تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن تسجيلا صوتيا يوثق تشهير أستاذ جامعي، يشغل منصب عميد كلية الطب في جامعة مؤتة، بطالب كان قد تغيب عن الحضور بسبب إصابته بأزمة نفسية.
أعلنت جامعة مؤتة يوم الثلاثاء على لسان رئيسها عرفات عوجان أنها شكلت لجنة تحقيق تضم تربويين وحقوقيين للتحقيق في الحادثة
يسمع في التسجيل صوت الأستاذ وهو يخاطب الطالب أمام زملائه، واصفا إياه ب"المريض النفسي" وطالبا منه "الوقوف والاعتراف بأنه موجود".
طلاب قالوا إنهم شهدوا الحادثة ذكروا على مواقع التواصل الاجتماعي أن الأستاذ استهزأ بالطالب أمام حوالي 280 طالبا بسبب غيابه المتكرر بعد أن قدم عذرا طبيا موقعا من طبيب نفسي يؤكد فيه حاجته للراحة.
من ناحيتها أعلنت جامعة مؤتة يوم الثلاثاء على لسان رئيسها عرفات عوجان أنها شكلت لجنة تحقيق تضم تربويين وحقوقيين للتحقيق في الحادثة، وأضاف أن الجامعة حريصة على كشفت حيثيات الواقعة من منطلق ضمان حق الطالب والحفاظ على سمعة جامعة مؤتة الأكاديمية والأخلاقية.
وقال إن الجامعة ستتخذ قرارات عادلة فور انتهاء التحقيق مشددا على رفض الجامعة "للتنمر على أي من أركان جامعة مؤتة من طلاب وموظفين وأعضاء هيئة تدريسية"، كما أنه من ناحية أخرى قال إن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي هاجموا الأستاذ الجامعي وحذر من نشر الأخبار المسيئة التي قد تعرض صاحبها للمساءلة القانونية.
استياء عام
على مواقع التواصل الاجتماعي تصدر وسم "دكتور كلية طب مؤتة" قائمة المواضيع الأكثر تداولا في الأردن، فأبدى الكثيرون استياءهم من تدني المستوى الأخلاقي في الجامعات وأكدوا أن الضغوط النفسية التي يمارسها المدرسون في الجامعات تزيد من الأعباء التي تثقل كواهل الطلاب.
كما استغل آخرون الفرصة للكشف عن حوادث أخرى تعرض فيها طلاب آخرون للإساءة من قبل مدرسيهم.
فيما عزا البعض تدني المستوى الأخلاقي في الجامعات إلى الواسطة والمحسوبية التي تؤثر بدورها على مخرجات التعليم على حد قولهم.
وركز آخرون على تدني الاهتمام بالصحة النفسية في البلاد وما ينتج عن ذلك من مشكلات.
الصحة النفسية بين ضعف الاهتمام والوصمة
حادثة جامعة مؤتة فتحت العيون على شكل من أشكال المعاناة التي يواجهها المصابون بالاضطرابات النفسية، إذ يشكل كل من ضعف الاهتمام الحكومي بالصحة النفسية وضعف التوعية في المجتمع عبئا إضافيا قد يثني الكثيرين عن العلاج.
رئيس جمعية أطباء الأمراض النفسية، نائل العدوان، كان قد صرح أن تقديرات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن حوالي 2.5 مليون أردني مصابون بأنواع مختلفة من الاضطرابات النفسية وأن أكثر من 75% من المصابين في البلدان النامية لا يتلقون أي رعاية أو علاجا.
العدوان اشتكى من ضعف التنسيق بين مقدمي الرعاية النفسية المتخصصة وغير المتخصصة، وقلة الكوادر المؤهلة وضعف نوعية الخدمات النفسية وصعوبة الوصول إليها وأكد أن الوصمة والشعور بالخجل من المرض النفسي يصعب على المريض العلاج.
من ناحيته قال علاء الفروخ، نائب رئيس جمعية الأطباء النفسيين، على حسابه على تويتر إن دراسات حديثة كشفت أن حوالي ثلث الطلاب الذين يدرسون الطب يصابون بالاكتئاب، وعزا ذلك إلى الضغوطات النفسية التي يتعرضون لها.
الفروخ قال إن الصحة النفسية في الأردن تفتقر إلى التوثيق، وأضاف أنه حتى وإن توفرت النية لدى بعض الجهات لتوثيق الحالات فإنها ستواجه عراقيل أمنية كثيرة.
كما قال إن الاضطرابات النفسية في تزايد مستمر وهو ما يفسر حالات الانتحار ومحاولات الانتحار، إذ كشف رائد المومني، المدير السابق للمركز الوطني للطب الشرعي عندما كان على رأس عمله، أن المركز سجل في الشهور الستة الأولى من العام الحالي 65 حالة انتحار، في حين سجل مكتب دائرة ادعاء عام عمان 117 محاولة انتحار في العاصمة وحدها في الشهور الثمانية الأولى من هذا العام.
الصحة النفسية في الأردن تفتقر إلى التوثيق، وأضاف أنه حتى وإن توفرت النية لدى بعض الجهات لتوثيق الحالات فإنها ستواجه عراقيل أمنية كثيرة
في المقابل، يحجم الكثيرون عن مراجعة عيادات الطب النفسي خوفا من الوصمة التي قد تلحق بهم، إذ يؤكد الفروخ أن ما بين 70 إلى 80 بالمئة ممن يحتاجون إلى الرعاية النفسية لا يحصلون عليها، كما أن الكثير من الأهالي يلجأون إلى الضغط لتغيير سبب الوفاة في الوثائق عندما يكون سبب الوفاة هو الانتحار، وذلك لتجنب النظرة السلبية للمجتمع.