قاد المدرّب الإسباني تشابي ألونسو نادي باير ليفركوزن للفوز بلقب الدوري الألماني لأول مرة في تاريخه، بفوزه مساء الأحد على فيردير بريمين بخمسة أهداف دون رد، ضمن المرحلة الـ29 في الدوري الألماني.
باير ليفركوزن حقق اللقب قبل 5 جولات من ختام البوندسليغا، لينهي احتكار بايرن ميونيخ للقب الذي دام 13 موسمًا متتاليًا، بدءًا من موسم 2012-2013، وختامًا بموسم 2022-2023، والذي أحرزه في الرمق الأخير على حساب بوروسيا دورتموند.
قبل بداية الدوري الألماني لموسم 2023-2024، طُرح سؤال شغل بال الجميع في ألمانيا خلال السنوات الماضية: من سيوقف قطار بايرن ميونيخ؟
أكثر الترشيحات مالت نحو فريق بوروسيا دورتموند، الذي كان آخر الفرق التي فازت بلقب البوندسليغا قبل احتكار البايرن للمسابقة، حيث حقق اللقب في موسم 2011-2012، وكان ندًّا حقيقيًا للنادي البافاري في السنوات القليلة السابقة.
مُحيت عبارة "باير نيفركوزن" من قاموس كرة القدم، وحلّ محلّها عبارة "بايرنيفرلوسكوزن" أي باير ليفركوزن الذي لا ينهزم
كذلك انصبت بعض الترشيحات نحو نادي لايبزيج، هذا الفريق الذي فرض نفسه في السنوات الأخيرة بالدوري الألماني، وصار من الأندية التي تشارك بشكل شبه دائم في دوري أبطال أوروبا، وصفع بايرن ميونيخ في بداية الموسم حينما هزمه في بطولة السوبر الألماني.
لكن القليلين توقعوا أن يظفر باير ليفركوزن بلقب الدوري الألماني، ومع ذلك تم وضع الفريق في خانة المرشحين على المنافسة، خصوصًا بعد الأداء المميز الذي قدمه المدرب تشابي ألونسو مع الفريق، والذي أتى إليه في منتصف الموسم الماضي تقريبًا، ليصل به إلى نصف نهائي الدوري الأوروبي.
عقدة ليفركوزن وعار الـ "نيفركوزن"
باير ليفركوزن أصبح مثالًا للنحس الذي يلازم الفرق، حيث فشل في تحقيق بطولة الدوري الألماني في تاريخه الممتد لـ120 عامًا، ويحمل الرقم القياسي لعدد مرات بلوغ المركز الثاني في الدوري الألماني دون التتويج باللقب.
أوّل مرّة نال فيها باير ليفركوزن وصافة الدوري الألماني كانت في موسم 1996-1997، وقتها أنهى بايرن ميونيخ المسابقة بطلًا، بفارق نقطتين فقط عن باير ليفركوزن، حيث تعثر النادي بالمرحلة قبل الأخيرة حينما خسر أمام كولن، وحينها ضمن البايرن الفوز ببطولة الدوري الألماني.
تكرر الأمر في موسم 1998-1999، وقتها فشل بايرن ليفركوزن أيضَا في التتويج بلقب الدوري الألماني، ومرة أخرى كان بايرن ميونيخ بطلًا للمسابقة، ولكنه أنهى البطولة بفارق مريح بلغ 15 نقطة عن ليفركوزن الوصيف.
إلا أن موسم 1999-2000 كان قاسيًا للغاية بحق نادي باير ليفركوزن، فقد كان قريبًا جدًا من تحقيق اللقب لأول مرة في تاريخه، لأن باير ليفركوزن دخل الجولة الأخيرة وهو يبتعد عن ملاحقه بايرن ميونيخ بفارق 3 نقاط، ما يعني أن التعادل مع منافسه المتواضع أونترهاتشينغ سيكون كافيًا للتتويج باللقب، لكن الصدمة أتت حينما هُزم ليفركوزن بهدفين دون رد، وفي الوقت نفسه فاز البايرن على فيردير بريمين، وتوّج ببطولة الدوري الألماني بفارق الأهداف.
ظنّ مشجعو ليفركوزن أن هذه المشاهد السوداوية التي عاشوها ستنتهي في الموسم التالي 2001-2002، لكنّ القادم كان أقسى بكثير، فقد كان متبقياً على ختام البوندسليغا 4 مراحل فقط، ولا يحتاج باير ليفركوزن سوى 5 نقاط من 12 محتملة كي يحرز بطولة المسابقة، لكن في ظهيرة الـ13 من نيسان عام 2002 تعادل الفريق مع هامبورغ، وبقيت 3 مباريات لا يحتاجون منها سوى 4 نقاط، إلا أن باير ليفركوزن بشكل مفاجئ أمام فيردير بريمن 1-2 ونورنبيرغ 1-0، وأضاع اللقب منه بفارق نقطة واحدة عن بوروسيا دورتموند رغم فوزه بالمباراة الختامية.
