أطلق نشطاء أردنيون حملة إلكترونية ضد ارتفاع أسعار الكهرباء وأعلنوا رفضهم لدفع فواتير الكهرباء، حيث اتهم البعض الحكومة بأنها تستهدف جيوب المواطنين.
الحملة التي انطلقت بعنوان "مش دافع" وانتشرت على وسم يحمل الاسم نفسه، شهدت تفاعلًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، رفضًا للتعرفة الجديدة التي تؤثر على قطاع واسع من المواطنين الأردنيين.
وكانت الحكومة الأردنية، على لسان وزير الطاقة والثروة المعدنية صالح الخرابشة، أعلنت الأسبوع الماضي عن تعرفة جديدة للكهرباء سيبدا تطبيقها مطلع نيسان/أبريل المقبل. وفي التفاصيل، قال الخرابشة إن كل أردني تقل فاتورة استهلاكه الشهرية عن 600 كيلو واط/ ساعة، أي ما يبلغ قيمته 50 دينارًا، لن يتأثر بالتعرفة الجديدة، وبين أيضًا أن خطة التعرفة الجديدة تشتمل على شريحتين للقطاع المنزلي: الأولى مدعومة، وهي متاحة لكافة المواطنين الأردنيين بالإضافة إلى أبناء قطاع غزة وحملة جوازات السفر الأردنية المؤقتة، في حين أن الشريحة الثانية تغطي غير الأردنيين، الذين ستبلغ الزيادة على فواتيرهم 10 دنانير بالحد الأقصى.
الخرابشة أضاف أن التعرفة الجديدة هي مجرد إعادة للهيكلة وأن المبالغ التي سيتم تحصيلها بموجبها ستوجه لدعم القطاعات الإنتاجية، على حد قوله.
في المقابل، رفضت لجنة الطاقة في مجلس النواب على لسان فراس العجارمة التعرفة الجديدة، ودعت النواب إلى رفض الموازنة في حال أصرت الحكومة عليها.
التعرفة الجديدة واجهت انتقادات حادة أيضا من قبل خبراء في الشأن الاقتصادي أيضا، إذ يقول الخبير الاقتصادي حسام عايش إن أهداف الحكومة تتلخص في ضمان الحصول على الإيرادات المرصودة في الموازنة السنوية.
وأضاف عايش أن الحكومة تراهن على أن بعض إجراءات التخفيف عن المواطنين تلعب دورًا مهمًا في تقليل الاعتراض على قرارات رفع أخرى، وهكذا فإن الحكومة تخفض التكاليف على المواطنين من جهة وترفعها من جهة أخرى.
الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون الطاقة، عامر الشوبكي، أوضح أن التعرفة الكهربائية الجديدة تعتبر إيجابية بالنسبة للقطاعات الإنتاجية والاقتصادية لكنها ستؤثر سلبا على العديد من شرائح القطاع المنزلي، إذ إنه لا يحق للمواطن امتلاك أكثر من عداد وفقا للنظام الجديد، كما أن الأعزب يعامل معاملة الأجنبي وتحسب عليه فاتورة الكهرباء بتعرفة غير مدعومة.
وأضاف الشوبكي أن التعرفة الجديدة تؤثر سلبًا على الطبقة الوسطى في حين أنها تخفف الكلف على الطبقة الغنية والبرجوازية ولا تؤثر على الطبقة الفقيرة.
الضغط الدولي وملف الطاقة
في عام 2016 وقعت شركة الكهرباء الوطنية اتفاقية مع شركة نوبل إنيرجي الأمريكية لبدء استيراد 40% من حاجة شركة الكهرباء من الغاز الطبيعي المسال والمستخرج من حقل ليفاتان البحري الفلسطيني المحتل.
الاتفاقية التي بدأ العمل بها مطلع عام 2020 قوبلت باعتراضات واسعة من قبل كافة أطياف المجتمع الأردني ومستوياته، إلا أن شركة الكهرباء الوطنية كانت قد قالت إن الاتفاقية ستخفض الكلف عليها وتحمي الأردنيين من أي ارتفاعات حادة في تعرفة الكهرباء، وهو ما لم يحدث، بدليل الزيادة المقترحة الأخيرة على التعرفة.
شركة الكهرباء التي كانت ديونها آنذاك قد تراكمت حتى بلغت نحو 25.05 مليار دينار أردني، أي ما نسبته 94% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام الأسبق، قالت إن الاتفاقية ستحقق وفورات تتجاوز 300 مليون دولار.
من جانبها، قالت وزارة الطاقة مؤخرا، بعد تصريح لرئيس الوزراء، بشر الخصاونة، ينفي فيه تقارير عن تدخلات من قبل البنك الدولي، إنه بموجب برنامج صندوق النقد الدولي، تلتزم الحكومة بخطة مدتها ثلاث سنوات، ابتداء من عام 2021، لتعديل تعرفة الكهرباء "لتحسين استهداف الدعم المقدم للأسر وخفض التكلفة العالية للكهرباء على الشركات"، وفق تعبيرها، لافتة إلى أن قطاع الكهرباء يشكل نحو 20% من الدين العام، بسبب تراكم ديون شركة الكهرباء الوطنية التي وصلت إلى حوالي 7.18 مليار دولار، وهو ما يعيد إلى الواجهة ملف ديون الشركة.
في هذا الخصوص، يقول مدير عام شركة الكهرباء الوطنية الأسبق، د. أحمد حياصات، إنه "من المفترض على الحكومة أن تتوصل إلى إجراء مجدٍ لمعالجة الوضع المالي الذي تعانيه الشركة حاليا وتخلصها من الالتزامات التي تتحملها من خسائر متراكمة ومن فوائد القروض السنوية."
ويبين أنه إذا لم يتم ترحيل هذه الديون بشكل كامل فإن المشكلة لن تحل حتى من خلال إعادة هيكلة التعرفة وزيادة سعرها، بحسب تأكيده.
من جانبه يقول مدير عام الشركة السابق، المهندس عبدالفتاح الدرادكة إنه "من اللازم ترحيل ديون الشركة بشكل كامل إما على الدين العام أو إنشاء شركة حكومية ذات مهام خاصة تتحمل هذه الديون"، كما يرى أن التعرفة الجديدة لم تحل أيضا مشكلة التشوه في هيكيلية أسعار الكهرباء، إذ إنها ما تزال مرتفعة على بعض القطاعات خصوصا بعض الشرائح المنزلية.
التعرفة غير المدعومة ستسري على اللاجئين
من المقرر أن تستثني الخطة الحكومية من التعرفة الكهربائية المدعومة غير الأردنيين من الوافدين والعمالة والمهاجرة واللاجئين، باستثناء اللاجئين السوريين المسجلين في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ومن الأسر الأكثر فقرًا، غير أنهم سيتمتعون بدعم التعرفة الكهربائية لمدة ستة أشهر فقط، بحسب تصريح لوزير الطاقة الأسبوع الماضي. ويبلغ عدد أسر اللاجئين المستفيدين من هذا الدعم بحسب الخرابشة زهاء 35 ألف أسرة، سيدفعون بعد انتهاء الفترة الاستئناثية بوفق التعرفة غير المدعومة.
اقرأ/ي أيضًا:
الأردن: مقتل ضابط وإصابة 3 أفراد بالجيش في اشتباك مع مهربين على الحدود السورية
الأردن: منظمات دولية ضغطت للالتفاف على أمر الدفاع 6 وطرد موظفين أردنيين