10-أكتوبر-2024
نازحون لبنانيون وصلوا إلى العراق (AFP)

نازحون لبنانيون وصلوا إلى العراق (AFP)

لم يقتصر نزوح اللبنانيين الهاربين من القصف الإسرائيلي الشديد على مدن وبلدات جنوب وشرق لبنان، إلى مناطق أكثر أمنًا داخل لبنان، بل تعدى ذلك إلى مناطق خارج لبنان، من بينها مدينة كربلاء في العراق، التي وصلتها عائلات لبنانية فقدت كل شيء.

وجرت العادة أن يزور آلاف الحجاج اللبنانيين سنويًا مدينة كربلاء، لإحياء ذكرى أربعين مقتل الإمام الحسين، حفيد النبي محمد. وفي تلك الفترة يفتح سكان المدينة منازلهم للزوار ويقدمون لهم الطعام. وبعد أن كان يزورها خلال ذكرى مقتل الإمام الحسين، وصل كامل صفي الدين، إلى كربلاء هربًا من العدوان الإسرائيلي على بلاده، وقال لوكالة "فرانس برس"، إنه اختار المجيء إلى كربلاء "لما لمسه فيها من حسن الضيافة والخدمات الجيدة خلال ذكرى الأربعين".

يزور آلاف الحجاج اللبنانيين سنويًا مدينة كربلاء، لإحياء ذكرى أربعين مقتل الإمام الحسين، حفيد النبي محمد

ويشير الشاب، الذي كان يعمل محاسبًا في شركة لبيع الأجهزة الكهربائية، إلى أنه وصل قبل أسبوع إلى كربلاء، بعد سماعه أن "الناس هنا فتحوا منازلهم مجددًا أمام الزوار"، موضحًا أنه لم يعد يتحمل القصف في لبنان، والذهاب إلى سوريا غير آمن، بسبب الأوضاع غير المستقرة أيضًا.

بدوره، يتحدث جلال عاصي، وهو في الأربعينات من العمر، بأنه نزح من جنوب لبنان بعد خمسة أيام من الغارات الإسرائيلية المتواصلة، وقال: "وصل القصف قرب بيتنا، إلى منزل جيراننا الملاصق لمنزلنا. عندها قررنا أن نرحل". ويضيف الرجل، وهو جالس في إحدى باحات مجمع مزروعة بالأشجار، "استهدف القصف المعادي بيوت مدنيين، وحصلت مجازر وسقط شهداء في بلدتنا".

ونزح عاصي في المرحلة الأولى مع أسرته إلى بيروت، التي لم تسلم كذلك من القصف، لكنه أشار إلى أنهم لم يجدوا مكانًا، لذا قرروا السفر إلى العراق، الذي يقدم تسهيلات لسفر اللبنانيين. ومع ذلك، يتمنى عاصي، أن تهدأ الأمور ويعود الأمن والأمان إلى لبنان، ليتمكن من العودة.  

من جهتها، تروي رشا نصر الدين، كيف نزحت أولًا من مدينة النبطية الجنوبية إلى ضاحية بيروت الجنوبية، حيث لاحقها القصف وانعدام الكهرباء والمياه، ثم قررت النزوح إلى العراق.

وتقول المرأة، التي استشهد 7 من أفراد عائلتها في غارات إسرائيلية، وهي تجهش بالبكاء: "نشعر كأننا أيتام حاليًا"، وتوضح أن اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، جعل الوضع "صعبًا جدًا"، وتضيف: "لا ندري ما سنفعل بأنفسنا، لا ندري كيف سنعيش في لبنان عندما نعود إليه".

يذكر أن الحكومة العراقية قررت تخصيص 3 مليارات دينار (2.3 مليون دولار)، لتقديم الخدمات للبنانيين الوافدين إلى العراق. ونظمت كذلك جهود إغاثة وأرسلت مساعدات طبية وغذائية للبنان.

وبعد اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في غارة على ضاحية بيروت الجنوبية، وجّهت الحكومة العراقية بمنح اللبنانيين الراغبين بالسفر إلى العراق، ولا يمتلكون جوازات سفر، وثائق بغية تسهيل وصولهم إلى البلد.

كما وجهت الحكومة العراقية كذلك مع بدء العدوان على لبنان، بتمديد سمة دخول المواطنين اللبنانيين المتواجدين في العراق دون الحاجة إلى السفر لمدة ثلاثين يومًا، وإعفاء المواطنين اللبنانيين المخالفين، واستمرار منح سمات الدخول مجانًا للمواطنين اللبنانيين الواصلين إلى المنافذ الحدودية العراقية.

ودخل إلى العراق نحو 5700 لبناني عبر مطاري بغداد والنجف الدوليين ومعبر "القائم" الحدودي مع سوريا، وفق ما أعلنت عنه وزارة الداخلية العراقية.

بدورها، شكلت العتبة الحسينية لجنة عليا "لإغاثة الشعب اللبناني"، لتقديم المساعدات وبدأت تنسق مع جهات محلية لتأمين سفر لبنانيين المعرضة حياتهم للخطر بسبب القصف الإسرائيلي.

وكان المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله علي السيستاني، دعا "المؤمنين إلى القيام بما يساهم في تخفيف معاناة اللبنانيين وتأمين احتياجاتهم الإنسانية".

وتستضيف "مدينة سيد الأوصياء"، التابعة للعتبة الحسينية، حاليًا أكثر من 500 شخص في 6 مجمعات فندقية، بحسب مسؤول الإعلام في الحسينية. ووصلت أول دفعة قبل 12 يومًا، وتصل دفعات جديدة يوميًا، من بينهم عائلات مرضى يتلقون العلاج في مستشفيات العتبة الحسينية، وفق قوله.

وعلى خلفية العدوان الإسرائيلي الشامل على لبنان، نزح أكثر من مليون شخص بحسب الأرقام التي قدمتها السلطات اللبنانية، فيما غادر الكثيرون إلى الخارج.