17-سبتمبر-2024
توسيع أهداف الحرب

جنود الاحتلال يتفقدون طريقًا في شمال الأراضي المحتلة جراء سقوط صاروخ أطلقه حزب الله (رويترز)

قرر المجلس الوزاري المصغّر "الكابينت" في حكومة الاحتلال توسيع الأهداف المعلنة للعدوان المتواصل على غزة منذ 11 شهرًا، مضيفًا إليها هدف "العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم"، وسط تصاعد المخاوف من تحوّل ما يريد جيش الاحتلال أن تكون عملية برية في شمال الأراضي المحتلة مع الحدود الجنوبية للبنان إلى حرب شاملة.

وجاء قرار "الكابينت" بعد ساعات قليلة من تناقل وسائل إعلام عبرية، أن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، يريد إقالة وزير الأمن، يوآف غالانت، واستبداله برئيس حزب "اليمين الرسمي"، جدعون ساعر، في خطوة دفعت المسؤولين الأميركيين لوصفها  بأنها "درب من الجنون"، في ظل معارضة الإدارة الأميركية لمثل هذا التصعيد خوفًا من تحولها إلى حرب إقليمية في المنطقة.

غالانت وهليفي يدعمان "هذا الخيار"

وفي التفاصيل، قال مكتب رئيس حكومة الاحتلال، اليوم الثلاثاء، في بيان: "قام المجلس الوزاري السياسي الأمني ​​بتحديث أهداف الحرب، فشمل البند التالي: العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم"، وتابع مضيفًا "ستواصل إسرائيل العمل عمليًا لتحقيق هذا الهدف".

قرر المجلس الوزاري المصغّر "الكابينت" في حكومة الاحتلال توسيع الأهداف المعلنة للحرب، مضيفًا إليها هدف "العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم"

وكان "الكابينت" قد عقد جلسة دامت لأكثر من ثلاث ساعات برئاسة نتنياهو، ليل الاثنين-الثلاثاء، وذلك بعد تأجيل الجلسة لمرتين، ونقلت هيئة البث العبرية، أنه جرى خلال الأيام الماضية "مداولات مكثفة بشأن إمكانية القيام بعمل هجومي ملموس في لبنان"، وأضافت أن "هذا الخيار" يحظى بدعم غالانت، ورئيس أركان جيش الاحتلال، هرتسي هليفي.

وتجاهل قرار "الكابينت" تأكيد المبعوث الأميركي، عاموس هوكشتاين، في لقاءاته مع مسؤولين إسرائيليين كبار، بينهم نتنياهو وغالانت، خلال زيارته لدولة الاحتلال، أمس الاثنين، أن الولايات المتحدة لا تعتقد أن حربًا أوسع في لبنان ستساهم في إعادة سكان الشمال إلى بيوتهم، وفقًا لما نقل موقع "أكسيوس" الأميركي، عن مصدرين مطلعين على الاجتماعات.

وبحسب المصادر، فقد حذر هوكشتاين من أن الحرب الشاملة مع "حزب الله" قد تؤدي إلى صراع إقليمي أوسع وأطول أمدًا، مؤكدًا لنتنياهو وغالانت أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بالتوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان، "سواء مع صفقة احتجاز الرهائن في غزة ووقف إطلاق النار أو بمفردها".

وكان غالانت قد صعّد من لهجته إزاء الحدود مع لبنان، أمس الاثنين، بعد تقارير إسرائيلية سابقة عن تأييده التوصل إلى تسوية، بالتزامن مع الحديث عن نية نتنياهو إقالته من منصبه بداعي عدم تأييده للحسم العسكري ضد "حزب الله"، واستبداله بعضو الكنيست الإسرائيلي، جدعون ساعر.

وفي لقاء مع نتنياهو أمس، في مقر وزارة الأمن في "تل أبيب"، قال غالانت: "طوال الوقت نتحدث عن تصعيد أو تسوية، لكن لا إمكانية للتوصل إلى تسوية. هناك إمكانية واحدة، وهي التوجه بكامل القوة، وتفعيل كل قوتنا العسكرية من أجل إعادة سكان الشمال إلى منازلهم".

إقالة غالانت "درب من الجنون"

إلى ذلك، قالت وسائل إعلام عبرية، إن قادة الائتلاف في حكومة الاحتلال أعطوا نتنياهو الضوء الأخضر، من أجل ضم ساعر المرشح لوزارة الأمن في حكومة الاحتلال، وبحسب القناة الـ12 العبرية، فإن نتنياهو سحب معارضته لإقالة غالانت، الخميس الماضي، ولم يتبق سوى توقيع الاتفاق مع ساعر لكي يحل بدلًا من غالانت.

وأكدت صحيفة "معاريف" العبرية، أن نائب رئيس حكومة الاحتلال، ياريف ليفين، هو من يقود مفاوضات ضم ساعر إلى الحكومة، ووفقًا للقناة الـ12، فإن نتنياهو يعتقد أن إبعاد غالانت وسط عملية تغيير واسعة لحقائب وزارية سيكون أسهل، وأنه يعتزم اتخاذ هذه الخطوة قبل مغادرته للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل.

وبحسب ما نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن القناة الـ12، فإنه في حال عدم نجاح تعيين ساعر، فقد يُعرض عليه منصب وزير الخارجية، بينما يتسلم، يسرائيل كاتس، حقيبة الدفاع بدلًا من غالانت، رغم معارضة الإدارة الأميركية لهذه الخطوة، حيث تفضل بقاء غالانت في منصبه.

فقد نقل مسؤولون إسرائيليون عن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جيك سوليفان، وصفهما إقالة غالانت في فترة الحرب بأنها "درب من الجنون"، كما نقلت صحيفة "هآرتس" العبرية عن مصدر في الإدارة الأميركية قوله، إن واشنطن ستجد "طريقة للتعامل مع أي شخص يتولى منصب وزير الدفاع في إسرائيل"، مشيرًا إلى أن ساعر لن يتمتع بنفس العلاقة الوثيقة مع واشنطن التي تمتع بها غالانت.

وقال مسؤول أميركي لـ"أكسيوس"، إنه "سيكون من الجنون أن يقيل نتنياهو وزير دفاع ذي خبرة مثل غالانت وسط حرب في غزة، في الوقت الذي قد تتجه فيه إسرائيل نحو حرب شاملة محتملة في لبنان".

مسؤولون إسرائيليون يحذرون من توسيع الحرب في الشمال

من جهتها، قالت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، اليوم الثلاثاء، إن مسؤولين كبار في جيش الاحتلال والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، حذروا مما وصفته بـ"الخطوات المتهورة التي تخطط الحكومة الإسرائيلية لتنفيذها بالشمال"، وذلك في أعقاب اجتماع "الكابينت" الذي أفضى إلى توسيع أهداف المعلنة في الشمال.

ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمها قولها: "إن هذه الخطوات تشكل خطرًا كبيرًا، تؤدي إلى حالة حرب شاملة، ليس فقط على الحدود مع لبنان، بل تشمل المنطقة برمتها"، وأوضحت أن هذه الإجراءات تشمل "تصعيدًا كبيرًا ومتعمدًا" من قبل الاحتلال"، وأن هذا التصعيد "يتضمن عملية برية داخل لبنان".

من جانبه، نقل المحلل العسكري في "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، عن مسؤولين كبار في جيش الاحتلال، أن "الظروف الحالية هي الأنسب لتصعيد عسكري، حيث أن جنوب لبنان خالٍ من السكان، وكذلك البلدات الإسرائيلية على الحدود، والولايات المتحدة مقبلة على انتخابات رئاسية، مما يجعل الدعم الأميركي مضمونًا في الوقت الحالي".

كما أشار يهوشواع إلى أن أحد كبار الضباط في جيش الاحتلال، قال إن: "هناك نافذة فرصة حالية، قبل الانتخابات الأميركية وقبل قدوم الشتاء. إن لم ننتهز الفرصة الآن، فلن نتمكن من إعادة السكان في المستقبل المنظور"، في إشارة إلى ظروف الطقس الصعبة في فصل الشتاء.

وكان رئيس مكتب إيران في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سابقًا، نورمان رول، قد قال في حديث لـ"التلفزيون العربي"، أمس الاثنين، إن أفضل ما يمكن أن تقوم به واشنطن في الوقت الحالي هو تأخير أي عملية لجيش الاحتلال في الشمال.

وأضاف رول الذي تحدث لـ"العربي الجديد" من واشنطن، أن ما تخطط "إسرائيل" للقيام به في الشمال قد لا يكون اجتياحًا بريًا، بل استمرار ضرباتها ضد "حزب الله"، موضحًا أن واشنطن ترى أن "الوقت عصيب لتوسيع النزاع واستمراره".

ولفت رول في حديثه إلى أن انعدام اليقين بشأن ما قد يحصل على الجبهة الشمالية يدفع هوكشتاين إلى حث "إسرائيل" على عدم القيام بأي تحرك إضافي على هذه الجبهة، لكنه يشير إلى أن "الإسرائيليين يجب أن يفعلوا شيئًا لدفع حزب الله إلى الوراء، وهذا سيتضمن إجراءً عسكريًا".