لم تحجب جائزة نوبل بشكل كلّي في تاريخها سوى مرّتين، كان ذلك إثر الحربين العالميتين، الأولى والثانية، أي سنوات أشبه إلى حدّ ما بسنة كهذه، حيث الجائحة الوبائية ترخي بظلالها على العالم بأسره، حاصدة مليون قتيل وملايين أخرى مصابة، أمام تخبط طبي، سياسي واقتصادي أمام ماهية الفيروس التاجي المستجد. أمرٌ يدفع إلى السؤال: ما مصير الجائزة الدولية المنتظرة كلّ كانون الأول/ ديسمبر من كل سنة؟
الترشيحات واختيار الفائزين لجائزة نوبل سيتمّ رقميًا، ولن يكون هناك حفل على شرفهم بحضور العائلة الملكية السويدية كالمعتاد
يجيب لارس هينكنستاين، رئيس مؤسسة نوبل من ستوكهولم السويدية، قائلًا: "عندما كنا نفكر في الأمر شهرَ آذار/ مارس ونيسان/أبريل الماضيين، كان لدينا شبه إجماع: أننا لن نتوج أحدًا هذه السنة!". بالمقابل، وعكس دول أوروبا الأخرى، الإجراءات التي اتخذتها السويد للتعامل مع انتشار الوباء كانت أقلّ حدّة، فلم تفرض حجرًا صحيًا شاملًا ولم تقيد تحركات شعبها خلال تلك الفترة. هذا الأمر كان كفيلًا بتغيير المؤسسة رأيها، يقول هينكنستاين، ودفعنا لنقول: لم لا نمنحها هذه السنة؟
اقرأ/ي أيضًا: نوبل للآداب 2018 و2019.. من التحرّش الجنسي والاحتجاب إلى التحرش السياسي
إذًا، لن تحجب جائزة نوبل لسنة 2020، ولن تنقص السنة أكثر مما صادرته الجائحة منها. فيما "الحاجة إلى الاعتناء بالعلوم هو عنوان هذه المرحلة التي تمر بها الإنسانية"، تبرز ضرورة أخرى لمنح الجائزة حسب رئيسها. لكن ومع ذلك، لن يمرّ حفلُ تسليم الجوائز ببريقه معتاد، بل تحت تغييرات مفروضة تحرمه ذات البريق. هذا ما جاء في حديث سابق للارس هنكنستاين، إذ قال:" لن يمر أسبوع نوبل في شكله المعتاد بفعل الجائحة الوبائية!".
مضيفًا أنه: "خلال هذه السنة الصعبة نحن مرغمون على تقديم تضحيات وأن نتكيف مع الظروف الجديدة". تكيّف مع الظروف الجديدة يحدده المتحدث في نقطتين: أن الترشيحات واختيار الفائزين سيتم رقميًا، وبشكل كامل، كما سيحرم الفائزون بها من الحفل الذي دأبت عادة إقامته على شرفهم وبحضور العائلة الملكية السويدية.
من جهة أخرى، وأمام انفجارِ الأخبار الكاذبة الذي صاحب سابقة الفيروس، هل ستوجه جائزة نوبل أنظارها إلى المجهود الصحفي الذي حارب هذا الخطر؟ الإجابة تأتي من مركز أبحاث السلام بأوسلو، منظمة نرويجية مختصة في دراسة احتمالات الفوز بجائزة نوبل للسلام، التي صرّح رئيسها هينريك أوردال، أن: "اللجنة النرويجية لجائزة نوبل يمكن أن ترشح للفوز بجائزة السلام صحفيين اشتغلوا على محاربة الأخبار الكاذبة".
صعود الأخبار الكاذبة والتظليل الإعلامي يمثل تحديًا كبيرًا أمام الديمقراطية في العالم، هذا ما يزيد حظوظ الصحافة في التتويج بجائزة نوبل هذه السنة
"صعود الأخبار الكاذبة والتظليل الإعلامي في الآونة الأخيرة أصبح يمثل تحديًا كبيرًا أمام الديمقراطية في العالم، هذا ما يزيد حظوظ الصحافة في التتويج بجائزة نوبل هذه السنة"، يسترسل أوردال، مضيفًا أنه:" في هذا الصدد، تتصدر اللجنة الدولية لحماية الصحفيين رأس إمكانية الترشيحات، لكن هذا لا ينفي دخول منظمات أخرى مثل "مراسلون بلا حدود" المنافسة، أو حتى مؤسسات إعلامية مثلَ الروسية نوفايا غازيتا".
اقرأ/ي أيضًا: نوبل للآداب 2016.. للمُحتج بوب ديلان
هذا ويصف رئيس مركز البحوث النرويجي ترشيحًا كهذا بمثابة "تحدي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب". هذا الأخير الذي يمني النفس بنيلها بعد دوره كسمسار معاهدة التطبيع بين الإمارات والبحرين وإسرائيل، وخاصة بعد ترشيحه من قبل برلماني نرويجي من اليمين المتطرف بالبلاد. يختم أردال حديثه ساخرًا: "ترامب أكثرُ حظًا في الفوز بجائزة نوبل للأدب عن تغريداته، منه عن سعيه في السلام العالمي!".
اقرأ/ي أيضًا: