الترا صوت - فريق التحرير
مع تفاقم الأزمة السياسية في لبنان، وانسداد الأفق أمام تمسك المجموعة الحاكمة بخياراتها، ومع تكرار الحديث عن انهيار اقتصادي وشيك على إثر التدهور الحاصل؛ تُغرّد أحزاب السلطة بعيدًا عن وقع الشارع وصوت الواقع، كما يفعل الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل.
أفضى خيال حزب الله وحركة أمل، إلى الزراعة كحل لمواجهة الأزمة السياسية المتفاقمة والانهيار الاقتصادي الوشيك
ويُجرّب الثنائي الشيعي خياراته في مواجهة مطالب الانتفاضة اللبنانية، ما بين إلقاء التهم على المنتفضين حينًا، ومحاولة ركوب موجة الانتفاضة بزعم تبني مطالبها حينًا آخر، وصولًا إلى الاعتداء على المتظاهرين أحيانًا كما حدث في الرينغ وساحة الشهداء وساحة رياض الصلح
اقرأ/ي أيضًا: الانتفاضة اللبنانية بعيون الأحزاب.. الكثير من التخوين القليل من التأييد
مواجهة الأزمة بالزراعة
يعمل حزب الله ومعه حركة أمل، على استدعاء خبرة حلفائه فيما يسمى بـ"محور الممانعة" في مواجهة العقوبات والحصار الاقتصادي، خاصة مع الإصرار على المواجهة ولو كان ثمنها المزيد من الإفقار لشريحة واسعة في المجتمع اللبناني.
وكما يتضح، لن يألوا الثنائي الشيعي جهدًا في تجنب المفاوضة السياسية، كونه يرى أنها قد تقوض ولو جزءًا مما استطاع تحقيقه في الانتخابات النيابية الأخيرة التي حصل فيها تحالفه، قوى "8 آذار"، على الأغلبية.
ولذلك، أفضى خيال حزب الله وحركة أمل، إلى الزراعة كحل لمواجهة انهيار اقتصادي وشيك. وهكذا بدأ إعلام الثنائي الشيعي في التشجيع على العودة للزراعة في القرى الجنوبية، وبدأت البلديات التابعة لحزب الله وأمل في تنظيم الندوات الحشدية لذلك، وتقديم البذور والشتلات للمواطنين، وحثهم على استصلاح الأراضي وزراعتها.
وبمرور السنين تقلص النشاط الزراعي جنوب لبنان. وبحسب أحد المسؤولين في وزارة الزراعة اللبنانية، فإن الاحتلال الإسرائيلي كانت له آثار "كارثية" على قطاع الزراعة في الجنوب.
كما ساهمت أموال المغتربين في جعل المجتمع أكثر ميلًا للاستهلاك، وأغرت الهجرة للخارج والنزوح للعاصمة بيروت، العديد من أبناء الجنوب الذين كانوا يعملون في الزراعة، ما ساهم بدوره في ضعف النشاط الزراعي.
كل هذا قلص الرقعة الزراعية، وأحال مساحات واسعة إلى أرض قاحلة، واختفت زراعات كانت رائجة مثل القمح والزراعات العلفية.
إفادة في غير محلّها
ورغم إفادة حملة التشجيع الزراعي على عدة مستويات، إلا أن وقت وظروف تدشينها من قبل الثنائي الشيعي، تثير الشكوك، في وقت يطالب فيه مئات آلاف اللبنانيين بإيجاد حلول جذرية للمشاكل البنيوية في "الدولة" القائمة على أساس حكم مجموعات طائفية مصلحية.
وبحسب المسؤول في وزارة الزراعة، فإن لبنان الذي يستورد نحو 80% من احتياجاته الزراعية، قادر على تخفيض هذا الرقم إلى 40% في حال الاستفادة من المساحات المتوفرة واستصلاح الأراضي.
ويشير المسؤول في الوزارة المعنية، إلى أهمية تنشيط قطاع الزراعة في البلاد، بما قد يعزز القطاعات الأخرى لترابطها، فضلًا عن تأمينه نسبة كبيرة من الأمن الغذائي للبنانيين.
لكن لا يبدو أن حملة الثنائي الشيعي في بلديات نفوذه، جاءت بتنسيق حكومي أوسع، وإنما أظهرت بجلاء البعد الطائفي/المناطقي في تركيبة الدولة اللبنانية.
ويرى متابعون أن حملة التشجيع على الزراعة في العديد من بلديات الجنوب اللبناني، ورغم إفادتها، إلا أنها قد تمثل محاولة إلهاء جذور المشاكل التي أدت فيما أدت، إلى ضعف النشاط الزراعي في البلاد، والاعتماد الأكبر على الاستيراد، ضمن سياسات أوسع وأشمل، من سلطة يشارك فيها بنصيب كبير، نفس الثنائي الشيعي.
رغم إفادة حملة التشجيع الزراعي على عدة مستويات، إلا أن وقت وظروف تدشينها من قبل الثنائي الشيعي، تثير الشكوك
من جهة أخرى، قد تعكس هذه الخطوة حالةً غير خافية من التخبط بين أحزاب السلطة اللبنانية إجمالًا، وبين حزب الله وحركة أمل على وجه الخصوص؛ بتجريب الخيارات المتاحة بما يمليه عليهم خيالهم الذي يبدو أنه لم يرسم لهم خطة للتعامل مع هبة شعبية مفاجئة في حجمها وفي شمولها بـ"كلن يعني كلن"!
اقرأ/ي أيضًا: