الترا صوت – فريق الترجمة
أظهر تحليل شامل لانبعاثات غاز ثنائي أكسيد الكربون منذ بداية الثورة الصناعية حتى الآن الدول التي تتحمل المسؤولية الأكبر تاريخيًا عن أزمة المناخ التي نعيشها. وفقًا للتحليل الذي نشرته مجموعة الأبحاث Carbon Brief تتحمل الولايات المتحدة مسؤولية أكبر نسبة من انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون منذ 1850 حتى يومنا هذا.
أظهر تحليل شامل لانبعاثات غاز ثنائي أكسيد الكربون منذ بداية الثورة الصناعية حتى الآن الدول التي تتحمل المسؤولية الأكبر تاريخيًا عن أزمة المناخ التي نعيشها
وتوصلت الدراسة إلى أن الولايات المتحدة أطلقت 509 جيجا طن من ثنائي أكسيد الكربون منذ سنة 1850 حتى الآن، ما يمثل حوالي 20% من الناتج الإجمالي العالمي. تلتها الصين بنسبة 11%، ثم روسيا (7%) والبرازيل (5%) وإندونيسيا (4%). فيما ساهمت ألمانيا والمملكة المتحدة على التوالي بنسب 4% و 3% من إجمالي الناتج العالمي، على الرغم من أن هذه النسب لم تشمل الانبعاثات التي أنتجت في الخارج في ظل الحكم الاستعماري.
تضمنت البيانات الواردة في موقع Carbon Brief لأول مرة، الانبعاثات الناتجة عن تدمير الغابات والتغيرات الأخرى الناتجة عن استخدام الأراضي بالإضافة إلى حرق الوقود الأحفوري. غيرت هذه المعلومات الإضافية مراكز الدول العشر الأولى مقارنة بالبيانات المنشورة سنة 2019.
كما سلطت الدراسة الضوء على حقيقة أن العالم قد تخطى الآن 85% من مستويات انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون التي من شأنها أن تتيح فرصة للحد من ارتفاع الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وهو أكثر أهداف اتفاقية باريس 2015 طموحًا.
تؤكد هذه النتائج حاجة البلدان الملوثة إلى إزالة الكربون جذريًا وعاجلًا من اقتصاداتها لمواجهة حالة الطوارئ المناخية. وتعرض رؤساء وحكام العالم اليوم لضغوط هائلة لتنفيذ هذه الإجراءات في قمة المناخ القادمة COP 26 التي ستعقد في غلاسكو، اسكتلندا الشهر المقبل.
أهمية المسؤولية التاريخية
يشير موقع Carbon Brief إلى أن المسؤولية التاريخية عن تغير المناخ تشكل لب النقاش حول العدالة المناخية اليوم. لأن الكمية التراكمية من انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون منذ 1850 ترتبط ارتباطًا وثيقًا بارتفاع الحرارة لـ 1.2 درجة مئوية.
وهناك علاقة مباشرة بين إجمالي انبعاث ثنائي أكسيد الكربون الناتجة عن النشاط البشري وحدة الاحتباس الحراري. بالإضافة إلى أن هناك فارقًا زمنيًا يفصل بين انبعاث ثنائي أكسيد الكربون وارتفاع درجة الحرارة الناتج عنه، مما يعني أن ثنائي أكسيد الكربون الذي انبعث منذ مئات السنين مازال يساهم في ارتفاع درجة حرارة الكوكب حتى اليوم.
ونتيجة لذلك، ناشدت الدول منخفضة الدخل التي تكافح لحماية نفسها من الانهيار المناخي، البلدان التي اغتنت نتيجة لاستخدام الوقود الأحفوري على تقديم مساعدات مالية، قائلة ان هذه الدول تتحمل الآن المسؤولية الأكبر. وكرر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش هذه الدعوة قائلًا، إن الدول ذات الدخل المرتفع يجب أن تأخذ زمام المبادرة. بينما أثارت الناشطة السويدية في مجال المناخ غريتا تونبريدج مؤخرًا قضية المسؤولية التاريخية.
وقالت تونبريدج عبر تويتر متحدثة عن تصنيفات Carbon Brief لعام 2019، والتي تصدرت فيها الولايات المتحدة قائمة الدول الأكثر إنتاجًا لانبعاثات ثنائي أكسيد الكربون منذ عام 1750 إن "وجود الولايات المتحدة الأمريكية في قائمة أكثر الدول الملوثة تاريخيًا لا يخدم محاولتها تصدير نفسها رائدة في مجال حماية البيئة".
ووعد الرئيس الأمريكي جو بايدن الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي بأنه سيعمل مع الكونجرس لمضاعفة الأموال المخصصة لمساعدة الدول منخفضة الدخل في التعامل مع أزمة المناخ لتصبح 11.4 تريليون دولار بحلول 2024.
قوبل هذا الإعلان بالترحيب من قبل البعض باعتباره خطوة على طريق تحقيق هدف عالمي قديم يتمثل في تخصيص 100 مليار دولار سنويًا لدعم الجهود المناخية في الدول منخفضة الدخل بحلول عام 2020. ويقول النقاد إن المبلغ الذي تعهد به بايدن قليل جدًا مقارنة بما تدين به الولايات المتحدة تاريخيًا.
وأصدر علماء المناخ العالميون في 9 من أغسطس/آب، تحذيرات بخصوص أزمة المناخ المتفاقمة أشاروا فيها إلى أن هدف الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية سيكون بعيد المنال في العقدين المقبلين، دون خفض فوري وسريع وواسع لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
الكربون مقابل السكان
قام التحليل الذي نشرته Carbon Brief، التي تمولها مؤسسة المناخ الأوروبية، بمقارنة مستويات الانبعاثات في كل دولة بتعداد السكان فيها، مما أدى إلى تراجع ترتيب دول مثل الصين والهند لارتفاع عدد سكانها. اتبعت مجموعة البحث في تقييمها لحجم الانبعاثات التراكمية مقابل السكان نهجين مختلفين، قدم كل منهما نتائج مختلفة.
يقوم النهج الأول بتقييم الانبعاثات المناخية للبلد كل عام وتقسم على عدد السكان الذين يعيشون في البلد في ذلك الوقت. مما من شأنه بحسب ما جاء في التقرير إلقاء مسؤولية ما حدث في الماضي على عاتق من هم على قيد الحياة اليوم. أما النهج الثاني فيقوم على الأخذ بنصيب الفرد من الانبعاثات في كل عام وجمعها تراكميًا مع مرور الوقت، مع إعطاء وزن متساوٍ للسكان في الماضي والحاضر.
في النهج الأول، تمثل كندا والولايات المتحدة وإستونيا، البلدان الثلاثة الأولى من حيث الانبعاثات التراكمية منذ عام 1850 وحتى عام 2021. وتحتل نيوزيلندا وكندا وأستراليا المراكز الثلاثة الأولى في نصيب الفرد من الانبعاثات التراكمية في النهج الثاني.
غياب دول مثل الصين والهند والبرازيل وإندونيسيا مثير للاهتمام عند حساب الانبعاثات التراكمية للدول العشرين الأولى مقارنة بحجم السكان
غياب دول مثل الصين والهند والبرازيل وإندونيسيا مثير للاهتمام عند حساب الانبعاثات التراكمية للدول العشرين الأولى مقارنة بحجم السكان. ويشير التحليل إلى أن هذه الدول الأربع تضم 42% من سكان العالم، ولكنها أنتجت 23% فقط من حجم الانبعاثات التراكمية لثنائي أكسيد الكربون من عام 1850 إلى 2021.