الرصاصة تخطئ كما الحياة
أشعة الشمس تدخل على مهل إلى الغرفة، ثمة ستارة غامقة اللون، شعاع ذهبي يتسرب وئيدًا، الدم متيبس على الحائط، أشعة الشمس تهبط على الحائط بحنان، بهاء يملأ الغرفة، لوحة جميلة امتزاج لون الدم بأشعة الشمس. صمت هادئ، لا وقع أقدام في الشارع ولا عصافير على الأشجار، يشعر بأن الكون خالٍ، يشعر بدفء الشمس وهي تهبط على وجهه، تلامس حاجبيه الحادين، لكنه يبقى صامتًا، ينعم بهذا الهدوء الذي يملأ الكون فجأة. على الرغم من هذا السلام، لكنه يشعر بالإحباط، كانت محاولته في الموت كما في الحياة. ظل يرتجف طيلة الليل، كانت ليلة طويلة، ظل يتصبب عرقًا، الآن يشعر بالبرد، يشعر بقطرات العرق تلتصق على جلده، الرصاصة تخطئ، كما الحياة.
شجرة للأمنيات
أنت تدخل هذا المطعم كل شهر، كان فرعًا لسلسلة مطاعم مشهورة، أيضًا، كنت تلتقي بالفتاة كل شهر في نفس المكان. معظم أثاث المكان من المعدن والزجاج، يشعرك المكان بالضيق، يخيل إليك بأنه موقع تصوير لفيلم كنت ستراه فيما بعد، تقف عند المدخل، تنظر إلى الكنبات النصف دائرية، إلى الأشخاص الجالسين، إلى حركاتهم الميكانيكية. الفتاة تجلس بالقرب منك، تشعر بفخذها وهو يلامس فخذك، تمسك يدها، تتحسس الرسغ، النبض مرتبكًا.
تُمضي سنتين على علاقتك بها، ترعبك الذكرى، كيف أنك استطعت أن تمضي سنتين، تنظر إلى عينيها الواسعتين، إلى الفرح المخلوط بالحزن، تريد أن تقبل جبينها، لكنك كئيب الآن. تكمل وجبتك، تطلب صحنًا من الحلوى، تنبهك الفتاة بوجود شجرة في وسط المطعم، كنت قد مررت بها، دون أن تنتبه إليها، تنظر إليها من الطابق العلوي، كانت شجرة واسعة ومتعددة الأفرع، ثمة ورق معلق بأفرعها، تقول حبيتكَ بأنهم وضعوا هذه الشجرة لكي نعلق عليها الأمنيات، تعجبك الفكرة، لكنك تتساءل أين ستذهب الأمنيات، عندما تمتلئ أغصان الشجرة. تذكر محاولاتك في نشر كتاباتك القليلة، كنت تعتقد أنها مهمة، لكن لا أحد يبالي بما تكتب، يصيبك غثيان، يصبح المشهد مشوشًا، تطلب من الفتاة أن تغادر المكان، تفكر في طريق العودة، بترك الحياة.
محاولة أيضًا
للنبتة فروع متشعبة، تشبه كثيرًا ما يدور في رأسك، تحاول أن تعد فروعها دون جدوى، كنت قد اشتريتها من مزارع قال لك بأن قطرات من الماء وقليلًا من أشعة الشمس وستحيا أطول من عمرك، كنت تريد أن تحيا من أجل شيء ما، لعلك أردت ذلك من خلال النبتة الموجودة على سياج شرفة شقتك. في مكان عملك، بنايات عالية، كانت قد بنيت في مرحلة عمرانية كثر فيها استخدام الإسمنت في واجهات تلك البنايات، أصبح مظهرها قويًا وقاسيًا، تفكر في أن تصعد الطوابق لأعلى بناية، وأن ترى البخار المتصاعد من آلة تعقيم أسفل البناية، النهر الذي ينعطف أمامك حيث التقيت بحبيتكَ، الجسر الشاحب أمامك، مشهد تراجيدي، لكنه صامت، ما دمت واقفًا في سطح البناية. تمر دون أن تنظر إلى البناية، لا تريد أن يراك أحد وأنت تسقط مثل مجنون، مثلما فعل البطل في فيلم الرجل الطائر، لكنه حلق، وأنت لا تستطيع بالفعل. ترجع إلى شقتك، تستمع إلى موسيقى بدت لك مرحةً، تنظر إلى السقف وتفكر بأن هذا الخطاف المعلق في السقف سيكون جيدًا، لكنك لن تكون أكثر من كتلة لحم معلقة من عنقها، أخيرًا، تجلس في موضع، سيسمح لأشعة الشمس بأن تدخل وأنت تجلس على الكرسي الكبير، سيكون مشهد الدم وهو يلتصق بالحائط شهيًا، تعجبك الفكرة، لكنك ترتجف، ستبقى محاولة أيضًا.
اقرأ/ي أيضًا: