02-سبتمبر-2024
إضراب عام

الشرطة الإسرائيلية تعتقل أحد المتظاهرين في تل أبيب أمس الأحد (رويترز)

يشهد المجلس الوزاري المصغر "الكابينت" انقسامًا حادًا بين الوزراء المؤيدين لقرار رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، البقاء في محور فيلادلفيا، الذي يُعد إعلانًا لإعادة احتلال قطاع غزة لفترة طويلة، ومعارضة وزير الأمن، يوآف غالانت، للقرار بعدما صوت ضده في اجتماع "الكابينت"، الخميس الماضي.

وتأتي الخلافات الأخيرة التي تعيشها حكومة الاحتلال بالتزامن مع دخول القطاعات الاقتصادية إضرابًا عامًا في المدن الإسرائيلية، اليوم الاثنين، في محاولة جديدة للضغط على نتنياهو للموافقة على وقف نهائي لإطلاق النار في غزة، وإبرام صفقة تبادل للمحتجزين والأسرى مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس".

نتنياهو قلق من "ليلة غالانت"

حالة الانقسام التي تشهدها حكومة الاحتلال وصلت إلى درجة شعور نتنياهو بـ"القلق"، في ظل خشيته من توسع الاحتجاجات لتكون أشبه بما يوصف "ليلة غالانت"، وفقًا لما نقلت صحيفة "هآرتس" العبرية عن مسؤولين إسرائيليين مقربين من نتنياهو، وصفتهم بـ"رفيعي المستوى"، وذلك في إشارة للاحتجاجات الواسعة النطاق التي جعلت نتنياهو يتراجع عن إقالة غالانت في آذار/مارس العام الماضي، بعد معارضة الأخير خطة إضعاف القضاء.

تأتي الخلافات الأخيرة التي تعيشها حكومة الاحتلال، بالتزامن مع دخول القطاعات الاقتصادية إضرابًا عامًا في المدن الإسرائيلية

وبحسب "هآرتس"، فإن نتنياهو أجرى، أمس الأحد، مشاورات مع مقرّبين منه بشأن إقالة غالانت، فيما قدّرت مصادر سياسية بأن نتنياهو سيتخذ قراراته، وفقًا لكثافة المظاهرات في الأيام المقبلة، وأضافت أنه: "سيراقب المزاج العام في الأيام المقبلة لفحص التطورات، وسيحاول تجنّب التغييرات".

وقال مصدر مقرب من نتنياهو للصحيفة العبرية، إن الأخير: "سيطيل (سيماطل في) الوقت لأطول فترة ممكنة"، وأشارت "هآرتس" إلى أن نتنياهو: "لم يتخذ بعد قرارًا عمليا بشأن التغيير في سياسة الحكومة، وقرار الكابينت بعدم التفاوض على الوجود الإسرائيلي في محور فيلادلفيا".

وأكد موقع "واللا" العبري نقلًا عن مصادر مقربة من نتنياهو، أنه أجرى مشاورات، أمس الأحد، مع مقربيه، بشأن المظاهرات الآخذة في الاتساع، والمطالبة بإلغاء قرار الكابينيت بشأن "فيلادلفيا"، مشيرًا إلى أن من بين الاحتمالات المطروحة "استغلال الاضطرابات لإقالة غالانت من منصبه".

ووصفت القناة الـ12 اجتماع "الكابينت"، أمس الأحد، بـ"العاصف"، مضيفةً أن نتنياهو هاجم غالانت بالقول: "ما تقترحه هو الانسحاب من فيلادلفيا، وسيتم نقل (المحتجزين) المختطفين من هناك إلى سيناء ومن ثم إلى إيران"، وتابع: "لقد وافقت الولايات المتحدة، فلماذا تعارض ذلك؟".

من جانبه، أكد وزير القضاء، ياريف ليفين، أثناء الاجتماع، أن حكومة الاحتلال: "بحاجة إلى الصبر والتصميم على مواصلة الحرب حتى تحقيق جميع أهدافها، وقد رأيتُ الأمور التي نشرها وزير الأمن (يوآف غالانت)، وكمواطن، لم أفهم".

وتابع مضيفًا أنه: "حتى لو اتخذنا قرارًا خاطئًا يوم الخميس (الماضي) في نظركم، يجب ألا نخلق واقعا لمعادلة: قتل مقابل التنازلات. إلى أين سيؤدي ذلك؟"، مشددًا على أنه "عندما يتخذ الكابينت قرارًا، فإنه يجب إظهار التضامن والوقوف وراءه"، ومؤكدًا أنه: "من الواضح لنا جميعًا أن قتل (المحتجزين) المختطفين، يتطلب ردًا حادًا وواضحًا، دون تنازلات".

إلى ذلك، هاجم وزير المالية، بتسلئيل سموتريش، غالانت، بالإشارة إلى أن: "حماس تريد منا أن نستسلم، ومن المستحيل أن نتخذ بلدًا بأكمله رهينة، وإذا استسلمنا لمطالب حماس كما يريد غالانت، فقد خسرنا الحرب".

أما وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، فقد قال: "إلى يومنا هذا (أيدتم) عدم إصدار قانون الإعدام للمخربين (الأسرى الفلسطينيين)، بزعم أنهم سيقتلون (المحتجزين) المختطفين، والآن ثبت أنهم قتلة مختطفين مهما فعلنا"، معتبرًا أن: "هذه هي الفرصة لردعهم؛ أن تدفع حماس الثمن، وتدرك أننا لا نرمش (لا نترّدد)".

