23-أغسطس-2024
الكوليرا في السودان

انتشر وباء الكوليرا في السودان وحصد عشرات الضحايا (رويترز)

تتزايد الإصابات بوباء الكوليرا في السودان، ففي غضون أيامٍ قليلة أحصى مركز عمليات الطوارئ الاتحادية مئات الإصابات، وسجّل 27 حالة وفاةٍ بسبب المرض معظمها في ولاية كسلا شرقي البلاد.

ويتزامن انتشار الوباء مع تفاقم الأوضاع الانسانية بسبب الحرب والنزوح وانقطاع المساعدات بسبب الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على عددٍ من مناطق التوتر واللجوء التي تؤوي الفارين والنازحين.

هذا فضلًا عن معدلات الأمطار العالية والسيول التي أدت إلى انهيار آلاف المنازل وظهور عدد من الأمراض والأوبئة، حيث أعلنت وزارة الصحة عن وفاة 114 شخصًا وإصابة 281 آخرين إثر السيول والأمطار التي شهدتها ولايتا الشمالية ونهر النيل.

وقد استدعى هذا الوضع من نقابة أطباء السودان وصف الوضع الصحي بـ"الكارثي"، والقول إن "تجمّع المياه يولّد الذباب مما يؤدي إلى سرعة انتقال المرض".

يتزامن انتشار وباء الكوليرا في السودان مع تفاقم الأوضاع الانسانية بسبب الحرب والنزوح وانقطاع المساعدات بسبب الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع

وبحسب المتحدث باسم النقابة، سيد محمد عبد اللّه، فإنّ ثمّة "صعوبةً في الرصد الدقيق للحالات، إلى جانب توقف أكثر من 80% من المرافق الصحية"، مشيرًا إلى "تسجيل أكثر من 30 حالة وفاة بوباء الكوليرا"، مردفًا أنّ "نسبة الوفيات في تضاعفٍ ويتعرض الآلاف للموت مع انعدام تطعيم الأطفال وزيادة حالات سوء التغذية".

أمام وضعية الانتشار السريع للكوليرا ضاعفت السلطات السودانية من إجراءاتها الاحترازية، في محاولةٍ منها للحد من انتشار الوباء. وفي هذا الصدد أعلن مركز الطوارئ التابع لوزارة الصحة السودانية عن "إرسال فرقٍ اتحادية لمحليتيْ خَشْم القربة وودْ الحليو في كسلا للوقوف على الأوضاع الصحية، والإعداد لتحرك فريقٍ ثالث إلى ولاية القضارف شرقي البلاد".

وتعدّ كسلا أكثر ولايات السودان تضررًا، حيث كشف مدير عام وزارة الصحة بهذه الولاية، علي آدم، عن "تسجيل أكثر من 300 حالة إصابة بالكوليرا و20 حالة وفاة، وتأثر عدد من المحليات بنسبة تجاوزت 50% إلى جانب حالات اشتباه وأخرى مؤكدة بالفحص المعملي".

 ومع ذلك يصف المسؤول السوداني "الوضع الوبائي بالمستقر"، معتبرًا أنّ الجهات الصحية "تتعامل بالطرق العلمية وبالتنسيق مع الجهات المختصة، مع وجود مراكز عزل في المناطق التي ينتشر فيها الوباء"، لافتًا  إلى استخدام عنابر غير مخصصة للعزل مما أحدث "فجوةً كبيرة"، مؤكدًا وجود حاجةٍ لغرف عزل خاصّة بوباء الكوليرا "لأن ولاية كسلا تشهد، بين وقتٍ وآخر، انتشار عددٍ من الأمراض".

يشار إلى أنّ تحالف القوى المدنية لشرق السودان نقل عن مصادر طبية قولها إن "معدلات انتشار وباء الكوليرا في محلية ودْ الحليو بكسلا في تزايدٍ مستمر وإن السلطات فشلت في توفير المساعدات اللازمة لمواجهة الوباء رغم مرور أكثر من شهر على ظهور حالات إصاباتٍ مؤكدة".

غير بعيدٍ من كسلا تأثرت القضارف شرقي السودان أيضًا بوباء الكوليرا، وبحسب مدير الصحة والتنمية الاجتماعية بالقضارف أحمد الأمين آدم فقد تم فتح مراكز عزلٍ في عدد من المحليات التي استقبلت بعض الحالات وتم اتخاذ التدابير الصحية اللازمة مؤكدًا، هو الآخر أن الأوضاع "تحت السيطرة".

وأضاف أحمد الأمين آدم أنه "اتُخذت الاحتياطات اللازمة من تنقية المياه ومكافحة النواقل وتعزيز الصحة، وذلك في إطار دور الوزارة في عملية مكافحة الأوبئة والاستعداد المبكر ونتيجةً لبعض الحالات القادمة من محلية ود الحليو كسلا وللأوضاع الصحية في القضارف" على حد تعبيره.

ودعا الأمين آدم "المنظمات والشركاء إلى مساعدة وزارة الصحة في القضارف، وكشف عن إطلاق حملة مطلع الأسبوع المقبل في هذه الولاية لتعزيز الصحة ومكافحة نواقل الأمراض".

الخطر البيئي

يشهد السودان تدهورًا بيئيًا كبيرًا بسبب الحرب التي استهدفت كل المجالات الخدمية خاصةً الصحية منها، وبحسب الأمين العام للمجلس الأعلى للبيئة، بشرى حامد أحمد، فقد تمّ "تدمير معظم المستشفيات والمعامل ومخازن اللقاحات والدواء، وتوقفت عمليات خدمات البيئة، واكتظت المدن الآمنة بأعداد من المواطنين دون مراعاة الاحتياطات الصحية".

ويضيف الأمين العام للمجلس الأعلى للبيئة قائلًا: "انعدام المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي يُعزّز من انتشار الإسهالات المائية، إضافةً إلى انعدام الموارد المالية لمجابهة الأزمة والأدوية والمعامل مما فاقم من انتشار وباء الكوليرا". فالأوضاع الحالية تزيد "من تفشي الأوبئة في ظل ضعف النظام الصحي وغياب فاعلية المجتمع الدولي" على حد تعبير المسؤول البيئي السوداني.