أثارت طبيعة التعليم العالي في الجامعات الجزائرية جدلًا منذ الاستقلال سنة 1962، ولا تزال تثير هذا الجدل، على مستوى لغة التدريس بالنسبة للتخصصات العلمية التي كانت باللغة الفرنسية إلى حين إدراج اللغة العربية منذ سنوات قليلة، وتزامنها مع استحداث نظام تعليمي جديد هو نظام 'أل أم دي" أو ما يعرف بالنظام المؤسس على ثلاث شهادات هي: "إجازة، ماجستير ودكتوراه"، وهذا الأخير ومنذ تطبيقه في العام 2004 يحدث ضجة ويطرح تساؤلات مختلفة.
أحدث اعتماد نظام LMD كنظام تعليمي جديد في الجزائر سنة 2004 ضجة وتساؤلات مختلفة
لم يكن من السهل تغيير نظام تعليمي كلاسيكي، بدأ العمل به منذ ثلاثين سنة، واستبداله بنظام يختلف كليًا من حيث مدة الدراسة الجامعية والشهادة وقيمتها والتربص وتقييم الطالب الجامعي ومذكرة التخرج وتنظيم الدراسة من خلال السداسيات والوحدات التعليمية وغيرها من النقاط المهمة في مسيرة الطلبة، لكن الحكومة الجزائرية عن طريق وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لجأت إلى هذه الصيغة التعليمية الفرنسية الأصل وطبقتها في المجتمع الجزائري رغم الأصوات المنادية والرافضة له، بداعي فشل هذا النظام مع الوقت، وبالنظر إلى فشله في البلاد التي أنشأته وبدأت العمل به سنة 1998.
هكذا تواصل جدل ونقاش المختصين والمنظمات الطلابية والممثلين عن الوزارة المعنية والطلبة حول هذا النظام الدراسي وذلك أملًا في تحديد مكامن الخلل والمشاكل التي يمرّ بها الطلاب بعد مرور أزيد من عشر سنوات منذ اعتماده.
وطرح طلاب النظام التعليمي السابق في الآونة الأخيرة إشكالية كيفية معادلة الشهادة السابقة التي تحتاج إلى أربع سنوات دراسة جامعية، بشهادة deua أو الدراسات التطبيقية الجامعية (باكالوريا + ثلاث سنوات جامعية)، التي أتى بها النظام التعليمي الجديد. وخرج مئات الطلبة من الجامعات الجزائرية منددين بقرارات وزارة التعليم العالي، ومن جهتهم طالب حاملو الشهادات التطبيقية خلال احتجاجاتهم السنة الفارطة وزارة التعليم العالي والوزير الأولّ عبد المالك سلال بضرورة إقرار معادلة إدارية ومهنية لشهادتهم مع الشهادة السابقة وذلك من أجل نيل اعتراف إداري ومهني. وذكرت مصادر لـ"الترا صوت" أن الحكومة الجزائرية أعدت مرسومًا، ينتظر تفعيله، ويتعلق بمعادلة الشهادات وتوضيح الإشكال الحاصل، وفي انتظار صدور القانون الجديد عادت الاحتجاجات في الأيام الأخيرة.
من جهته أمر وزير التعليم العالي الجزائري الطاهر حجار، نهاية الصيف الماضي، المؤسسات الجامعية ببدء عملية منح شهادة "الليسانس" للطلبة الحائزين على شهادة الدراسات التطبيقية، وهي الشهادة التي كانت تقدم في السابق، وفق شروط، وذلك بهدف القضاء نهائيًا على المشكل التي يتخبط فيها الطلبة الحاصلون على الشهادات التطبيقية وبالتالي نص قرار الوزارة الصادر في الثامن والعشرين من حزيران/يونيو 2015 أنه "تمنح فرصة للطلبة بالحصول على شهادة "الليسانس" بإكمال الدراسة لسنة أخرى، وليس المعادلة المباشرة".
تعددت الأصوات الرافضة لنظام LMD وعللت ذلك بالنظر إلى فشله في فرنسا التي أنشأته وبدأت العمل به منذ 1998
وتشير الإحصاءات أنّ عدد حاملي الشهادات التطبيقية يقدر بأكثر من مائتي ألف طالب، ومعظمهم يبحثون عن فرص العمل بعد التخرج ويسعون لتسوية وضعية شهاداتهم. ويطالب الطلبة المحتجون بإعادة التصنيف في المجموعة "أ" التي تضم حاملي الشهادات الجامعية وليس المجموعة "ب" التي تعنى بخريجي معاهد التكوين المهني. في سياق متصل، لا يتمتع كل الطلبة الذين اجتازوا سنوات الدراسة الأولى "الإجازة" (البكالوريوس) بإمكانية مواصلة الدراسة في مرحلة الماجستير في نظام LMD، وهو ما أجج نار الوقفات الاحتجاجية في مختلف الجامعات الجزائرية.
وبشكل عام، يبدو أنّ نظام LMD غير مرحب به في الوسط الطلابي الجامعي بالجزائر، بدليل موجة السخط والغضب والانتقادات التي انطلقت في الوسط الطلابي بداية من السنة الجامعية 2010، حيث تقول منار بلعياضي، طالبة بجامعة العناصر، إنها "ضد هذا النظام الذي لم يأت بفائدة مرجوة للطلبة في شق التوظيف وفي جانب الدراسة". وتضيف لـ"الترا صوت": "لم ينجح هذا النظام ومن مشاكله أن الفترة التعليمية قصيرة إذ لا تتعدى ثلاث سنوات وهي فترة لا تمكن الطالب من استيعاب كم كبير من المعلومات في ظرف وجيز رغم أنّ المنظور المنهجي والموضوعي لا يختلف كثيرًا في حقيقة الأمر عن ذاك الموجود في النظام الshfr". أما دليلة، وهي متحصلة على شهادة الماجستير في العلوم السياسية، فتصرح لـ"الترا صوت": "لم نستفد من هذا النظام الجديد الذي طبق دون استشارة الطلبة".
اقرأ/ي أيضًا: