كان قطاع تصنيع السيارات من أكثر القطاعات الصناعية تضررا بجائحة كورونا، إذ هبطت مبيعات السيارات عالميا عام 2020 بنسبة 15% مقارنة بعام 2019 لتبلغ ما يزيد قليلا 56 مليون سيارة.
تأثر أداء قطاع السيارات في العالم العربي خلال العام 2021 مع استمرار تأثير جائحة كورونا واستمرار تدهور الظروف الاقتصادية في العديد من العواصم العربية
وعلى الرغم من ارتفاع المبيعات العام الفائت لتصل الى 58،180،800 سيارة بارتفاع مقداره 6.6% وتعويض جزء من الخسارة، إلا أنّه ونتيجة لأزمات سلاسل التوريد ونقص الشرائح الإلكترونية بقيت صناعة السيارات تعاني فقد تسببت تلك الأزمات بخسارة تصنيع ما يزيد عن 7.7 مليون مركبة بقيمة تقدر ب210 مليار دولار أمريكي. هذه العوامل تسببت بتباطؤ تعافي صناعة السيارات من آثار الجائحة. ويتوقع أن استمرار أزمة نقص الشرائح بالإضافة الى الأزمة الأوكرانية أن تلقي بضلالها على صناعة السيارات هذا العام.
كان السوق الصيني العام الماضي الأكبر عالميًا بإجمالي مبيعات تخطت حاجز 21 مليون مركبة، تليها سوق الولايات المتحدة الأمريكية بـ15 مليون مركبة تقريبًا، فيما كان السوق الهندي الأسرع نموًا بنمو مقدار 26.8% لتصل المبيعات إلى 3.1 مليون مركبة.
أكبر الصانعين كما هو متوقع كان تويوتا ب10.5 مليون سيارة مباعة متفوقة على مجموعة فولكسفاغن الألمانية التي بلغت مبيعاتها 8.88 مليون مركبة. ويعود نجاح تويوتا جزئيا لكونها أقل شركات السيارات تأثرًا بنقص الشرائح الالكترونية مما رفع مبيعاتها بنسبة تخطت 10.1% العام الفائت وزاد من حصتها السوقية عالميًا. هوندا اليابانية حلت ثالثًا، فيما جاءت مجموعة هيونداي رابعًا لأول مرة في تاريخها متجاوزة في ذلك فورد الأمريكية ونيسان اليابانية.
أسواق السيارات في العالم العربي
عربيًا، تأثرت مبيعات السيارات بشكل كبير عام 2020 كما حصل في باقي دول العالم، فنلاحظ أن المبيعات انخفضت 21% في السوق الكويتي الخامس عربيا، و29.1% في الإمارات العربية المتحدة. فيما كان عام 2021 أفضل بكثير إذ ارتفعت المبيعات خلال التسعة أشهر الأولى منه 26% لتصل الى 1.3 مليون مركبة.
في النقاط الآتية نظرة مجملة على كبرى أسواق السيارات العربية خلال عام 2021:
- المملكة العربية السعودية
السوق السعودي هو أكبر الأسواق العربية في قطاع المركبات على الإطلاق، وذلك بمبيعات كانت ذروتها عام 2015 ووصلت إلى 926 الف مركبة. لكن عام 2021 كان مختلفًا، رغم ارتفاع المبيعات مقارنة بعام 2020 بنسبة 24.6% لتصل الى 585،351 مركبة. بقيت تويوتا متصدرة السوق السعودي بحصة تزيد عن ربع السوق (27%) وذلك بفضل مركبة تويوتا كامري الشهيرة والأكثر مبيعًا. (اقرأ هنا 7 أسباب جعلت تويوتا كامري ملكة سيارات السيدان).أما هيونداي فحلّت ثانيًا في السوق السعودي.
اللاعب الجديد البارز لهذا العام في السعودية هي الشركات الصينية. فعلى سبيل المثال، زدات مبيعات شانجان بنسبة 40% تقريبًا لتكون في المرتبة الخامسة على مستوى المبيعات في السوق السعودي عام 2021. ومن المتوقع أن المبيعات سترتفع للعام الحالي ولكن ليس بنفس نسب العام الفائت، وستستمر السيارات الصينية بالاستحواذ على نسب أكبر من السوق في السعودية والمنطقة.
- جمهورية مصر العربية
ثاني أكبر الأسواق العربية ومن أكثرها أهمية وأشدّها منافسة. زادت المبيعات في سوق السيارات المصري بنسبة 26% مقارنة بعام 2020 برقم إجمالي بلغ 291 الف مركبة. تصدّرت شيفروليه المبيعات في مصر، وذلك بفضل شيفروليه "الدبابة" الذي تخطت وحداته المباعة حاجز 30 ألف وحدة في مصر في العام 2021.
وحلّت تويوتا كورولا ثانيًا بزهاء 20 ألف سيارة، لتكون شركة تويوتا بذلك ثاني أفضل شركة مبيعًا في مصر. فيما كانت "شيري" الصينية الأفضل من بين منتجي السيارات الصينيين في السوق المصري.
يذكر أن قطاع السيارات في مصر يعاني من ظاهرة "الأوفر برايس" وهي بيع السيارات بأسعار أعلى بكثير من السعر الرسمي المعلن من الوكيل. هذه المشكلة بالإضافة إلى باقي المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد المصري وقطاع السيارات عالميًا قد تمنع السوق المصري من تحقيق نمو ملحوظ هذا العام في المبيعات.
