في العام الماضي، بلغ عدد السيارات الكهربائية المباعة عالميًا ضعف تلك التي بيعت في العام 2020، ليتخطى إجمالي المبيعات المسجلة حاجز 6.6 مليون سيارة. وقد تحققت هذه الزيادة اللافتة في مبيعات السيارات الكهربائية عالميًا، على الرغم من التخوّفات من تباطؤ مبيعات السيارات وتأثّر القطاع بتبعات جائحة كوفيد-19.
ما يزال حضور السيارات الكهربائية في مختلف المدن العربية نادرًا
إلا أن حضور السيارات الكهربائية في شوارع العديد من المدن العربية ما يزال نادرًا. ففي السعودية، وهي أكبر سوق عربي للسيارات، كانت حصة السيارات الكهربائية والسيارات الهجينة أقل من 3% من إجمالي مبيعات السيارات والمركبات الجديدة فيها عام 2020. ولا يختلف المشهد كثيرًا عن ذلك في باقي الدول العربية. ففي دول خليجية أخرى، يقتصر اقتناء السيارات الكهربائية على بعض الموديلات الفارهة التي يبحث مالكوها عن التمايز، بطريقة لا تختلف عن اقتنائهم السيارات الخارقة مثل بورشة وفيراري. ولعل الاستثناء الأبرز عربيًا هو الأردن، حيث بدأت تستحوذ السيارات الكهربائية على حصة معتبرة من سوق السيارات المستوردة (8% عام 2021)، وقد ارتفعت هذه النسبة إلى أكثر من 32% خلال الشهر الأول من العام الجاري.
ويعود تزايد شعبية السيارات الكهربائية في الأردن إلى سببين رئيسيين: الأول وهو ارتفاع أسعار الوقود مقارنة بمعدلات الدخل، إذ تعتبر أسعار الوقود في الأردن من بين الأعلى عربيا. أما السبب الثاني فهو بعض الإعفاءات الضريبة التي تتمتع بها السيارات الكهربائية مقارنة بسيارات الوقود التقليدية، مما يجعل أسعارها منافسة في السوق ومغرية للمشتري.
إلا أن الصورة الإجمالية في عموم الدول العربية، ما تزال غير مبشّرة بمستقبل قريب ناجح للسيارات الكهربائية، الذي سيظلّ مرهونًا بتذليل عدد من المطبّات التي تعترض طريق السيارات الكهربائية وانتشارها في الشوارع العربية، وتحول دون الاستفادة من الإيجابيات التي تمثّلها السيارات الكهربائية، كضررها الأقل على البيئة، والاهتمام الكبير من مصنعي السيارات في العالم. وسنحاول في هذا المقال استعراض هذه العوائق الأساسية في النقاط الستة الآتية:
1) ضعف البنية التحتية
ضعف البنية التحتية للسيارات الكهربائية هي مشكلة عالمية وليست محصورة بالدول العربية، وقد تكون الدافع الرئيسي لامتناع المستهلكين عن شراء هذه السيارات. ففي معظم البلاد العربية لا تتوفر محطات شحن عامة نهائيًا أو قد تكون معدودة على الأصابع في أحسن الأحوال. ولكن تسعى عدة دول عربية وبالذات الخليجية لحل هذه المشكلة بتوقيع اتفاقيات لإنشاء محطات الشحن وتوفير الخدمات لتلك السيارات. تشمل معضلة ضعف البنية التحتية أيضا موضوع الصيانة والاستدامة للسيارات الكهربائية على الطرقات، على الرغم من أن السيارات الكهربائية لا يلزمها مستوى الصيانة المطلوب للسيارات التقليدية، فهي أكثر بساطة بكثير وتحتوي على عدد أقل بكثير من الأجزاء المتحركة. ومع ذلك فهي ما تزال معرضة للعطل وتحتاج للصيانة الدورية. ومع محدودية الخبراء ومراكز الصيانة المدربين للتعامل مع هذه السيارات يصبح هذا الموضوع عاملًا إضافيًا ينفّر المستهلكين عن شرائها، خاصة إذا كانت مستعملة.
2) السعر المرتفع
السيارات الكهربائية والهجينة عمومًا أغلى ثمنًا من مثيلاتها التي تسير على الوقود التقليدي. وعلى الرغم من أن السيارات الكهربائية أو الهجينة تعوض ارتفاع ثمنها بالتوفير المتحقق من توفير الوقود أو الاستغناء عنه بالكامل الا أن موضوع السعر الابتدائي يظلّ مشكلة كبيرة. ولحلها لجأت العديد من دول العالم لتقديم دعم نقدي مباشر للأشخاص المقبلين على شرائها كما يحصل في الولايات المتحدة وأوروبا والصين وغيرها. بينما لجأت دول أخرى مثل الأردن إلى تقديم إعفاءات جمركية وضريبية على السيارات الكهربائية، وذلك لتشجيع مختلف المشترين على الإقبال على شرائها. وتعدّ الأردن الأولى عربيًا في السيارات الكهربائية، ومن الدول الناجحة عربيًا في تعزيز نموّ قطاع السيارات الكهربائية، ومن المهمّ أن تستفيد الدول العربية الأخرى من هذه التجربة. فالتجربة الأردنية في هذا المجال وعلى الرغم من أنها ما زالت ناقصة وتعتريها بعض السلبيات إلا أنها تثبت أنّه من الممكن إدماج السيارات الكهربائية ضمن منظومة الطرق والمركبات في الدول العربية.
اقرأ/ي أيضًا: الأردن الأولى عربيًا في السيارات الكهربائية.. ماذا عن المستقبل؟
3) انخفاض أسعار الوقود عربيًا
قد يبدو هذا سببًا غريبًا، لكن وباستثناء الأردن ولبنان وتونس، ربما تعتبر أسعار الوقود في العالم العربي من الأرخص في العالم. وفي ضوء ذلك يصبح شراء السيارة الكهربائية خيارًا أقل منطقية للمستهلك العربي، ولاسيما في الدول العربية المنتجة للنفط. وسيزداد الخيار صعوبة اذا ما أخذ المستهلك في الحسبان سعر السيارة المرتفع عادة مقارنة بالسيارات الأخرى. وقد يكون حل ذلك بتقديم تحفيزات للمستهلك العربي مثل تخصيص مواقف مجانية للسيارات الكهربائية أو إعفائها من رسوم تجديد الترخيص السنوية أو غيرها من الآليات والإجراءات التي من شأنها التشجيع على اقتناء السيارات الكهربائية.
4) ضعف التشريعات والقوانين الناظمة لهذا القطاع
تفتقر التشريعات في جميع الدول العربية تقريبًا إلى قوانين واضحة مختصة بالسيارات الكهربائية تحمي المستهلك والبائع لهذه السيارات. وفي حال تزايد انتشار هذه السيارات عربيًا، سيكون من المهم جدًا استحداث قوانين ومعايير ملائمة لتصنيف السيارات ومستلزماتها وقطع غيارها وتعليمات استيرادها، بالإضافة لأهمية تنظيم قطاع الصيانة والإصلاح للأشخاص العاملين في هذا المجال وتدريبهم.
5) مدى السيارات الكهربائية في الشحنة الواحدة
حاليا يبلغ متوسط مدى المسافة المقطوعة بالشحنة الواحدة للسيارات الكهربائية عام 2021 حوالي 234 ميلًا في الولايات المتحدة الامريكية (377 كيلومتر تقريبا)، وهذا الرقم يبدو أكثر من كاف لأغلب المستخدمين لكنه قد يكون عائقًا في بعض الدول العربية الكبيرة التي يقطع بها ملاك السيارات مسافات كبيرة وبشكل دوري كالسعودية والجزائر ومصر على سبيل المثال. ولكن من المتوقع مع تقدم تكنولوجيا البطاريات والسيارات الكهربائية أن يطرًا تحسن هذا الرقم بشكل كبير خلال السنوات القليلة المقبلة، بالتزامن مع انخفاض تكلفة البطاريات والسيارات الكهربائية.
6) الشبكة الكهربائية
قد يكون هذا من أقل المعيقات أهمية في هذه المرحلة، لكن فيما اذا ازداد الطلب على هذا النوع بشكل كبير في الدول العربية على السيارات الكهربائية فمن المتوقع أن يضع ذلك عبئًا إضافيًا على الشبكات الكهربائية في الدول العربية وبالأخص الدول التي تعاني أصلًا في هذا المجال، لذلك من المهم الاخذ بالحسبان ازدياد عدد هذا السيارات عند التخطيط لأنظمة الطاقة في البلاد العربية.
تبدو دول خليجية ثلاثة، وهي السعودية والامارات وقطر، الأسرع في محاولة تفادي هذه العقبات. فالإمارات مثلا تسعى ليكون على طرقاتها 42 ألف سيارة كهربائية بحلول العام 2030 وبدأت ذلك بتحويل 20% من أسطول المركبات الحكومية إلى سيارات كهربائية. بينما استثمرت السعودية في شركة "لوسيد" لتصنيع السيارات الكهربائية وتنوي انشاء مصنع لتجميع السيارات الكهربائية في السعودية بحلول عام 2026. أما في قطر فثمة خطة تسعى لتحويل 25% من المواصلات العامة لتعتمد على الطاقة الكهربائية قبل بداية مونديال 2022، لتواصل عملية التحول الكهربائي الكامل في قطاع المواصلات العامة مع نهاية العقد.
لقراءة المزيد عن السيّارات الكهربائية وآخر أخبارها، يمكن متابعة هذا التبويب الخاص على موقع التراصوت.
اقرأ/ي أيضًا:
تعرّف على الأوقات التي يستغرقها شحن هذه السيارات الكهربائية
قائمة غير متوقّعة لأفضل 5 سيارات كهربائية في العالم اليوم