الحروب الأهلية، والعنف المرتبط بها، والعنف عمومًا، ظواهر معقدة قُدِّمت حولها الكثير من الأبحاث والدراسات بهدف فهمها وشرحها وتفسير أسبابها. ومع ذلك، لا تزال بحاجة إلى قراءات ومقاربات جديدة نتيجة تطور أشكالها وأسبابها والغاية منها.
هنا وقفة مع 6 كتب تقدّم قراءات ومقاربات مختلفة حول الحروب الأهلية والعنف المرتبط بها.
1- دم الأخوين: العنف في الحروب الأهلية
يقدّم الكاتب والمؤرخ اللبناني فواز طرابلسي في كتابه "دم الأخوين: العنف في الحروب الأهلية"، قراءة جديدة في وظائف العنف وطقوسه وما يرتبط به من خطف ونهب وعمليات ثأر فردية وجماعية متبادلة، من خلال إقامة روابط بين الحرب الأهلية اللبنانية – والحروب الأهلية عمومًا – من جهة، ومجموعة من العادات والطقوس الدينية والأعراف القبلية المختلفة من جهة أخرى.
2- حقول الدم: الدين وتاريخ العنف
تنفي الكاتبة البريطانية كارين آرمسترونغ في كتابها "حقول الدم: الدين وتاريخ العنف" أن تكون الأديان هي المصدر الحقيقي للعنف والتطرف. وتدحض، عبر دراستها لحالات العنف المنسوبة إلى الدين وكشفها لدوافعها، الرواية المشوهة عن الإسلامي، السائدة في الغرب منذ القرن العشرين، إذ ترى أن معظم الصراعات التي يقال إنها قامت بدوافع دينية، هي في الأصل صراعات سياسية واقتصادية. وأن الاستبداد هو، غالبًا، المصدر الحقيقي للعنف والتطرف.
3- سوسيولوجيا الحرب والعنف
يسعى عالم الاجتماع الإيرلندي سينيشا مالشيفيتش في كتابه "سوسيولوجيا الحرب والعنف" إلى تقديم تفسير ونظرية سوسيولوجية لنشأة العنف والحروب في المجتمع الإنساني، من خلال البحث في علاقة البشر بالعنف والحرب انطلاقًا من مفارقة أنه رغم وجود استنكار كوني لأعمال العنف، دينيًا وقانونيًا، إلا أن الثقافة الشعبية البشرية، والروايات، وكتب التاريخ، والإعلام، وغيرها من تصاريف الحياة اليومية، مشبعة بصورة العنف وأدواته.
4- منطق العنف في الحروب الأهلية
يُعيد الباحث اليوناني ستاثيس كاليفاس في كتابه "منطق العنف في الحروب الأهلية"، النظر في المفهوم التقليدي للعنف في الحروب الأهلية بوصفه حالة عاطفية شعورية وغير عقلانية. ويرى، من خلال دراسته لعشرات الحروب، ونقده لمختلف النظريات الشائعة حولها، أن عنفها ليس عنفًا هائجًا مجنونًا وبلا معنى، ولا هو نتاج العاطفة أيضًا. كما أنه ليس مجرد تسييس للحياة الخاصة، وإنما خصصة للعنف السياسي، ما يجعل من الحروب الأهلية إحدى أكثر الظواهر تعقيدًا وتأثيرًا منذ ظهور فكرة الدولة.
5- فتنة: الحرب الأهلية بوصفها نموذجًا سياسيًا
يقدّم الفيلسوف الإيطالي جورجيو أغامبين في كتابه "فتنة: الحرب الأهلية بوصفها نموذجًا سياسيًا"، دراسة عن الحروب الأهلية كما بدت في الفكر السياسي الغربي في لحظتين من تاريخه: في شهادات فلاسفة اليونان القديمة ومؤرخيها، وفي فكر توماس هوبز، بوصفهما وجهان لنموذج سياسي واحد يعبّر عن نفسه من خلال التأكيد على حتمية الحروب الأهلية من جهة، وعلى ضرورة استثنائها من جهة أخرى.
6- صعود الوحشية المنظمة: سوسيولوجيا تاريخية للعنف
ينفي عالم الاجتماع الإيرلندي سينيشا مالشيفيتش في كتابه "صعود الوحشية المنظّمة: سوسيولوجيا تاريخية للعنف" أن يكون العنف المنظَّم، الحروب والثورات والإبادة الجماعية والإرهاب وغيره، قد انحسر مع تقدّم الحضارة البشرية وتطورها. كما يقدّم تحليلًا سوسيولوجيًا عميقًا يثبت أنه كلما تطورت وتوسعت الحضارات والنماذج البيروقراطية للحكم، كلما تطورت وتوسعت معها القدرة التنظيمية والأيديولوجية على ارتكاب العنف.