دعت إحدى المنظمات غير الحكومية اللبنانية إلى مسيرة صامتة، يوم 10 أيلول/سبتمبر القادم، رفضًا لتكرار حالات الانتحار في لبنان، فبحسب إعلان ذات الجمعية، تقع حادثة انتحارٍ كل ثلاثة أيام، ينفذها شخصٌ ملّ مشاكل حياته، فقرر هو إنهاءها، وقتل نفسه.
تشهد نسب الانتحار ارتفاعًا خلال السنوات الأخيرة في لبنان بحسب أرقام قوى الأمن الداخلي
وتشهد نسب الانتحار ارتفاعًا بحسب قوى الأمن الداخلي اللبناني، ففي العام 2011، انتحر 101 شخص في لبنان ويزداد العدد في سنة 2012 ويصل إلى 108، و111 في العام 2013، و143 في العام 2014 ليستمر العدد بالارتفاع حيث سجّلت بداية العام 2016، سبع حالات انتحار في الأيام العشرين الأولى من العام، في زيادة تعكس تردّي الأوضاع النفسية للمنتحرين، تبعًا لعوامل نفسية واقتصادية واجتماعية يعايشونها.
اقرأ/ي أيضًا: الانتحار.. غول أطفال تونس
صبيحة الثلاثاء 30 آب/أغسطس الجاري، فُجع الشباب اللبنانيون بنبأ انتحار الشابة نورهان حمّود. حمّود البالغة من العمر 23 عامًا رمت نفسها من على شرفة شقّتها، وحسب أصدقائها، فإن ذلك يعود إلى مشاكل وظروف عائلية قاسية كانت تعيشها، ولدت لديها حالة من اليأس والاكتئاب الحادّين، أوصلاها للانتحار، وسبقها في ذلك عديدون، كالناشط نور مرعب وغيره.
موت نورهان قسم الناشطين على مواقع التّواصل الاجتماعي، بين متعاطف وممجّد، ورافض ومندد، وصفوا نورهان بالثورية الناقمة على الأوضاع، ووصفها آخرون بالضعيفة التي لم تتحمل مشاكلها فأنهت حياتها، لتُقتل الفتاة مرّة ثانية، الممجّد وصفها بالشجاعة، وبالتالي شجّع غيرها على انتهاج تصرفها، والمندّد لم يرحم وجعها وما كانت تعانيه، معاناتها التي يرى البعض أن مسؤوليتها تتحملها الطبقة الحاكمة والعائلة والمحيط على حدٍّ سواء.
لا يدري من يشجّع الآخرين على الإقدام على الانتحار، ربما، إن القانون اللبناني يجرّمه، فبحسب قانون العقوبات، من يحمل شخصًا بأي وسيلة كانت على الانتحار أو يساعده، بطريقة من الطرق المذكورة في المادة 219 وتحديدًا الفقرات الأولى والثانية والرابعة، على قتل نفسه يعاقب بالاعتقال عشر سنوات على الأكثر إذا تم الانتحار، وبالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين في حالة الشروع في الانتحار الذي نجم عنه إيذاء أو عجز دائم، وإذا كان الشخص المحمول أو المُساعَد على الانتحار دون الخامسة عشرة من عمره، وهذا لا ينطبق على نورهان حمّود، بل قد يؤثّر بغيرها، خاصةً في عصر مواقع التّواصل الاجتماعي، تطبق عليه عقوبة التحريض على القتل أو التدخل فيه، أي المادة 553 من قانون العقوبات العام.
انتحار نورهان حمّود قسم الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، بين متعاطف وممجّد ورافض ومندد
اقرأ/ي أيضًا: الاكتئاب الهوسي.. الأمر ليس مزحة!
تختلف وسائل الانتحار في لبنان، من رصاصةٍ في الرأس، إلى استعمالٍ للغاز والاختناق، وصولًا لاستخدام الأدوية بكثرة والإلقاء بالجسد من مناطق عالية. وقد تزامن انتحار نورهان مع انتحار عميدٍ متقاعدٍ في الأمن العام، يدعى سامر صليبا، أنهى حياته برصاصةٍ في الرّأس لأسبابٍ مجهولة.
أرقام قوى الأمن أشارت إلى أنه في العام 2015، سجّلت حالات الانتحار في صفوف الإناث أعدادًا أكبر، فمن بين كل 15 عملية انتحار 6 نساء ينجحن في تنفيذ العملية، لأن النساء يحاولن بشكل أكبر حسب القوى الأمنية، ويقول الأخصائيون النفسيون إن "المنتحر يعيش حالةً من اليأس يرى فيها مشاكله في موازاة مع هموم الجميع، لا حل لها إلا الهروب من الواقع"، يبدأ بالنوم المتواصل وينتهي بالانتحار، وتسجّل عاملات المنازل من الجنسيات البنغلادشية والأثيوبية عددًا لا يستهان به من حالات الانتحار المسجلة في لبنان.
الأزمة المادية، مترافقةً مع نسب البطالة المرتفعة، وغياب أي أفقٍ للتطور المهني في لبنان، تعتبر من أهم الأسباب للوصول إلى مرحلة اليأس، وبالتالي الانتحار، هذه التحديات التي يعجز المنتحر عن مواجهتها، تضعه أمام خيارٍ واضح، الموت. وفي الشارع اللبناني، ترى يوميًا ما يبعث فيك التعجب من قدرة اللبناني على الصمود والعيش. الدولة لا توفّر لمواطنيها أي مقوماتٍ للحياة الكريمة، كما أن بعض العائلات تهمل أبناءها وتتركها ضحيةً للمجتمع ولأدوية الأعصاب.
اقرأ/ي أيضًا: