14-يناير-2024
جنود إسرائيليون في غزة

بلغ عدد قتلى جيش الاحتلال 522 ضابطًا وجنديًا منذ 7 أكتوبر (Getty)

مع دخول الحرب العدوانية على قطاع غزة يومها الـ100، تصاعد الحديث عن فشل "إسرائيل" في تحقيق أهدافها المعلنة من الحرب التي خلّفت نحو 24 ألف شهيد وأكثر من 60 ألف مصاب، إضافةً إلى دمار هائل دفع العديد من الصحف العالمية إلى وصفها بأنها الحرب الأكثر تدميرًا في القرن الحادي والعشرين.

وفي المقابل، تكبّدت "إسرائيل" خسائر فادحة على مختلف الأصعدة، فقد بلغ عدد قتلى جيش الاحتلال المُعلن عنهم رسميًا منذ تنفيذ المقاومة الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الفائت، 522 ضابطًا وجنديًا بينهم 189 قُتلوا منذ بداية الهجوم البري في السابع والعشرين من أكتوبر، ناهيك عن 779 مستوطنًا لقوا حتفهم خلال هذه المدة، بينهم 76 يحملون جنسية ثانية.

تُشير توقعات "بنك إسرائيل" إلى أن الحرب على غزة ستكلف دولة الاحتلال 56 مليار دولار

وتبدو هذه الأرقام غير واقعية بالنسبة إلى شريحة واسعة من الإسرائيليين الذين يعتقدون أن حكومتهم تُخفي العدد الحقيقي للقتلى والجرحى، سيما بعد نشر العديد من الصحف والمواقع الإسرائيلية تقارير تتحدث عن الإصابات في صفوف جيش الاحتلال، بينها تقرير نشره موقع "والا"، أمس السبت، أفاد بإصابة 4 آلاف جندي إسرائيلي بإعاقات منذ بداية الحرب، لافتًا إلى أنه من المرجّح أن يرتفع الرقم إلى نحو 30 ألفًا.

مع ذلك، لم يعترف جيش الاحتلال سوى بـ2438 جريحًا خلال الفترة بين السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ونهاية الأسبوع الأول من كانون الثاني/يناير الجاري، بينهم 1042 أُصيبوا خلال المعارك مع فصائل المقاومة الفلسطينية في مختلف محاور القتال بقطاع غزة، منهم 228 وصفت جراهم بأنها خطيرة.

ولم تقتصر الخسائر في صفوف جيش الاحتلال على القتل والإصابات المباشرة، إذ تحدّثت عدة تقارير إسرائيلية عن تفشي عدوى طفيلية وفطرية بين جنوده في قطاع غزة، وكذلك ارتفاع عدد المصابين بأمراض نفسية سواء بسبب عملية "طوفان الأقصى" ذاتها أو نتيجة العمليات التي تنفّذها فصائل المقاومة في قطاع غزة بصورة يومية.

وأمام هذه الخسائر الفادحة، وبعد 100 يوم على الحرب لم يحقق خلالها الاحتلال أهدافه المعلنة منها، كشف استطلاع للرأي أجراه "معهد سياسات الشعب اليهودي"، أن ثقة الإسرائيليين بإمكانية تحقيق جيشهم لأهدافه من الحرب تراجعت بشدة، حيث انخفضت من 78 بالمئة في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت إلى 61 بالمئة، ومعها كذلك ثقتهم في حكومتهم التي تراجعت بدورها.

 

أما على صعيد الخسائر الاقتصادية، فسبق أن كشفت القناة الـ12 الإسرائيلية أن تكلفة الحرب على قطاع غزة قد بلغت 330 مليون دولار يوميًا، لكنها انخفضت بنسبة 40 بالمئة بعد سحب جزء من جنود الاحتياط من داخل القطاع. كما تُشير التوقعات داخل دولة الاحتلال إلى أنها ستخسر ما يقرب من 10 مليار دولار من الضرائب بسبب الحرب، مقابل تراجع حجم الإنتاج بنسبة تصل إلى 2.5 بالمئة

وبينما تنفق "إسرائيل"، يوميًا، حوالي 11 مليون دولار أمريكي على سكان مستوطنات غلاف قطاع غزة الذين غادروا مستوطناتهم من اليوم الأول للحرب، تُشير التقديرات إلى أن تكلفة التعويضات في هذه المستوطنات قد تصل إلى ما يقرب من 100 مليون دولار. فيما تُشير تقديرات "بنك إسرائيل" إلى أن عملية تمويل النفقات الضخمة المرتبطة بالحرب، بين 2023 – 2025، ستبلغ تكلفتها ما لا يقل عن 56 مليار دولار.

وبعيدًا عن الخسائر الاقتصادية، وضعت الحرب على غزة "إسرائيل" في موقف ضعف وحرج على أكثر من صعيد، سواء لناحية فشلها الاستخباراتي الذريع في توقع عملية "طوفان الأقصى" وعدم قدرتها على تحقيق أي هدف من أهداف حربها، أو لناحية محاكمتها في محكمة العدل الدولية بعد الدعوى التي رفعتها ضدها جمهورية جنوب أفريقيا بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، سيما بعد الأداء الهزيل الذي قدّمه الفريق القانوني الإسرائيلي مقارنةً بالأداء القوي لفريق جنوب أفريقيا الذي لم تترك الأدلة التي وضعها أي فرصة لتبرير جرائم "إسرائيل".

وبالإضافة إلى ما سبق، تتصاعد حدة الأزمة الداخلية التي تشهدها "إسرائيل" منذ بداية الحرب. فعدا عن التظاهرات المستمرة لعوائل المحتجزين لدى "حماس"، ومؤخرًا خرجت تظاهرات تُطالب بتغيير الحكومة، وهو أمر غير مسبوق، إذ لم تشهد "إسرائيل" أي تظاهرات في أوقات الحرب؛ تزداد حدة الخلافات أيضًا بين أعضاء حكومة الاحتلال وما يُعرف أيضًا بـ"كابينت الحرب"، وتحديدًا بين رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو من جهة، ووزير الأمن يوآف غالانت وعضو مجلس الحرب بيني غانتس من جهة أخرى.

ويشكّل غالانت مع غانتس ورئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي معسكرًا ضد نتنياهو من جهة، وحليفيه إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش المعروفين بمواقفهما المتطرفة، من جهة أخرى. وقد ازدادت حدة خلافاتهم بعد قرار هاليفي تشكيل لجنة مكلفة بالتحقيق في أسباب فشل الاستخبارات والجيش في توقع عملية "طوفان الأقصى" والتعامل معها.

ومع استمرار الحرب، وعدم وجود أفق زمني واضح لنهايتها، واستحالة تحقيق "إسرائيل" لأهدافها المعلنة منها، يبدو أنها ستتكبد المزيد من الخسائر مقابل اتساع رقعة تظاهرات عوائل المحتجزين، وازدياد حدة الخلافات داخل الحكومة ومجلس الحرب، ناهيك عن الخسائر الاقتصادية وارتقاع عدد قتلى جيش الاحتلال، الأمر الذي لا بد أن يؤثر في النهاية على مسار الحرب نفسها.