تعد الرّضاعة الطّبيعيّة الوسيلة الأمثل لحصول طفلك على الغذاء اللّازم للنّمو، ورفع مناعته الجسديّة ضد مسببّات الأمراض المختلفة، وتقلل احتماليّة زيادة وزنه غير الطّبيعيّة، كما أنّها تعزز وتقوّي العلاقة بينك وبين طفلك، وتخلِق رابطاً قويّاً بينكما، وذلك لجماليّة وهدوء الوقت الذي تخصصينهُ، عادةً، لإرضاع طفلك، واللّمسات والنّظرات المتبادلة بينكما، وسيوضّح لكِ هذا المقال تفاصيل أكثر عن الرضاعة الطبيعيّة.
يتزايد السؤال في الآونة الأخيرة عن فوائد الرضاعة الطبيعية مقارنة بالرضاعة بالحليب الصناعي مع تزايد في حملات التوعية الوطنية والدولية بأهمية الرضاعة الطبيعية لصحة الأطفال
مفهوم الرّضاعة الطّبيعية
الرضاعة الطبيعية هي عمليّة فطريّة، تقوم الأم فيها بتغذيّة طفلها الرّضيع بحليب الأم أو ما يسمّى حليب الثّدي، وعادة ما تتم عمليّة الرّضاعة الطّبيعية مباشرة من الثّدي.
يوصّي العديد من الأطبّاء، بما في ذلك الأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ الأطفال (بالإنجليزيّة: American Academy of Pediatric, AAP) والكليّة الأمريكيّة لأطباء التّوليد وأمراض النّساء، بضرورة الرّضاعة الطّبيعيّة لأول 6 أشهر من عمر الطّفل، كما توصّي بالاستمرار في الرّضاعة الطّبيعيّة خلال السّنة الأولى من عمر الطّفل، حتى بعد إدخال الأطعمة المختلفة.
ويعتمد عدد المرات التّي يجب أن ترضعين فيها طفلك على عمره ومدة الرّضاعة، فغالبًا ما يحتاج المواليد الجدد في الرّضاعة كل 2-3 ساعات، أمّا عند بلوغ الشّهرين، تصبح الرّضاعة كل 3-4 ساعات، وبحلول السّتة أشهر، يرضع معظم الأطفال كل 4-5 ساعات.
وتوصّي منظمة الصّحّة العالميّة (بالإنجليزيّة: WHO) بالبدء بالرّضاعة الطّبيعية مبكرًا، أي بعد ساعة من الولادة للحصول على أقصى الفوائد، والاستمرار بها حتى عمر السّنتين أو أكثر، لأن فوائد حليب الأم تستمرّ لفترة طويلة.
وتذكرّي أن قرار الرّضاعة الطبيعية هو قرار عائد لك وحدك، فهي تجربتك الفريدة مع طفلك.
مكونات حليب الأم
يُعد حليب الأم الذي تنتجه الغدد الحليبيّة من الثّدي، الغذاء الأساسي للطّفل في الرضاعة الطبيعية، فهو يتكون من:
1. ماء، حيث أن الماء يشكّل ما نسبته 87%من حليب الأم.
2. 1% بروتين.
3. 4% دهون.
4. 7% نشويّات (بما في ذلك 1 إلى 2.4% سكريّات).
5. العديد من الفيتامينات.
6. العديد من المعادن مثل:
- الكالسيوم.
- الفوسفور.
- المغنيسيّوم.
- البوتاسيوم.
- الصّوديوم.
علامات الجوع عند الأطفال
من أكثر علامات الجوع شيوعًا هي البكاء، وهناك علامات أخرى تشير إلى أن الطّفل مستعد للرّضاعة الطبيعية، وهي:
· لعق الشّفاه أو إخراج اللّسان.
· تحريك الفك أو الفم أو الرّأس عشوائيّاً للبحث عن ثدي الأم.
· وضع أيديهم في أفواههم.
· فتح الفم.
· لعق الأشياء ومحاولة وضعها في الفم.
دلائل حصول الطّفل على كميّة كافية من حليب الأم
تتسائل العديد من الأمهات المرضعات عمّا إذا كان أطفالهنّ قد حصلوا على ما يكفي من الحليب أثناء الرضاعة الطبيعية.
إذا كان الطّفل يحصل على ما يكفي من حليب الأم، يجب:
- أن لا يفقد في الأيام القليلة الأولى بعد الولادة أكثر من 7% من وزنه الأصليّ عند الولادة.
- أن لا تظهر علامات الجوع على الطّفل لمدة 1-3 ساعات بين الوجبات.
- أن لا يبلّل الطّفل أقل من 6 حفاضات يوميّاً.
فوائد الرّضاعة الطّبيعيّة للطّفل
1- يوفرّ حليب الأم تغذية مثاليّة للأطفال
يحتوي حليب الأم على كل ما يحتاجه الطّفل خلال الأشهر السّتة الأولى من عمره، ويتغيّر تكوينه وفقًا لاحتياجات الطّفل المتغيّرة، خاصة خلال الشّهر الأول من عمر الطّفل.
وخلال الأيام الأولى بعد الولادة، ينتج الثدي سائلًا أصفرًا سميكًا يسمّى اللّبأ. اللّبأ هو الحليب المثالي الأول للطّفل، وهو الذي يساعد الجهاز الهضميّ غير النّاضج لحديثي الولادة على النّمو، ويكون اللّبأ غنيًّا بالبروتين وفقيرًا بالسّكر. إنه غذاءٌ رائع ولا يمكن استبداله بأي غذاء آخر.
