ألترا صوت – فريق التحرير
لم تكن عودة "معرض بيروت العربي الدولي للكتاب"، بعد 3 سنواتٍ على غيابه، وعلى عكس ما أراد منظموه، مناسبة للاحتفاء بعودة الحراك الثقافي إلى العاصمة اللبنانية بسبب ما شهده، منذ انطلاق فعاليات دورته الـ 63 مطلع آذار/ مارس، من توترات مختلفة مردّها ما وصفه البعض بـ "الهيمنة الإيرانية" على أجوائه.
تشير التوترات التي شهدها "معرض بيروت للكتاب" إلى رغبة "حزب الله" في فرض الثقافة التي ينتمي إليها على أجواء المعرض
معرض بيروت للكتاب.. أحداث غير مسبوقة بين ثقافتي الموت والحياة
اقرأ/ي أيضًا: "معرض بيروت للكتاب" في دورته الـ 63.. أقل من 100 ناشر
أثار الاعتداء على الشاب اللبناني استياء زوار المعرض، الذين يتفق معظمهم على أنه فقد هويته وملامحه في هذه الدورة، التي يرى البعض أن ما شهدته من توترات وإشكالات، وما يُعرض فيها من صور ومجسمات لشخصيات سياسية وعسكرية إيرانية، هو جزء من محاولات "حزب الله" لتغيير ملامح لبنان وطمس هويته الثقافية، بعد سيطرته على مفاصل الدولة.
واعتبر زوار المعرض، وغيرهم من اللبنانيين، أن "حزب الله" نجح في فرض أجوائه وثقافته على المعرض الذي لا يبدو، في نسخته هذه، معرضًا لبنانيًا عربيًا بقدر ما هو إيراني لا بسبب ارتفاع عدد دور النشر الإيرانية، مقابل غياب الناشرين العرب، وعرض مؤلفات ومنشورات إشكالية تروج لسياسات إيران في المنطقة، بل بفعل الشعارات والصور التي رُفعت في المعرض لشخصيات مثل قاسم سليماني، الذي يرتبط اسمه بجرائم حرب ومجازر في دول عربية مختلفة مثل سوريا واليمن والعراق.
تسببت هذه التوترات أيضًا في إلغاء عددٍ من الأنشطة الثقافية والفنية، من بينها ندوة لتكريم الكاتب والصحافي السوري الراحل رياض نجيب الريس (1937 – 2020)، كان من المفترض أن تُعقد في 11 آذار/ مارس الجاري بمشاركة خولة مطر، وفواز طرابلسي، وفواز حداد، ويوسف بزي، ويحيى جابر.
ورغم تأكيد إدارة المعرض أن الأخير مستمر في فتح أبوابه، وأن الإشكال انتهى، إلا أنه من المتوقع أن يشهد المعرض إلغاء المزيد من الأنشطة، ومقاطعة بعض المثقفين له على اعتبار أنه لم يعد يعبّر عن هوية لبنان وثقافته وأجوائه المنفتحة التي اتسمت بها دوراته السابقة.
وإلى جانب الإشكال الذي تسببت به صورة سليماني، شهد المعرض قبل أيام قليلة إيقاف حفلة موسيقية لفرقة "بيكار بيروت"، قبل ربع ساعة من ختامها، من خلالها قطع التيار الكهربائي عنها.
وأعادت مديرة "بيكار بيروت" هلا رمضان، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أسباب إيقاف الحفلة إلى انزعاج دور النشر الإيرانية من الموسيقى، الأمر الذي دفع أحد أعضاء "النادي الثقافي العربي"، الجهة المنظمة للمعرض، إلى التدخل من أجل إيقاف الحفلة بعد تهديدات الناشرين الإيرانيين بالانسحاب من المعرض.
تشير هذه الأحداث غير المسبوقة في تاريخ "معرض بيروت"، حسب ما تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المثقفين اللبنانيين، إلى رغبة "حزب الله" في فرض "ثقافة الموت" التي ينتمي إليها على أجواء المعرض، الذي من المفترض أن يعكس هوية لبنان الثقافية، بانفتاحها وتعددها وتنوعها، التي يسعى الحزب، حسب تعبيرهم، إلى استبدالها بثقافة الموت والقمع والإلغاء.
شهدت الدورة الـ 63 من "معرض بيروت للكتاب" توترات مردّها ما وصفه البعض بـ "الهيمنة الإيرانية" على أجوائه
وتطرح هذه التوترات وما ترتب عليها، تساؤلاتٍ مختلفة حول مستقبل المعرض وإمكانية مشاركة دور النشر العربية في دوراته القادمة، لا سيما أن هذه الدورة تقام في ظل غياب الناشرين العرب الذين لم تتضح بعد أسباب عدم مشاركتهم، ومقاطعة ناشرين لبنانيين بارزين مثل "الآداب"، و"الجديد"، و"هاشيت أنطوان – نوفل"، و"الساقي"، و"التنوير"، و"ضفاف".
اقرأ/ي أيضًا: المكتبات اللبنانية تعاني انخفاض المبيعات وانتشار الكتب المزوَّرة
يُذكر أن فعاليات الدورة الـ 63 من "معرض بيروت العربي الدولي للكتاب" قد انطلقت في 3 آذار/ مارس الجاري في مركز "سي سايد آرينا"، وسط العاصمة اللبنانية، وتتواصل حتى 13 من الشهر نفسه بمشاركة أقل من 100 ناشر، وتحت شعار "بيروت الصمود.. بيروت لا تنكسر".
اقرأ/ي أيضًا:
"معرض الدوحة الدولي للكتاب" يحتفي بمرور 50 عامًا على انطلاقه