ضاع لقب الدوري الألماني على باير ليفركوزن، وكان العزاء بالفوز بكأس ألمانيا، لكن الفريق خسر النهائي أمام شالكه بهدفين لأربعة، ومن بعد ذلك بأيام كان على ليفركوزن خوض نهائي دوري أبطال أوروبا ضد ريال مدريد، وتعرفون وقتها ماذا حدث، سجل زين الدين زيدان هدفًا أسطوريًا جعل ريال مدريد بطلًا للمسابقة، وحرم ليفركوزن من بطولة هي الأولى له في دوري الأبطال. لتتحول أحلام التتويج بثلاثية تاريخية إلى كوابيس.
آخر محاولات باير ليفركوزن الفاشلة في التتويج بلقب الدوري الألماني كانت في موسم 2010-2011، وقتها فاز بوروسيا دورتموند باللقب، بفارق 7 نقاط عن باير ليفركوزن الوصيف، ليصبح حلم التتويج بلقب البوندسليغا بعيد المنال ولو بعد حين.
من "نيفركوزن" إلى "نيفرلوسكوزن"
دخل باير ليفركوزن بقيادة مدربه تشابي ألونسو موسم 2023-2024 وأمامه تحديات كبيرة، عليه المنافسة على 3 بطولات، الدوري الألماني وكأس ألمانيا والدوري الأوروبي، وكانت أولى مبارياته في الدوري الألماني أمام لايبزيج، وقتها كان لايبزيج محط أنظار الجميع، بعدما هزم بايرن ميونيخ بثلاثية مدوية في مباراة السوبر الألماني.
لكن باير ليفركوزن قدّم أوراق اعتماده في افتتاح مبارياته أمام لايبزيج، وهزم ضيفه بثلاثية لهدفين، ومن بعد ذلك تصاعد مستواه بشكل أرعب جميع الفرق فهزم مونشنغلادباخ في عقر دارهم بثلاثية دون رد، واكتسح ضيفه دارمشتات بخماسية، ليأتي وقت الحقيقة بملاقاة بايرن ميونيخ في قمة الدوري الألماني، وهنا توقع الكثيرون أن البايرن سيضع باير ليفركوزن عند حدّه، إلا أن كتيبة تشابي ألونسو رفضت الهزيمة، واقتنصت تعادلًا مثيرًا جعلها وحيدة في صدارة الدوري الألماني.
بعد التعادل مع بايرن ميونيخ، أنجز باير ليفركوزن سلسلة انتصارات غير مسبوقة، حقق فيها الفوز في 13 مباراة متتالية بجميع المسابقات، سواء كان ذلك في الدوري الأوروبي أو الدوري الألماني أو كأس ألمانيا، قبل أن تتوقف تلك السلسلة بالتعادل مع بوروسيا دورتموند، لكن سلسلة عدم الهزيمة بقيت مستمرة.
وفيما يخص مسابقة الدوري الأوروبي، حقق باير ليفركوزن العلامة الكاملة في مرحلة المجموعات، محققًا الفوز ذهابًا وإيابًا على جميع منافسيه، وكاد أن يتعرض لخسارته الأولى في دور الـ16 لهزيمته الأولى بالموسم، حينما تعادل مع كاراباغ الأذربيجاني بهدفين لمثلهما في باكو، وتأخر بهدفين لواحد في ملعبه، لكنّ الوقت بديل الضائع منحه هدفين قلب بهما المعطيات، وحوّل هزيمته إلى فوز تاريخي، كما وضع النادي الألماني قدمًا له في نصف النهائي، بعدما تفوّق في ربع النهائي على ويستهام يونايتد بهدفين دون رد.
كلّ ذلك يحدث وباير ليفركوزن يكتسح جميع من يصادفهم في الدوري الألماني، فقبل مواجهة فيردير بريمين كانت كتيبة تشابي ألونسو حققت 9 انتصارات متتالية بالدوري الألماني، منها فوز كبير على بايرن ميونيخ حامل اللقب بثلاثية نظيفة، ليأتي الفوز العاشر تواليًا على نادي فيردير بريمين بنتيجة 5-0، ويمنح الفريق بطولة الدوري الألماني لأول مرة في تاريخه.
باير ليفركوزن بقيادة المدرب تشابي ألونسو لعب في موسمه حتى الآن 43 مباراة في جميع المسابقات، ولم يخسر في أي منها، وهو رقم قياسي غير مسبوق في الدوريات الأوروبية الكبرى بالقرن الحالي، والرقم مرشح للزيادة، والأهم من كل ذلك أنه لم يعد ذاك الفريق الذي يسخر منه الجميع بسبب عدم تحقيقه للألقاب.
لقد مُحيت عبارة "باير نيفركوزن" من قاموس كرة القدم، وحلّ محلّها عبارة "بايرنيفرلوسكوزن" أي الذي لا ينهزم، وربما يتعرض الفريق لهزيمة ما فيما تبقى له من مباريات هذا الموسم، لكنّ الأهم من كلّ ذلك أنه حقق أخيرًا لقب الدوري الألماني، وهو في طريقه لتحقيق ثلاثية تاريخية، حيث سيلاقي كايزر سلاوترن في نهائي كأس ألمانيا، وهو مرشح فوق العادة لنيل اللقب، كذلك سينافس بشراسة على لقب بطولة الدوري الأوروبي، والذي بات قريبًا جدًا فيها من بلوغ نصف النهائي.