25-مارس-2020

غزت الإشاعات وسائل التواصل الاجتماعي اللبنانية بشأن كورونا (أ.ف.ب)

نشر موقع إلكتروني لبناني مقطع فيديو لرجل يقدّم نفسه على أنه طبيب عربي، يقول فيه إنّه اكتشف دواءً لفيروس كورونا، وأنّ اكتشافه الجديد سيدهش العالم في الأيام المقبلة. الاكتشاف المزعوم هذا سينضم إلى عشرات الاكتشافات وطرق معالجة الكورونا التي انتشرت على وسائل التواصل ومجموعات الواتساب في لبنان. وفيما يواصل القسم الأكبر من اللبنانيين احتجاز أنفسهم في منازلهم خوفًّا من التقاط  كورونا، تكثر الشائعات والمعلومات الخاطئة والمغلوطة حول هذا الفيروس، الأمر الذي يؤثر سلبًا على الخطط الموضوعة لاحتوائه.

في ظل عدم وجود آليات في لبنان لملاحقة مطلقي الأخبار الزائفة، وفي ظل التخبط في وسائل التواصل، يبدو أن الشائعات ستستمر في الانتشار في لبنان

وتساهم عوامل عديدة في تفشّي هذه الشائعات، كالترجمة الخاطئة للأخبار عن المواقع الأجنبية، أو رغبة البعض في إثارة البلبلة واللغط لأسباب مختلفة، كتحقيق مكاسب مادية، أو الإساءة والتشهير بالآخرين، في ظل غياب آليات لدى السلطات اللبنانية لضبط هذه الأخبار، أو ملاحقة مطلقيها.

اقرأ/ي أيضًا: امتثال وتمرد.. هل يتجاوز المغرب أزمة كورونا بإعلان الطوارئ؟

قبل وصول فيروس كورونا إلى لبنان، وفيما كان العلماء والأطباء حول العالم منكبّون على البحث عن دواء أو لقاح له، كان اللبنانيون يطلقون النكات حول عشبة اليانسون، والادّعاءات حول قدرتها على الشفاء أو الوقاية من فيروس كورونا.  المفاجأة أتت بعد إعلان وزير الصحة عن أول إصابة مسجّلة، قبل شهر تقريبًا، حيث تهافت اللبنانيون إلى محال الحبوب والأعشاب لشراء اليانسون حتى انقطع من الأسواق. النكتة تحولت إلى حقيقة إذًا، لسان حالهم في ذلك: "لن نخسر شيئًا في النهاية". وبعد حوالى أسبوع من تسجيل الحالة الأولى في لبنان، ومع ارتفاع عدد الحالات إلى أكثر من عشرة، انتشرت أخبار عن وصول دواء إيراني إلى بيروت، قادر على شفاء المصابين بالفيروس. الدواء المزعوم كان حديث الناس في بعض المناطق في الأيام التالية، ممزوجًا بالإعجاب الكبير بالقدرات العلمية الإيرانية، قبل أن يتبيّن لهم لاحقًا أن الخبر لا أساس له من الصحة.

تغريدة واحدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تحدّث فيها عن فعالية دواء Hydroxychloroquine في التقليل من خطر الإصابة في الكورونا، جعلت مئات اللبنانيين يهرولون إلى الصيدليات لشرائه، ما أدى إلى انقطاعه من معظمها بعد ساعات قليلة. أوضحت جهات طبية أمريكية لاحقًا أن تغريدة ترامب ليست دقيقة ومتسرّعة. وزارة الصحة عادت وحذرت المواطنين من التهافت على شراء الأدوية، خاصة في ظل عدم وجود أية إشارات أو أدلة على وجود أدوية أثبتت فعاليتها في وجه الكورونا حتى الآن، كما نبّه المكتب الإعلامي لوزير الصحة العامة حمد حسن من أنه "على الرغم من النتائج المشجعة عالميًا لدواء Hydroxychloroquine في علاج المرضى المصابين بفيروس كورونا، تبقى للدواء مفاعيل طبية ضارّة عند الاستخدام غير المراقب طبيًا".

وفيما كانت وسائل الإعلام والناشطون والمنظمات الصحية في لبنان، يدعون المواطنين للبقاء في منازلهم، خاصةً بعد ورود أخبار انتشار الفيروس بشكل مخيف في دول كإيطاليا وإيران وغيرها، بدون أن تنجح هذه الدعوات في إقناع جميع المواطنين في ذلك، ظهرت طرفة على وسائل التواصل تقول إن "الكورونا يؤدي إلى عجز جنسي"، الهدف منها إقناع المواطنين بالبقاء في منازلهم بطريقة ساخرة، وهي مستوحاة من العبارة الشهيرة "التدخين يؤدي إلى عجز جنسي". لكن الغريب أن أحدهم قام بإعادة تحويرها في اليوم التالي لتصبح: "الصين تؤكد أن كل الذين تعافوا من الفيروس يعانون عجزًا جنسيًا". انتشرت المعلومة كالنار في الهشيم وتم التعاطي معها بشكل جدّي، بالرغم من غياب أي مصدر موثوق وعلمي للخبر.

بالإضافة إلى أخبار العلاجات والعقاقير الكاذبة، شهدنا في لبنان تداول أخبار غير صحيحة حول أعداد الإصابات وخريطة توزعها. يتم مثلًا نشر صورة قديمة لسيارة إسعاف في أحد الشوارع، تحت عنوان تسجيل حالة كورونا في الشارع، الأمر الذي يخلق حالة هلع بين المواطنين. ناهيك عن الإشاعات حول الكمّامات وأنواعها، وأدوية التعقيم ومدى فعاليتها. وهي إشاعات هدفت في معظمها إلى تحقيق ربح مالي.

تساهم عوامل عديدة في تفشّي هذه الشائعات، كالترجمة الخاطئة للأخبار عن المواقع الأجنبية، أو رغبة البعض في إثارة البلبلة واللغط لأسباب مختلفة، كتحقيق مكاسب مادية، أو الإساءة والتشهير بالآخرين

في ظل عدم وجود آليات في لبنان لملاحقة مطلقي الأخبار الزائفة، وفي ظل التخبط في وسائل التواصل، يبدو أن الشائعات ستستمر في الانتشار في لبنان. فيما تقع المسؤولية بشكل أساسي على مروجي الأخبار وناشريها، المطالبين بالوعي والدّقة، والتحقّق مما ينشرونه، في ظل الظرف الدقيق الذي يواجهه لبنان والعالم بأسره.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

كورونا في الشرق الأوسط.. تداعيات اقتصاديّة "مريرة" وترقّب للأسوأ

نجوم الدراما السورية في زمن الكورونا.. "حولينا.. ما علينا"!