- الإمارات العربية المتحدة
السوق الإماراتي هو ثالث الأسواق العربية من حيث الحجم، وقد نما العام الفائت بنسبة 26.4% باجمالي مبيعات تخطى 216500 مركبة. تويوتا كما هي الحال في جميع دول الخليج هي الأولى في المبيعات، بحصة سوقية تقارب الثلث . في المرتبة الثانية حلت نيسان، التي خسرت من حصتها السوقية لصالح ميتسوبيشي وسوزوكي. أما "إم جي" و"شانجان" الصينيتان، فاستطاعتا مضاعفة مبيعاتهما أكثر من ثلاثة أضعاف مقارنة بعام 2020.
على مستوى الموديلات، فقد تصدّرت تويوتا لاندكروزر المبيعات في السوق، بواقع 13،101 وحدة، تليها منافستها اللدودة نيسان باترول بواقع 11،950 وحدة،. كما حل بطل تويوتا البيك أب هايلوكس ثالثا في السوق.
- المملكة المغربية
على الرغم من صغر حجم السوق المغربي عند مقارنته بالدول العربية المذكورة أعلاه، فإن أهمية هذا السوق تنبع من واقع أنها أكبر منتج عربي للسيارات بإنتاج يقارب 400 ألف مركبة سنويًا تصدر أغلبها إلى الدول الأوروبية.
تملك مجموعة رينو مصنعان في المغرب، فيما تملك بيجو الفرنسية مصنعًا في مدينة القنيطرة حيث بدأ الإنتاج فيه عام 2019. بيع في السوق المغربي العام الماضي 175 ألف مركبة تقريبا 5.7% مقارنة بعام 2020. وتسيطر علامة "داسيا" المملوكة لرينو والتي تصنع في المغرب على السوق بحصة 28.6% تليهارينو نفسها وتتبعهما بيجو.
ويلاحظ هنا أن الشركات التي تنتج مركباتها في المغرب هي أهم اللاعبين في السوق بسبب تنافسيتها بالأسعار لعدم وجود رسوم جمركية عليها. هيونداي الكورية حلت رابعًا في السوق بواقع 12 ألف مركبة مباعة. فيما كان نمو كيا هو الأكبر بنسبة 174%، وبواقع 4،345 وحدة.
يهدف المغرب ليصبح قاعدة مهمة لصناعة السيارات عالميًا في أفريقيا، وقد يشهد نموًا كبيرًا للمبيعات في السنوات المقبلة بالذات مع مع الخطط لبدء إنتاج السيارات الكهربائية لصالح شركة BYD الصينية ومجموعة ستيلانتس العملاقة بالإضافة الى مجموعة رينو.
- الكويت وقطر وسلطنة عمان
حقق السوق الكويتي، والذي جاء في المرتبة الخامسة عربيًا، نموًا بلغ 21.8% بإجمالي مبيعات تجاوز 108 آلاف وحدة. أما السوق القطري فحقق نموًا بنسبة 13.8% بواقع 46،489 وحدة مباعة. فيما كان السوق العماني الأقل نموًا، وذلك بنسبة 0.5% فقط ورقم وصل الى 74،381 مركبة. وقد سيطرت تويوتا بشكل كبير في هذه الأسواق وحلت نيسان في المرتبة الثانية، بينما نجحت MG الصينية المملوكة للعملاق الصيني سايك في تحقيق أرقام نمو مذهلة في الأسواق الثلاثة (بنسبة تجاوزت 100% في السوق العماني، مما يؤكد على النمو المهم للعلامات الصينية في الأسواق العربية. ومن المتوقع أن تنمو المبيعات في هذه الأسواق مدفوعة بالنمو الاقتصادي وارتفاع أسعار البترول.
- العراق والأردن ولبنان
أكبر هذه الأسواق هو السوق العراقي بمبيعات وصلت الى 85،380 وحدة، بينما بلغت المبيعات السوق الأردني 30،918 وفي السوق اللبناني 13،195 وحدة، بنسب نمو بلغت 27.6% و 1.3% و 2% على التوالي. يدل النمو الضعيف للسوقين الأردني واللبناني على الوضع الاقتصادي المتردي في البلدين، ولكن من المهم ملاحظة أن الاعتماد الرئيسي في هذه الأسواق هو على السيارات المستعملة المستوردة وليس على السيارات الجديدة. في السوق اللبناني، كما هي الحال في معظم دول الخليج، تسيطر تويوتا ونيسان، فيما كانت تويوتا والكوريتان هيونداي وكيا الأكثر مبيعًا في العراق والأردن.
ومن المفارقات المسجّلة في السوق الأردني هو أن أكثر سيارة جديدة مبيعًا هي التويوتا لاندكروزر (بمختلف فئاتها)، رغم أنّها ما تزال أقل حضورًا على الطرقات الأردنية، خاصة خارج العاصمة عمّان، وهو ما يؤكد اعتماد السوق بشكل أساسي على السيارات المستعملة المستوردة، وهو ما يفسّر ضعف أرقام مبيعات السيارات الجديدة مقارنة بالمستعملة والمستوردة.