في مقال له، يلقي موقع "The American Conservative" الضوء على ظاهرة الترويج الغريب بين بعض الكتاب الغربيين، لواحد من أكثر الديكتاتوريين طيشًا في العالم، هو محمد بن سلمان، وذلك على خلفية مقال يتغزل فيه الكاتب الصحفي الأمريكي، المقرب من الأوساط الصهيونية، توماس فريدمان بابن سلمان. في السطور التالية ننقل لكم المقال مترجمًا بتصرف.
مرة أخرى يكيل الكاتب الصحفي الأمريكي توماس فريدمان، المديح لولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للبلاد، محمد بن سلمان، فقال في مقال له نُشر بصحيفة نيويورك تايمز، قبل أيام قليلة: "محمد بن سلمان هو بالتأكيد رجل شجاع. لا أستطيع التفكير في أي شخص آخر في آل سعود، بإمكانه القيام بالإصلاحات الاجتماعية والدينية والاقتصادية العميقة التي تجرأ ابن سلمان على القيام بها، دفعة واحدة".
مرة أُخرى يكيل الكاتب الصحفي الأمريكي توماس فريدمان المديح لابن سلمان، أو قل يتغزّل فيه، بمقال نشر مؤخرًا على نيويورك تايمز
ثم يحاول فريدمان أن يبدو موضوعيًا، لكن على استحياء، فقال: "لكنني أيضًا لا أظن أن أحدًا في تلك العائلة كان سيغامر بالسياسة الخارجية العدائية، وصراع السلطة المحلي، وسباقات الشراء الشخصية الباذخة كتلك التي تجرأ على القيام بها ابن سلمان، دفعة واحدة".
اقرأ/ي أيضًا: توماس فريدمان.. تنظيف دكتاتورية ابن سلمان القذرة بالجملة
ويقول أخيرًا من موقع المُقرب من ابن سلمان، والحليف المؤيد له: "مهمتنا المساعدة على كبح جماح نزواته، وتشجيعه على المزيد من الأعمال الصالحة".
ولمّا انتهت فقرة الموضوعية الزائفة سريعًا، عاد توماس فريدمان مرة أُخرى إلى مكانه في جوقة المصفقين لابن سلمان، بمهارة غريبة، وجرأة أغرب، فقال: "لديه إمكانات هائلة. يحاول محمد بن سلمان إجراء تحول مجتمعي في السعودية". والكثير غير ذلك من المديح والثناء.
إن ثناء فريدمان المتواصل على محمد بن سلمان هو شكل متطرف من الإعجاب الغريب الذي يبدو أن ولي العهد مصدر يثيره لدى البعض من النقاد الغربيين. على عكس أول رسالة حب له، على الأقل يُلمح هذا المقال لفريدمان إلى بعض عيوب محمد بن سلمان، ولكن توماس فريدمان لا يسمح لأي من تلك العيوب بأن تزعجه، ويسارع إلى تشتيت الانتباه عنها، والإكمال في طريق المديح.
ليس هناك أي دليل حتى الآن على صدق خطاب محمد بن سلمان عن رؤيته لـ"الإسلام المعتدل"، بل ثمة أسباب قوية تدعو إلى الاعتقاد بأن هذا إلهاء غير مقنع لصرف الأنظار عن تكريس السعودية للطائفية في اليمن بقوة السلاح، وغير اليمن أماكن أخرى.
هناك عدة مشكلات خطيرة تتعلق بهذا الحماس المفرط من توماس فريدمان أو غيره لولي العهد السعودي، إذ لم تنفذ بعد أي من "الإصلاحات" المزعومة التي وعد بها محمد بن سلمان، وقد تكون أقل عمقًا بكثير مما يتخيل مؤيدوه. وليس مؤكدًا أن معظم أجندة إصلاح ولي العهد سوف تتحقق على الأرض أصلًا.
وبدلاً من الانتظار لرؤية ما سيفعله بن سلمان، يحتفل توماس فريدمان وغيره من المطبلين، بما ربما يفعله ابن سلمان في المستقبل، وما قد لا يفعله! وفي الوقت نفسه، يتجاهلون أو يقللون من شأن الفظائع والجرائم التي ارتكبها، ولا يزال يرتكبها. ولسبب ما تعطي هذه الجوقة للتغييرات المتواضعة التي وعد ابن سلمان بإجرائها، زخمًا أكبر من جرائم الحرب الخطيرة التي يرتكبها في اليمن، والانتهاكات الجسيمة في الداخل السعودي.
عندما يتحمّس الكتاب الغربيون بشدة لحاكم مثل محمد بن سلمان، فإنهم على الأغلب يخدعون أنفسهم، وينتهي بهم الأمر إلى الضلال في نفس الوقت الذي يضللون فيه قراءهم.
وفي مقاله الأخير، ذكر توماس فريدمان اليمن نحو مرتين، باعتبارها من الأمور التي انتقد ابن سلمان فيها. الحقيقة أنه كان الانتقاد الوحيد، وكان انتقادًا خجولًا جدًا، فهو حين ذكر الحرب في اليمن لم يزد عن قوله بأن على ترامب أن يعين فلانًا أو علانًا (جيمس بيكر أو ديفد بترايوس) مبعوثًا خاصًا لمنطقة الخليج، "ليساعد ابن سلمان في نزع فتيل الأزمة اليمنية".
لسوء الحظ أن توماس فريدمان لا يبدو أنه يدرك أن ابن سلمان لا يريد نزع فتيل الأزمة في اليمن أصلًا، بل بدلًا عن ذلك يريد الاستمرار في الضرب والتجويع، سعيًا نحو تحقيق أهداف غير واقعية.
عندما يتحمّس الكتاب الغربيون بشدة لحاكم مثل ابن سلمان، فإنهم على الأغلب يخدعون أنفسهم، وينتهي بهم الأمر إلى الضلال
وبطبيعة الحال لن يعترف توماس فريدمان بشكل كامل بمسؤولية ابن سلمان عن جرائم الحرب المرتكبة في اليمن من قبل قوات التحالف السعودي، وعن مسؤوليته في خلق أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وأي "مذكرة" لترامب -الذي تقاعس عن معالجة هذه الأمور- ليست لها أي قيمة في رأي توماس فريدمان.
اقرأ/ي أيضًا: