"هذا كل شيء، أردت أن أقول إن الأمر انتهى، لقد انتهى الامر بعد الكثير من الوقت والكثير من المعاناة، ففي ذلك اليوم تغيّر كل شيء بالنسبة لي، لقد حققت ما كنت أحلم به طوال مسيرتي، نمت مرتاحًا، وشعرت بأنني فعلت كل شيء، من أجل لحظة الفوز بكأس العالم تلك"، عادة ما تسعى وسائل الاعلام واللاعبين على حد السواء لشحن لحظات الانتصار بروايات عاطفية توثق الانجاز، وترسمهُ ذكرى خالدة في قلوب المشجعين للأبد.
هنا يبدو الأمر مختلف قليلاً، فعُمر الكلمات المذكورة بالأعلى لم يتجاوز الـ24 ساعة، فبعد حوالي الشهر والنصف قرر أخيرًا، بطل رواية كأس العالم قطر 2022، الأرجنتيني ليونيل ميسي، أن يفتح قلبه لمجاهرة الرأي العام بدواخل ألابت فضول الناس، لكنه كتمها بخلده حتى يتبين له الغث من الثمين.
فصول رواية البرغوث الأرجنتيني مع كأس العالم اختارت لها من الشعر مزيجًا بين البحر الطويل والوافر، ومن النثر عقدة لكل حل، وانفراج لكل تأزم، فكانت الصورة النهائية مختصرة بقبلة نابضة بالحياة، أُسدل وراءها ستار العرض، مخفيًا معه أشد اللحظات هزجًا، غموضُ القبلة وحواراتها ظل يُراود خيال المتفرجين عن نشوةٍ و ذروةٍ لم يصلوها، حتى أتى البيان من البطل نفسه، وقال " لقد نادتني وقالت لي تعال بإمكانك الآن الإمساك بي، وأن تلمسني، لذا ذهبت إليها فورا وقبلتها، لقد كانت متألقة وجميلة في الملعب " .
رحلة الوصول للقبلة، كانت مدفوعة بالإيمان، ومليئة باليقين، فوفقًا لقول البرغوث أن لكل ثقة قوة تحميها، "لقد قلتها ذات مرة أعتقد أن هذا كان قبل 2014، قلت إنني كنت أعرف أن الله سيمنحني كأس العالم، ثم جاءت البرازيل وكنا قريبين جدًا، كنت آسفًا جدًا بعدها، لكن كان لدي شعورًا أنه كان يعرف ما سيأتي، وأعتقد أنه كان ينتظر اللحظة فقط "، أما عن الثقة في الزملاء قال، " قبل الركلة الحاسمة نظرت إلى السماء ودعوت الله أن ينجح مونتيل في تسجيلها، حتى لا نعاني ".
أما عن الجزء الغث من القصة، وأشده توترًا، والمتعلق بأحداث المباراة الشهيرة بالربع النهائي أمام هولندا، فلكل جواد كبوة، ولكل كبوة استدراك، لذلك أقر ميسي بأن تصرفاته خلال تلك المباراة لم تكن موفقة، مشيرا إلى أنه ليس راضيًا عما حدث، " كان احتفالي أمام فان غال عفويًا، وفعلت ذلك بعدما أخبرني زملائي بما قاله المدرب الهولندي قبل المباراة، في الحقيقة لقد رأيت ما فعلته، لم يعجبني ما بدر مني، لكنه كان ردًا تلقائيًا في ذلك الوقت الذي خيّم عليه التوتر والمشاحنات ".
يذكر أن ميسي احتفل بطريقة مستفزة أمام مدرب المنتخب الهولندي فان غال بعد تسجيله الهدف الثاني بوضع يديه خلف أذنيه، وهي الطريقة التي اعتاد مواطنه خوان ريكلمي الاحتفال بها، والذي كان على خلاف قوي مع في الماضي بسبب مشاكل في فترة تواجدهما ببرشلونة الإسباني، وفي خصوص هذا الجدل الذي أثار الكثير من اللغط حينها، خرج ريكلمي بنفسه خلال الأيام الفارطة لتوضيح موقفه من الأمر، فقال لوسيلة إعلام أرجنتينية، " أعتقد أن فان خال ذكر ميسي قبل المباراة، لقد كانت تصريحات فان خال ضدنا إيجابية لنا، ببساطة لأنها أثارت غضب ميسي ودفعته لفعل كل شيء من أجل الفوز ".