منذ أن انطلقت معركة الفلوجة، غربي العراق، قبل أيام، توقع أكثر المتفائلين بأن هناك انتهاكات ستُرتكب ضد حقوق الإنسان، وهو ما جعل الحكومة العراقية وزعامات دينية عراقية تعيدان التأكيد على ضرورة أن يكون للإنسان الأولوية في العملية، لكن كل هذا لم يمنع البعض من القيام بانتهاكات ضد مدنيين عُزل.
قامت عناصر من الحشد في الأيام الأولى لعملية الفلوجة بتفخيخ المنازل الفارغة في قضاء الكرمة وتفجيرها، بحجة أن أصحابها تعاونوا مع تنظيم "داعش"
التخوف كان من قوات الحشد الشعبي التي تساند القوات الحكومية العراقية في المعركة، بسبب تجارب سابقة في محافظتي صلاح الدين وديالى، بالإضافة لذلك فإن قوات الحشد الشعبي غير مسيطر عليها بشكل كامل من قبل الحكومة العراقية، كما أن هناك فصائل مسلحة غير منضوية ضمن مؤسسة الحشد الشعبي، لكنهم يُحسبون عليها إعلاميًا وميدانيًا.
اقرأ/ي أيضًا: دعوة لحكومة وحدة وطنية..الأزمة تتصاعد في تونس
يوم أمس الأحد أطلق سراح 600 شخص كانوا قد احتجزوا لدى القوات الأمنية العراقية منذ فترة غير معروفة. اثنان منهم في حالة خطرة، وأربعة توفوا جراء التعذيب، والآخرون جميعهم في حالة صحية غير إيجابية.
وهناك أنباء تتحدث عن وجود حالات اختفاء قسري، فالحقوقيون المحليون في العراق غير قادرين على الحديث أو البحث أو التقصي من تلك المعلومات، لأن حياتهم وببساطة تكون في خطر.
البعض من قوات ضمن الحشد الشعبي غايته ثأرية، يعتقد وبحسب الصورة النمطية التي رُسخت في باله أن سُكان الفلوجة جميعهم ينتمي لتنظيم "داعش"، وهذا ما يجعله ينظر لهم بريبة وقلق، خاصة عندما يكون تحت تأثير موجات البث الدعائي الثأرية المتواصلة لقيادات الحشد الشعبي.
أما في قضاء الصقلاوية القريب من الفلوجة، فارتكب عناصر في الحشد الشعبي انتهاكات ضد الرجال المدنيين الذين نزحوا إلى القضاء، وقاموا بالاعتداء عليهم بالضرب والإهانات. بالإضافة لذلك قامت عناصر من الحشد في الأيام الأربعة الأولى لعملية الفلوجة بتفخيخ المنازل الفارغة في قضاء الكرمة وتفجيرها، بحجة أن أصحابها تعاونوا مع تنظيم "داعش".
اقرأ/ي أيضًا: 16 حادثًا طائفيًا في مصر بعد الثورة
يقول كريستوف ويلكي، وهو باحث في هيومن رايتس ووتش لمنطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن "داعش تتجاهل قوانين النزاع المسلح التي تهدف لحماية المدنيين، لكن القوات العراقية التي تقاتله لا تتحمل مسؤوليتها بحسب المعايير الدولية. آن الأوان ليضع العراق آليات أفضل لمساءلة أفراد هذه القوات، ليس لحماية السكان المدنيين فحسب، بل ولضمان ألا تثير الانتهاكات الجديدة الاستياء وتؤدي لظهور جماعات مشابهة لداعش".
تُساءل قوات الحشد الشعبي ويُطبق عليها القانون، باعتبارها قوات تابعة لمؤسسة الدولة العراقية، لكن في حقيقة الأمر غير مسيطر عليها بشكل كامل، بالعلاقة الوطيدة لقادتها واعتبار بعض عناصرها إيران ومرشدها الأعلى علي خامنئي "خط أحمر"، قد يزيد الانتهاكات، خاصة وأن هناك قيادات إيرانية حاضرة في المعركة وبشكل ميداني.
ويبدو أن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي غير جاد في محاسبة ومعاقبة المسيئين، وقد يكون مترددًا في الكشف بشكل حقيقي عن مرتكبي تلك الانتهاكات خشية أن تزداد عملية الفلتان أو أن تخرج بعض القوات من سيطرته.
هذه ليست المرة الأولى التي تحدث فيها انتهاكات في معارك يكون الحشد الشعبي جزءًا منها، بل هناك معارك سابقة في صلاح الدين وديالى، وقد تكون موجودة في معركة السيطرة على الموصل المنتظرة.
ويعلق كريستوف ويكلي على اعتبار الحشد الشعبي جزءًا من المؤسسة الحكومية العراقية، قائلًا: "نيل الاعتراف من الحكومة لا ينبغي أن يكون ثمنه الحرية في ارتكاب الاعتداء، بل الالتزام بقوانين الحرب وتطبيقها الصارم. وإلا سيبقى المدنيون العراقيون عالقين بين الإبادة الجماعية التي تنفذها داعش ومجرمي الحرب الذين يقاتلونها تحت لواء الدولة".
اقرأ/ي أيضًا: