تصدر قريبًا عن "دار نينوى" رواية "أنا ومدخنتي" للكاتب والروائي الأمريكيّ هرمان ملفل، بترجمة ثابت خميس النعماني. الرواية التي تتحدّث عن حياة أسرة صغيرة من سكّان الريف الأمريكيّ نُشرت لأوّل مرّة سنة 1856.
قد يعتبر البعض أن غزارة المعلومات التي يدرجها هرمان ملفل في أعماله تبعث على الملل
نتعرّف إلى هذه الأسرة عبر حديث الأب الذي أوكل إليه ملفل مهمّة سرد حكايته وأسرته، ليحدِّثنا عن شغفه بمدخنة منزله القديمة، الذي يقابله على الجانب الآخر كره زوجته لها، ومحاولاتها الدؤوبة في التخلّص منها لحساب بنائها صالة استقبال جديدة في المنزل.
اقرأ/ي أيضًا: رواية "علاج شوبنهاور".. المرض كتأمل في فلسفة الحياة
وصل الأمر بزوجة الراوي إلى جلبها بنّاءً خبيرًا لمساعدتها في تنفيذ خطّتها، لتدخل الحكاية حينها في رحلة سردية ممتعة، بين سعي الزوج للحفاظ على مدخنته وحمايتها من زوجته، ورغبة زوجته في التخلّص منها.
"ألترا صوت" التقى المترجم ثابت خميس النعماني، حيث تحدّث عمّا يُميِّزهذه الرواية عن بقية أعمال صاحب "موبي ديك":"أظنّ أنّ ما يُميّز هذا العمل بشكلٍ خاص هو بساطته الظاهرية، وهذا الأمر حاضر في أعمال ملفل الأخرى بكلّ تأكيد؛ لكنّه أصغر حجمًا، وتدور معظم أحداثه في منزل صغير. بالإضافة إلى البساطة الظاهرية والعذبة التي توحي بأنّ العقدة عادية، وقد تحدث في أي مكان، ولكنّ ما جعل من هذا العمل عملًا فريدًا حقًّا، هو قدرة الكاتب على السرد بطريقة مميزة ومذهلة".
[[{"fid":"101840","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"أنا ومدخنتي","field_file_image_title_text[und][0][value]":"أنا ومدخنتي"},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":"أنا ومدخنتي","field_file_image_title_text[und][0][value]":"أنا ومدخنتي"}},"link_text":null,"attributes":{"alt":"أنا ومدخنتي","title":"أنا ومدخنتي","height":301,"width":200,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]
يُضيف ثابت خميس النعماني: "حتّى أربعينات القرن العشرين، كان التحليل السائد أنّ الرواية تمثّل استجابة ساخرة للفحص النفسي الذي أُجبر هرمان ملفل على الخضوع له بين عامي 1852 و1853. أمّا المدخنة في الرواية، فهي كناية عن "العقل" وشخصية السيد سكرايب ما هي إلّا تمثيل لشخصية ويندل هومز – الشخص الذي قام بإجراء الفحص النفسي لملفل – أمّا الراوي نفسه، فهو ملفل".
يُشير ثابت خميس النعماني في حديثه إلى مقولة أخرى لستيورات وودرف تُفيد بأنّ الرواية "أنا ومدخنتي" ما هي إلّا دلالة على الصراع بين المحافظين والتقدّميين؛ بين الراوي المتمسّك بمدخنته القديمة متجاهلًا مخاطرها، وبين زوجته التي تمثّل في الرواية أولئك الذين قاطعوا الماضي قطيعة شرسة، وقفزوا إلى ما يُسمّى بالفلسفة المتعالية.
لكن، وبغضّ النظر عن كلّ التحليلات المحتملة، تبقى العلاقة بين العمل والقارئ، بحسب المترجم، حاضرة بشكل كبير بسبب اللغة الخطابية الحميمية التي يستخدمها ملفل على لسان الراوي.
على صعيد الكاتب، ما الذي يميّز هرمان ملفل عن غيره من الأدباء الأمريكيين؟ وبماذا تتميّز كتاباته؟ يجيب ثابت خميس النعماني قائلًا: "قد يعتبر البعض غزارة المعلومات التي يدرجها ملفل تبعث الملل في أعماله، فنلاحظ حضور التنوّع الجغرافي في حياة البحّارة أو النسّاخين بأبسط تفاصيلها. لكن برأيي أنّ هذا الأمر هو ما يمنح أعماله تلك الرصانة التي تقود إلى إحساس أعمق بالنص. ناهيك عن أنّه يميل لاستخدام مصطلحات ذات شعرية قوية وغير شائعة، مما يجعل مهمة المترجم أصعب في نقل المعنى الأنسب بأسلوبٍ مميز. بالإضافة إلى ميله لتركيب الكلمات ودمجها، مثل كلمة بيتعنكبوتي. ويولي هرمان ملفل أيضًا اهتمامًا كبيرًا لشخصياته، ويواصل بناءها وكشف جوانب متعدّدة منها، ما يجعل بعض حركاتها وتصرّفاتها صعبة التخمين، لأنّها تتطوّر بشكل مستمر أمام عين القارئ".
في رواياته، يولي هرمان ملفل اهتمامًا كبيرًا لشخصياته، ويواصل بنائها وكشف جوانب متعدّدة منها
اقرأ/ي أيضًا: فريدا كالو: ولدتُ لأكون حوض زهور
في نهاية حديثه لـ"ألترا صوت" أكّد ثابت خميس النعماني أنّ ما دفعه إلى ترجمة الرواية هو إعجابه الشديد بها: "ترجمت العمل حبًّا به. وهذا بالإضافة إلى أنّه عمل سوف يلامس الجميع بطريقة أو بأخرى من خلال قدرتها على تجسيد سعي المرء لحماية كلّ ما يُمثّل له قيمة معنوية، حتّى لو كان هذا الشيء مجرّد مدخنة".
اقرأ/ي أيضًا: