لماذا تحتاج أجسادنا للنوم؟ هذا السؤال ولو أنه يبدو بسيطاً، فإن إجابته معقدة للغاية، إذ تندرج تحته العديد من الأسئلة الأخرى التي لها علاقة بوقت النوم وساعاته وعاداته. فمثلاً، نحن نعرف أن النوم يشحن أجسادنا ويساعدها على استعادة نشاطها، ولكن لماذا يتعلّق ذلك بعددٍ معيّنٍ من الساعات؟ ولماذا الليل؟ وما علاقة ذلك بالوقاية من الأمراض؟
نومنا لخمس ساعاتٍ على الأقل ليلاً يقلّل من احتمال إصابتنا بالأمراض المزمنة في عمر ما بعد الخمسين
كانت العلاقة بين النوم وتعرّض الجسم للأمراض المزمنة موضوع اهتمام دراسةٍ أجراها فريقٌ من الباحثين غطّت 25 عاماً درس خلالها الباحثون عادات النوم لما يقارب 8,000 عاملٍ حكومي في بريطانيا.
وكان مما توصّلت إليه الدراسة أن نومنا لخمس ساعاتٍ على الأقل ليلاً يقلّل من احتمال إصابتنا بالأمراض المزمنة في عمر ما بعد الخمسين.
قام الباحثون في هذه الدراسة بسؤال العاملين: "ما هو معدّل ساعات نومك ليلاً؟"، ومن ثم درس الباحثون صحة المشاركين في الدراسة، ومعاناتهم من الأمراض المزمنة كالسكري والسرطان والأمراض القلبية. واكتشف الباحثون بذلك أن الذين ينامون خمس ساعاتٍ أو أقل وأعمارهم قريبةٌ من الخمسين تزيد احتمالية إصابتهم بالأمراض بنسبة 30% عمّن ينامون سبع ساعات.
بل إن الدراسة توصّلت إلى أن النوم القليل لمن هم بعمر الخمسين يرتبط أيضاً بزيادة احتمالية الموت، وذلك تحديداً بسبب زيادة احتمالية الإصابة بالأمراض المزمنة.
وربما من المفيد أن نذكّر في هذا السياق أن عدد ساعات النوم الذي يوصي به معظم الخبراء يتراوح بين 7-9 ساعاتٍ للبالغين.
ولكن، حتى مع ذلك، يتساءل البروفيسور "ديرك-جان ديك" في تعليقه على هذه الدراسة، "لماذا ينام البعض أقل من غيرهم؟ ما سبب ذلك؟ وهل هناك ما يمكننا فعله لتغيير ذلك." مؤكّداً أن "النوم هو جزءٌ من نمط حياتنا اليومية الذي يمكننا تغييره ضمن حدودٍ معيّنة."
ويُضيف البروفيسور: "هذه الدراسة تؤكّد أن ساعات النوم القليلة ليست فقط سيئةٌ لنا، بل هي عادةٌ غير صحيةٍ ولو أن البعض يستطيع التعايش مع ذلك."
طيب لماذا نحتاج أجسادنا للنوم؟
بالعودة إلى السؤال الأول، الذي لا تزال إجابته غير واضحةً 100%، فيبدو أن أجسادنا تقوم بعددٍ من الوظائف خلال نومنا، غير شحن أنفسنا من جديد، فالجسم يقوم بعلاج الذكريات خلال النوم، كما أن الجسم أيضاً يقوم بعملية الأيض خلال النوم، وهي باختصار العملية التي يحوّل بها الجسم ما نتناوله من غذاءٍ إلى طاقة، ولهذا أيضاً علاقةٌ بزيادة الوزن، فعندما نحرم أجسامنا من الراحة، فالجسم يميل إلى الحفاظ على مخزون الدهون فيه، هذا طبعاً غير علاقة النوم بقدرتنا على القيام ببعض المهام التي تتطلّب التركيز.
وإذا كنت من الـ33% من البالغين الذين يعانون من شيءٍ من أعراض الأرق (بحسب دراسةٍ أجريت عام 2016)، فربما هناك بعض النصائح البسيطة التي يمكنك اتباعها، أملاً في أن تحصل على بعض النوم الهانئ:
- أشغل نفسك من خلال ملء يومك بروتينٍ منتج، ولكن حاول أن تقلّل نشاطك مع اقتراب موعد النوم.
- القيلولة هي عدوك الأول!
- فلتكن غرفة نومك خاليةً من الملهيّات، أبعد هاتفك وكمبيوترك عن سريرك.
- لا تشرب الكافيين قبل النوم بفتراتٍ قليلة.
ولكننا ننصحك أيضاً بالابتعاد عن الحبوب المنوّمة، فمعظم الأطباء أصبحوا يتجنّبون توصية مرضاهم بأخذ هذا الحبوب، وهو ما يؤكّده الدكتور "جينغ وانغ" في مقابلةٍ أجراها في نيسان/أبريل الفائت، عندما سُئِلَ إن كان يوافق على إعطاء مرضاه المصابين بالأرق حبوباً منوّمة: "لا، قطعاً لا. نحن نحاول جداً جداً أن نتجنّب إعطاء هذه الحبوب. وبدلاً من ذلك إذا جاءنا مريضٌ مصابٌ بالأرق، فنحن نقوم بدراسة تاريخه الطبي، وأيضاً تفاصيل حياته الشخصية لتحديد فيما إن كان سبب الأرق سلوكياً أو له جذورٌ طبية."
ويُضيف الطبيب أن الحبوب المنوّمة تسبّب الإدمان، إذ يصبح المريض غير قادر على النوم من دونها، كما أنها قد تؤثّر على نشاط الإنسان وتركيزه خلال اليوم.
وجدت دراسةٌ أُجريت عام 2010 أن الحبوب المنوّمة كانت السبب وراء موت ما يصل إلى نصف مليون أمريكي
وقد تسبّب الحبوب المنوّمة ما هو أسوأ من ذلك، إذ وجدت دراسةٌ أُجريت عام 2010 أن الحبوب المنوّمة كانت السبب وراء موت ما يصل إلى نصف مليون أمريكي لما لها من آثارٍ صحية أو تأثيرٍ على التركيز يؤدّي إلى حوادث، ويشمل ذلك حتى الناس الذين يستخدمون الحبوب المنوّمة بنسبٍ قليلة تصل إلى مرتين شهرياً.