعبين أصحاب المهارة.
سطعت شمس أوديجارد على سماء النرويج بشكل مختلف عما اعتادت عليه طوال تاريخها الكروي، فهو الفتى الذي يستطيع مراوغة الهواء كما يتحدثون عنه، ويسبق كل الفئات العمرية التي لعب لها، وهو كذلك الشاب التي تأتي له الجماهير من كل حدبٍ وصوب لمشاهدته في المباريات.
بالإضافة إلى موهبته الفذة، تمتع أوديجارد بشيء مختلف، ربما تحصل عليه النرويج للمرة الأولى في لاعبيها، وهو تحمل المسؤولية
بالإضافة إلى موهبته الفذة، تمتع أوديجارد بشيء مختلف، ربما تحصل عليه النرويج للمرة الأولى في لاعبيها، وهو تحمل المسؤولية، فهو الطفل صاحب الـ 15 عام فقط، ولكنه يتحدث إلى وسائل الإعلام وكأنه لعب لمدة 15 عام في أعلى المستويات، وهو ذاته الذي يوجه زملائه في الملعب، وكأنه مدربهم.
في إنجلترا لتكتمل الأسطورة
لفتت موهبة أوديجارد أنظار العالم كله، بما فيها أحد أهم فرق العالم " ريال مدريد" الذي ظفر بهذه الموهبة التي يُعتقد أنها ستصير الأفضل في العالم لا محالة، وأصبح أصغر لاعب يمثل ريال مدريد. في يناير 2017، لكن لأن الأمور لا تسير وفق خططنا، عانى أوديجارد الأمرين في مدريد، ليخرج في إعارة لنادي هيرنفين لمدة 18 شهر، ثم إعارة لمدة عامين في ناديي فيتيس، وريال سوسيداد.
لكن ذلك لم يمنعه أن يتصدر كل العناوين في النرويج، التي كانت تصخب مع كل هدف يسجله في لأحد الفرق التي يشارك لها، لكن هذه الصحف كانت تتحدث أيضًا أن مارتن يستحق أكثر من مجرد اللعب مع فريق في منتصف الجدول، وكانت تتساءل دائمًا، متى سيلعب مارتن في إنجلترا؟
ذهب أوديجارد إلى نادي أرسنال الإنجليزي كإعارة للمرة الأولى، وكأنه مقدر له أن يكمل أسطورة النرويجيين مع كرة القدم الإنجليزية، وحتى يكل أسطورته الشخصية، وسريعًا ما حصل على ثقة المدير الفني ميكيل أرتيتا، على الرغم من عدم تأثيره على المباريات إلى المستوى الذي هو عليه الآن، إلا أنه قدم مستوى عالي، أدى إلى تأثر أرتيتا بذكائه وطريقة ضغطه. إلى جانب ذلك، كان أحد اللاعبين الذين يوجهون زملائه في الفريق أثناء المباريات.
يساهم أوديجارد بمستوى فني وقيادي خرافيين في موسم أرسنال الاستثنائي، ساعدا في بقاء فيل أرسنال ثابتًا فوق الشجرة إلى حد هذه اللحظة
خلال هذه الفترة تم تعيينه كابتن النرويج (مارس 2021). في الأشهر الـ 18 التي تلت ذلك، نضجت شخصيته بشكل لافت. فبدلاً من أن يكون قائدًا يلقي الأوامر فقط، كان هو الشخص الذي يُضرب به المثل. وقد جعله ذلك شخصية صوريّة مناسبة لأرتيتا كقائد لآرسنال.
فيل أرسنال مقابل فيل النرويج
يساهم أوديجارد بمستوى فني وقيادي خرافيين في موسم أرسنال الاستثنائي، ساعدا في بقاء فيل أرسنال ثابتًا فوق الشجرة إلى حد هذه اللحظة، لكن الجميع في النرويج يسأل مع يصعد فيل النرويج إلى الشجرة، ومتى يتعلم ألا يسقط؟
قد يكون الافتراض خارج النرويج أنه يجب أن يكون لهم وجود في البطولات الكبرى لأن لديهم مواهب خاصة مثل أوديجارد وهالاند، لكن الأمر ليس بهذه البساطة. ويلز واسكتلندا على سبيل المثال، كانت لديهم مواهب بارزة مثل جاريث بيل وآرون رامزي وأندرو روبرتسون وكيران تيرني لسنوات، لكن الأمر استغرق وقتًا حتى يبدأوا في أن يصبحوا قوى جماعية .
النرويج، ومع ذلك، لا تزال على بعد خطوات وراء ذلك. كانوا على بعد ثلاث نقاط من التأهل للمباريات الفاصلة لكأس العالم 2022، واحتلوا المركز الثالث خلف هولندا وتركيا في التصفيات. كانت آخر بطولة كبرى لعبتها النرويج هي يورو 2000.
قد يكون التوقيت عاملاً مهمًا عندما ينتقل النقاش إلى كيفية النظر إليه هو وهالاند على المستوى الدولي. أوديجارد يبلغ من العمر 24 عامًا ولديه ثمان سنوات (47 مباراة دولية) من الخبرة مع المنتخب الوطني. وهالاند الذي يبلغ من العمر 22 عامًا ولديه 21 هدفًا في 23 مباراة دولية، له على مدار السنوات الثلاث الماضية. حتى من دون حمل النرويج إلى بطولة كبرى حتى الآن، فقد انتشر الشعور بالفخر تجاه أوديجارد في كل من لندن في إنجلترا، وبودو في النرويج.
تكمن قوة أوديجارد فيما هو أبعد بكثير من قدراته الفنية، فهو اللاعب الذي تبني عليه النرويج أمالها، وأمال الناشئين الذين يرون فيه مثل أعلى، وتأمل النرويج أن تتغير الذاكرة الجمعية للاعبين النرويجيين سابقًا بما يفعله أوديجارد الآن، فهو كما يقول عنه الصحفي النرويجي دانييل أوسترهايم: "هذا هو ملخص مارتن أوديجارد. إنه يعرف ما تعنيه موهبته لكرة القدم النرويجية. لدينا الكثير من المواهب القادمة أيضًا. يستخدمون مارتن وخطوات حياته المهنية كمثال لمستقبلهم ".