كما انضم وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، إلى الوزراء الرافضين الانسحاب من محور فيلادلفيا، مشددًا على أنه يجب: "تحميل حماس ثمنًا باهظًا بدلًا من تقديم تنازلات، ويجب ألا نخلق معادلة: قتل المختطفين يساوي تنازلات"، مضيفًا: "نحن بحاجة إلى التصرف كما فعلنا في اليمن وبيروت وغيرهما"، في إشارة إلى الغارات الجوية التي استهدفت ميناء الحُديدة في اليمن، والضاحية الجنوبية لبيروت في لبنان، الشهر الماضي.

وبحسب القناة الـ12، فإن غالانت رد بعد الهجوم بالقول: "لن نحقق أهداف الحرب التي وضعناها لأنفسنا لأن قرار الكابينت قيدٌ غير ضروري، وضعناه على أنفسنا، وهو ثانوي بالنسبة لصفقة (المحتجزين) المختطفين"، وأضاف أن: "القرار الذي تم اتخاذه يوم الخميس (الماضي)، قد استند إلى إجراء [هناك وقت]، ولكن إذا أردنا الرهائن على قيد الحياة، فليس لديهم الوقت".

وأشار غالانت إلى أنه: "في القرارات التي نتخذها، علينا أن نرى ما هي القيم التي ترشدنا، اتخذنا يوم الخميس (الماضي)، قرارًا بأننا سنبقى في فيلادلفيا، حتى لو كان الثمن إبقاء (محتجزين) مختطفين هناك (في غزة)".

الإضراب يعطل الملاحة في مطار "بن غوريون" لساعتين

وفي السياق ذاته، قالت وكالة "الأناضول" التركية نقلًا عن صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، إن نحو 770 ألف إسرائيلي تظاهروا، أمس الأحد، في محاولة جديدة للضغط على حكومة نتنياهو لإبرام صفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين لدى "حماس" في قطاع غزة.

وقالت "الأناضول" نقلًا عن شهود عيان، إن "تل أبيب" شهدت توترات بين الشرطة والمتظاهرين، حيث أغلق المتظاهرون عددًا من الشوارع وأشعلوا النيران وعطلوا حركة السير، فيما أوقفت الشرطة خمسة متظاهرين في القدس، بتهمة إثارة الشغب ومحاولة إغلاق الطرق.

وبحسب هيئة البث العبرية، تظاهر المحتجون في مدن أخرى بأنحاء البلاد، بينها "القدس وحيفا وأشدود ورمات هنيغف وكفار تابور"، كما أغلق متظاهرون شوارع في هذه المدن، كأحد مظاهر الاحتجاج على الحكومة، ووصفت مظاهرات، أمس الأحد، بأنها الأكبر منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

إلى ذلك، عمّ الإضراب العام مختلف المدن الإسرائيلية، اليوم الاثنين، استجابة لدعوة اتحاد نقابات العمال "الهستدروت" لدفع حكومة الاحتلال للقبول باتفاق تبادل أسرى مع الفصائل الفلسطينية، ومن المتوقّع أن يستمر الإضراب ليوم واحد، على أن تتخلله مظاهرات في العديد من المدن للمطالبة بالتوصل الى اتفاق.

وقالت هيئة البث العبرية إن الإضراب في المرافق الاقتصادية: "يشمل بعض السلطات المحلية والمؤسسات الحكومية والقطار الخفيف في منطقة تل أبيب الكبرى، والمصارف ومصالح تجارية أخرى"، مشيرةً إلى توقف الرحلات في مطار "بن غوريون" لمدة ساعتين، قبل أن تعود حركة الملاحة مجددًا، وسط محادثات لتمديد الإضراب العام في إسرائيل بهدف مواصلة الضغط على حكومة الاحتلال.

وأشارت الهيئة العبرية إلى أن: "المستشفيات تعمل بطواقم مقلصة، فيما أغلقت مدارس رياض الأطفال أبوابها.. ستنتظم الدراسة في المدارس الابتدائية والإعدادية كالمعتاد"، مضيفة أن: "لجنة رؤساء الجامعات في البلاد، قد أعلنت عن انضمامها لإضراب، لكنها أوضحت أن الامتحانات المقررة لهذا اليوم ستجرى كالمعتاد".

وانضم إلى الإضراب العديد من الشركات الكبرى وشبكات التسوق، في وقت لجأت فيه الحكومة إلى المحكمة من أجل إلغاء الإضراب، وبحسب الهيئة العبرية: فإنه "تلتئم محكمة العمل القُطرية الساعة العاشرة والنصف (صباحًا بتوقيت الأراضي المحتلة)، للنظر في الالتماسات ضد الإضراب"، بعد إعلان الحكومة رفضها للإضراب.

وكان سموتريتش قد قال في تدوينة على منصة "إكس"، أمس الأحد، إن: "هذا إضراب سياسي لا يقع تحت سلطة الهستدروت وليس له أي أثر قانوني"، مهددًا بعدم دفع رواتب الموظفين المشاركين في الإضراب، ومؤكدًا أيضًا أنه "لن يُسمح لرؤساء الهستدروت بقلب البلاد رأسًا على عقب واستخدام العمال كسلاح لتعزيز رأيهم السياسي".