يشهد الموسم الحالي تناقضًا غريبًا يعيشه "الفتى الذهبي" لإنجلترا واين روني. استطاع قائد المنتخب الإنجليزي الحالي أن يدوّن اسمه في السجل التاريخي لكرة القدم الإنجليزية عندما حطّم الرقم القياسي للهداف التاريخي لمنتخب إنجلترا بوبي تشارلتون بتسجيله للهدف الخمسين من خلال ركلة الجزاء التي أداها بنجاح أمام منتخب ليتوانيا في الجولة الثامنة من تصفيات يورو 2016، إضافةً لحصوله على تقدير معنوي من خلال ذكر اسمه في كتاب غينيس للأرقام القياسية، حيث يعتبر واين روني اللاعب الوحيد الذي استطاع أن يسجل أكثر من عشرة أهداف في عشر دوريات متتالية بالبريمرليج.
ومن ناحية أخرى يعيش واين روني موسمًا للنسيان، فقد امتنع عن التسجيل لأطول فترة في تاريخه مع النادي ضمن مباريات الدوري الإنجليزي. ومباراة تلو الأخرى يثبت أنه لم يعد الحل الهجومي الفعال لفريق بحجم مانشستر يونايتد. وعلى الرغم من جميع الانتقادات والملاحظات التي لاحقت الغولدن بوي، لم تتحرك إدارة النادي لإيجاد حل للعقم الهجومي الذي يعاني منه الفريق وقائده، ولا يزال روني يحافظ على تذكرة الأدوار الرئيسية للفريق وشارة القيادة، رغمًا عن فلسفة فان خال الكروية الشاملة.
إن الفلسفة الهولندية الشاملة في كرة القدم تعتمد على لاعبين ذوي خبرة في مراكز الارتكاز والأجنحة
إن الفلسفة الهولندية الشاملة في كرة القدم تعتمد على لاعبين ذوي خبرة في مراكز الارتكاز مثل باستيان شفانشتايغر ومايكل كاريك، وأطراف شباب يتمتعون بالسرعة مثل خوان ماتا وممفيس ديباي وأشلي يونغ، ومهاجم صريح شاب أيضًا مثل مارسيال. وهنا يكمن السؤال: ما هو دور روني في منظومة فان خال هذه؟
إذا اكتفيت بالنظر إلى الأرقام والألقاب الشخصية والجماعية التي حققها روني برفقة الشياطين الحمر، قد تعتقد أن روني استطاع أن يفرض نفسه على تشكيلة فان خال وخططه، كيف لا؟ وهو الهداف التاريخي للمنتخب الإنجليزي! كيف لا وهو أفضل لاعب في البريمرليج في مناسبتين؟ لقد حصل النادي على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز خمس مرات بوجود روني، وحقق الثلاثية التاريخية. روني أحد أبناء الجيل الذهبي للألفية الثالثة، نظريًا هو قادر على فرض نفسه على أي خطة يضعها المدرب.
ولكن إذا ما قمت بمتابعة مباريات مانشستر يونايتد هذا الموسم ستشعر أن واين روني بات عبئًا حقيقيًا على فان خال والفريق، فهو لم يعد قادرًا على العطاء بنفس الجودة التي كان يظهر بها في المواسم الماضية، نعم فهو وصل للثلاثين من عمره، وخطة المدرب الحالي لا ترتكز على الأسماء والخبرات.
ولابد من الإشارة إلى أن فان خال كان واعيًا منذ البداية للأزمة التي سيعانيها الفريق إذا بقي معتمدًا لمدة أطول على روني في الهجوم، ولذلك حاول التلاعب بالأوراق وأزاح مركزه، ليلعب روني طيلة الموسم الماضي في وسط الملعب بدلًا من تواجده في مركز المهاجم الصريح الذي اعتاده. ولكن الصحافة الإنجليزية وجماهير الفريق لم يرق لها مشاهدة فتاها الذهبي يتخلى عن دوره التقليدي في المستطيل الأخضر.
ولا تعتبر القاعدة الجماهيرية العائق الوحيد أمام فان خال إذا ما قرر التخلي عن روني، إن العقد الذي يربط اللاعب بناديه سيقف عائقًا أمام أي مدرب يرغب بتغيير الفريق من جذوره. وعقد واين روني يستمر حتى سنة 2021، وهو يتقاضى الراتب الأعلى في العالم (ثلاثمائة وخمسين ألف جنيه استرليني أسبوعيًا)، وبالتالي فإن الشرط الجزائي في حال قررت إدارة النادي التخلي عن اللاعب سيكون خياليًا. وأمام هذه الظروف سيكون فان خال وأي مدرب يتولى مهمة إدارة الشياطين الحمر مجبرًا على التعايش مع المهاجم العاقر!
العقد الذي يربط روني بناديه سيقف عائقًا أمام أي مدرب يرغب بتغيير الفريق من جذوره
بالتأكيد يبدو الحديث بهذا الشكل مجحفًا بحق روني، فمهما بلغ عدد ركلات الجزاء التي ساهمت بإكسابه اللقب، فهو يبقى الهداف التاريخي لإنجلترا. وسواء سجل عشرة أهداف في كل مشاركة له بكأس العالم، أو سجل هدف واحد في ثلاث مشاركات يبقى واين روني هو الغولدن بوي، وهو اللاعب الإنجليزي الوحيد الذي نستطيع أن ننسبه للجيل الذهبي في الألفية الثالثة.
إن واين روني بلا شك لاعب متميز، إلا إنه لم يكن من الممكن أن يحصل على المكانة الإعلامية التي يمتلكها الآن لو لم يكن يحمل الجنسية الإنجليزية. ولو افترضنا أن روني كان برتغاليًا مثلًا، لما كان حصل على الشهرة التي يتمتع بها الآن، ولا كان سيحقق ما حققه كريستيانو رونالدو من شهرة وإنجازات.
اقرأ/ي أيضًا:
صانعة ألعاب منتخب أمريكا تطارد ليو ميسي!
تشيلسي وتناقضاته.. اسمع تفرح جرّب تحزن!
موسم 2015