11-أغسطس-2024
الرئيس الأميركي السابق، ومرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب

ترامب يكابد لخطف الأضواء (رويترز)

بدأت حملة ترامب تفقد زخمها لصالح منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، ويحدث ذلك بعدما وصلت حملة المرشح الجمهوري أوجها بعد نجاته من محاولة الاغتيال في ولاية بنسلفانيا، حيث ظهرت قواعد الحزب أكثر تماسكًا، وزادت تدفقات الحملة المالية، وانعكس هذا التحسّن أكثر في أرقام الاستطلاعات التي أوضحت وجود فارقٍ معتبر بينه وبين ومنافسه حينها جو بايدن.

لكن انسحاب الأخير تحت ضغط قيادات الحزب الديمقراطي والمانحين، وتسلّم نائبته كامالا هاريس للمشعل، قلب الطاولة على حساب ترامب، فقد أعاد ترشيح هاريس توحيد صفوف الحزب الديمقراطي، وتمكنت حملتها في غضون فترة وجيزة من جمع 200 مليون دولار، وتفوقت مؤخرًا على ترامب في أرقام استطلاعات الرأي التي طالما تباهى بها ترامب.

وقد أحدثت هذه الانقلابات في مسار الانتخابات المرتقبة بعد أقل من 3 أشهر، توترًا كبيرًا لدى ترامب ودائرة مقرّبيه من مستشارين وأعضاء الحملة.

محاولة امتصاص الصدمة

أشارت حملة ترامب عليه بالتحرك سريعًا من أجل احتواء زخم الديمقراطيين بخطف الأضواء من هاريس وحملتها، فأجرى مؤتمرًا صحفيًا في منتجع مارا لاغو بولاية فلوريدا، لم يستطع فيه افتعال حالة السعادة والشعور بالنصر، فزخم هاريس قد يبلغ مرحلةً جديدة عقب عقد مؤتمر حزبها القومي من 19 إلى 22 من شهر آب/أغسطس الجاري  في شيكاغو بولاية إلينوي. كما لم يكن المؤتمر الصحفي الذي عقده كافيًا لتحويل اهتمام الإعلام إلى حملته على حساب هاريس التي تبيّن أنّ غالبية التغطية الإعلامية لأنشطتها جاءت إيجابية، وهذا شكّل مصدرٍ قلقٍ إضافي لترامب الذي اعتاد خطف الأضواء دون الحاجة إلى منافسة.

اكتسبت حملة الديمقراطيين زخمًا كبيرًا بعد ترشيح كامالا هاريس لمواجهة ترامب في الانتخابات الرئاسية

الخبير الإستراتيجي الجمهوري مارك لوتر نصح ترامب بالعمل على استعادة الانتباه من خلال التركيز على مواقف هاريس "المهزوزة" تجاه الاقتصاد والهجرة والسياسة الخارجية، بدلًا من تكرار مقولاته التي يصف فيها منافسته بأنها "متطرفة وليبرالية واشتراكية".

كما يتطلع ترامب إلى المناظرات الرئاسية كوسيلةٍ لتعزيز زخم حملته الرئاسية وتعزيز حظوظه للوصول إلى البيت الأبيض. وفي هذا الصدد، أعلن موافقته على المشاركة في مناظرة تديرها شبكة "إيه بي سي" في العاشر من أيلول/سبتمبر المقبل، يواجه فيها كامالا هاريس وجهًا لوجه.

ليس ذلك فحسب، فترامب الذي كان غير آبهٍ بمناظرة هاريس، عبّر عن رغبته في إجراء مناظرتين أخريتين. وهذا إن دلّ على شيء، فإنما يدلّ على شعوره بضرورة الحصول على فرصةٍ لتوجيه ضربة قاضية لهاريس، ويبدو أنه يعول على المناظرة في تحقيق ذلك الهدف، خاصةً أنّ الأداء الذي قدمه في مناظرة حزيران/يونيو أمام بايدن كان حاسمًا بالنسبة لحظوظه التي ارتفعت بعد المناظرة، لكنّ ترامب يبدو متفائلًا جدًّا هذه المرة، فهاريس تصغره سنًّا وهي فوق ذلك سبق وأن كانت مدعيةً عامة. وبالتالي فليقاتها الذهنية ومهاراتها الحجاجية ليست موضوع شك.

هجوم ثلاثي الأبعاد

حتى اللحظة، يعتمد هجوم ترامب والجمهوريين على كامالا هاريس على 3 جبهات، الأولى جبهة الهجرة وسجل هاريس السيئ في إدارة هذا الملف الذي كلفت به كنائبة للرئيس بايدن في البيت الأبيض، والجبهة الثانية هي الحصيلة الاقتصادية التي تُظهر نسب تضخم كبيرة، وأخيرًا الخروج الفوضوي من أفغانستان وتداعياته على الأمن القومي الأميركي، بالإضافة إلى حرب روسيا على أوكرانيا وهجوم السابع من أكتوبر الي نفذته "كتائب القسام" في مستوطنات غلاف غزة. فهذه القضايا الخارجية تعبّر، حسب ترامب والجمهوريين، عن ضعف إدارة بايدن التي تعدّ هاريس حلقةً أساسيةً فيها وامتدادًا لها. فهاريس حسب ترامب تتبنى: "السياسات نفسها: حدودٌ مفتوحة، ضعيفة في مكافحة الجريمة. أعتقد أنها أسوأ من بايدن".

وشدد ترامب في آخر مؤتمرٍ صحفي على جملة: "الأميركيون لديهم الملايين من القتلى، وأشخاص يموتون ماليًا لأنهم لا يستطيعون شراء اللحم الرخيص، ولا يمكنهم شراء الطعام والبقالة، ولا فعل أي شيء". حاول ترامب بهذه الجملة ومثيلاتها أن يبين مدى وطأة التضخم وشدّة انتشار الجريمة، لكنّ العبارات الواردة في الجملة قد تبدو منفّرةً للكثير من الأميركيين.

زخم هاريس

في المقابل، تستغل حملة هاريس الزخم الذي حظيت به لجمع المزيد من الأموال. وفي هذا الصدد، كشفت أنها جمعت 36 مليون دولار في غضون 24 ساعة بمجرّد إعلان تيم والز نائبًا لها، وقبل ذلك تمكنت من جمع 310 ملايين دولار في تموز/يوليو الماضي، أي أكثر من ضعف المبلغ الذي قال ترامب إنه جمعه خلال الشهر نفسه.

كما تحظى هاريس بتغطية إعلامية إيجابية من المرجح أن تصل ذروتها في مؤتمر الحزب الأسبوع المقبل. واستفادت هاريس من كل تلك المعطيات بتحقيق تقدم في استطلاعات الرأي مقابل ترامب بفارق 4% وفقًا لاستطلاع رأي أجرته كلية ماركيت للقانون غطّى الفترة ما بين 24 تموز/يوليو المنصرم وحتى مطلع آب/أغسطس الجاري. وشمل 879 ناخبًا مسجلًا من جميع أنحاء البلاد.