بعد الأيام القليلة الأولى، يبدأ الثّديان في إنتاج كميّات أكبر من الحليب، تزامنًا مع نمو معدة الطّفل.
الشّيء الوحيد الذّي قد ينقصك من مخزون الحليب السّحري هو فيتامين د، ولذلك يُوصّى عادةً باستخدام قطرات فيتامين د للأطفال الذّين يعتمدون على الرّضاعة الطّبيعيّة.
2- يزيد حليب الأم من ذكاء الطّفل
قد تساعد الرّضاعة الطّبيعيّة الطّفل على اجتياز تلك الاختبارات الصّعبة، حيث تُظهر بعض الأبحاث أنّ الرّضاعة الطّبيعيّة لها تأثيرات إيجابيّة كبيرة على نمو دماغ الأطفال على المدى البعيد.
وتشير بعض الدّراسات أنّه قد يختلف نمو الدّماغ بين الأطفال الذّين يرضعون رضاعة طبيعيّة والأطفال الذين يرضعون حليباً صناعيّاً، قد يكون هذا الاختلاف بسبب العلاقة الحميميّة الجسديّة والتّلامس والتّواصل البصريّ بين الأم والطّفل خلال الرّضاعة الطّبيعيّة، الإضافةً إلى المحتوى الغذائي.
وتشير الدّراسات إلى أنّ الأطفال الذّين يرضعون حليب الأم لديهم علامات ذكاء أعلى، واحتماليّة أقل لتعرضهم لمشاكل سلوكيّة أو صعوبات في التّعلم مع تقدمهم في السّن.
تظهر هذه التّأثيرات الإيجابيّة أكثر وضوحًا عند الأطفال الخُدَّج، والذين يكونون أكثر عرضة لمشاكل النّمو.
3- يقلل حليب الأم من خطورة الإصابة بالأمراض المختلفة
إنّ حليب الأمهات يحتوي على عدد كبير من الأجسام المضادّة التّي تساعد طفلك في محاربة الفيروسات والبكتيريا، وهو أمر بالغ الأهمية، خاصّة في تلك الأشهر الأولى.
وهذا ينطبق بشكل خاص على اللّبأ. حيث يوفر اللّبأ كميّات كبيرة من الغلوبولين المناعي أ (بالإنجليزيّة: IgA) بالإضافة إلى العديد من الأجسام المضادّة الأخرى.
يحمي الغلوبولين المناعي أ بالإنجليزيّة: (IgA) الطّفل من الإصابة بالمرض عن طريق تكوين طبقة واقية في أنف الطّفل وحنجرته وجهازه الهضمي.
ويقلل حليب الأم من خطورة إصابة الطّفل بالأمراض المختلفة، مثل:
- التهاب الأذن الوسطى.
- التهابات الجهاز التنفسيّ.
- التهابات الأمعاء.
- أمراض الأمعاء.
- تلف أنسجة الأمعاء.
- الإسهال والقيء.
- مرض السّكري.
- سرطان الدّم في الطفولة.
- متلازمة موت الرّضيع المفاجئة (بالإنجليزيّة: SIDS).
- أمراض القلب والأوعية الدّموية في مرحلة البلوغ.
- نزلات البرد.
- أمراض الحساسيّة مثل الربو والتهاب الجلد التّأتبي.
وأظهرت العديد من الدّراسات أن الأطفال الذين لا يرضعون من حليب الأم هم أكثر عرضة للمشاكل الصّحية مثل الالتهاب الرئويّ والإسهال والعدوى.
4- يحمي حليب الأم الطفل من السمنة
تُساعد الرّضاعة الطّبيعيّة على زيادة الوزن بشكل صحي وتساعد على الوقاية من السّمنة لدى الأطفال، حيث أظهرت إحدى الدّراسات أنّ الرّضاعة الطّبيعيّة لمدة تزيد عن 4 أشهر أدّت إلى انخفاض كبير في فرص إصابة الطّفل بزيادة الوزن والسّمنة، وقد يكون هذا بسبب تطوّر بكتيريا الأمعاء المختلفة.
تحتوي أمعاء الأطفال الذّين يعتمدون على الرّضاعة الطّبيعيّة، على كميات أعلى من البكتيريا المفيدة، والتّي قد تؤثّر على تخزين الدّهون.
كما تحتوي أجسام الأطفال الذّين يحصلون على حليب الأم على كميّة أكبر من هرمون اللّبتين في أنظمتهم مقارنة بالأطفال الذّين يرضعون حليبًا صناعيّاً. اللّبتين هو الهرمون الرّئيسي لتنظيم الشهيّة وتخزين الدّهون.
5- يُعزز حليب الأم الصحة النفسية للطفل
أظهرت بعض الدّراسات أن العلاقة الحميمة الجسديّة والتّلامس والتّواصل البصري بين الأم والطفل خلال الرّضاعة الطّبيعيّة، يُعزز الصّحة النّفسيّة للطّفل وتقلّل من التّوتر.
ولا ننس أن أهمية الرّضاعة الطّبيعيّة للأم لا تقل عن أهميتها للطّفل، وأنّ الدّراسات ما زالت مستمرة لإيجاد الفوائد المخفيّة لهذا الكنز الثّمين.
يمكن الاطلاع على بعض المراجع أدناه لقراءة المزيد حول فوائد الرضاعة الطبيعية
المراجع:
1- https://www.webmd.com/parenting/baby/nursing-basics
2- https://www.healthline.com/health/breastfeeding/11-benefits-of-breastfeeding
3- https://www.nhs.uk/conditions/baby/breastfeeding-and-bottle-feeding/breastfeeding/benefits/
4- https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3586783/