عقدت شركة آبل في الآونة الأخيرة مؤتمر آبل العالمي للمطورين، وقد استغلت هذه المناسبة الحاشدة أفضل استغلال باستعراضها أحدث ابتكاراتها في مجال منتجات العالم الافتراضي؛ إذ أعلنت الشركة عن فيجين برو (Vision Pro)، وهو جهاز مكون من نظارة وسماعة معًا، ليكون بذلك باكورة منتجات الواقع المختلط من آبل. وقدّم العرض مجموعة من المعلومات المهمة عن هذا الجهاز، واستعرض أبرز مزاياه المذهلة وأورد بعض التفاصيل الضرورية مثل السعر وموعد الإصدار وغيرها.
فيما يلي نبين أهم المزايا والمعلومات المتعلقة بنظارة فيجين برو.
الأسعار
أعلنت شركة آبل خلال عرض الإطلاق ضمن مؤتمر آبل العالمي للمطورين عن سعر جهاز فيجين برو، إذ يبلغ سعره عند الإطلاق 3،499 دولار أمريكي. ومن المقرر أن يتوفر هذا الجهاز بادئ الأمر في الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك لا توجد قائمة بأسعاره في الدول الأخرى. ومن اللافت للاهتمام في هذا الموضوع هو معلومات نشرها أحد المسربين، وادعى فيها أن نفقات تصنيع فيجين برو تبلغ 1،509 دولار أمريكي للجهاز الواحد، وبذلك تحقق شركة آبل هامش ربحٍ كبيرًا من هذا الجهاز إن صدق كلام المسرّب. ولا يتاح الطلب المسبق لشراء فيجين برو في الوقت الحالي، بيد أن آبل توفر خيار إرسال إشعار لإخطار الراغبين بشراء هذا الجهاز عندما يعرض للطلب المسبق.
موعد الإصدار
لم تحدد آبل حتى الآن أي موعد رسمي لإصدار جهاز فيجين برو، بيد أنها عينت موعد إتاحة الجهاز للشراء في مطلع عام 2024، وهو ما يعد تصديقًا لإحدى الشائعات التي انتشرت قبل الإعلان عن الجهاز، وقالت إن موعد إصداره قد يتأخر حتى العام المقبل. ومن المقرر طرح فيجين برو في الولايات المتحدة الأمريكية أولًا، على أن تطرح بعد ذلك في دول أخرى.
التصميم
عندما يرى الشخص جهاز فيجين برو لأول مرة، فقد يظنّ للوهلة الأولى أنه غير مختلف عن نظارة الواقع الافتراضي التقليدية أو جهاز الواقع المختلط كويست برو (Quest Pro) من شركة ميتا (Meta). بيد أن الفروقات تظهر جلية بمجرد تشغيل الجهاز. ولعل الفارق الأبرز بينها هو احتواء الجزء الأمامي من هذا الجهاز على واجهة عرض (شاشة) تحت لوح منحنٍ من الزجاج الرقائقي الثلاثي الأبعاد، ويتيح هذا التصميم لفيجين بروا توظيف ميزة آي سايت (EyeSight)، وهي ميزة تعرض عيني المستخدم للناس الموجودين حوله بطريقة تُشعره أنهم يتفاعلون معه على النحو المعتاد.
ويؤدي اللوح الزجاجي في فيجي برو وظيفة أخرى، فهو يشكل عدسة لمجموعة الكاميرات ضمن الجهاز. وتشير المواصفات المذكورة إلى وجود 12 كاميرا و6 ميكروفونات في فيجين برو، وبذلك لا يضطر المستخدم إلى استعمال أداة تحكم لإدارة الجهاز، وإنما يكتفي باستخدام تتبع العين وإيماءات اليد والأوامر الصوتية.
كذلك تحتوي فيجين برو على إطار مصنوع من سبائك الألمونيوم، وهو إلى ذلك يتسم بقدرته على الانحناء بما يُلائم وجوه المستخدمين مهما تباينت في الحجم والشكل. وتركز آبل في تصميم فيجين برو على الملائمة المريحة للمستخدمين، فتوفر عصابة الرأس بأحجام مختلفة، وهي إلى ذلك مصنوعة من نسيج محبوك ثلاثي الأبعاد ومثبتات معتمدة على آلية تثبيت بسيطة في مقدمة العصابة. وفي تلك المنطقة مكبرات الصوت المصممة لتوفر أصواتًا محيطية مخصصة وغامرة قدر المستطاع.
ويتميز تصميم فيجين برو بوجود زرين في أعلى السماعة؛ فالأول يتيح للمستخدم التقاط صور وفيديوهات مكانية، وهنا تحاول آبل معالجة مشكلة التقاط الصور للأشخاص الآخرين دون انتباههم، فتقول إنّ ميزة آي سايت تطلق إشارة واضحة عند التقاط الصور والفيديوهات، وبذلك ينتبه الأفراد المحيطون بالمستخدم. وأما الزر الثاني فهو زر دوار تاجي الشكل مخصص للتحكم في درجة انغماس المستخدم في تجربة الواقع الافتراضي عند ارتداء فيجين برو.
ويستطيع المستخدم أن يستعمل نظارة فيجين برو طوال اليوم عند توصيلها بالتيار الكهربائي، بيد أنها تستلزم بطارية خارجية لمواصل العمل عند فصلها عن الكهرباء. وعمومًا تدوم هذه البطارية لمدة ساعتين، وهي إلى ذلك تتطلب استعمال شاحن خاص من آبل.
الشاشة
تقدم شركة آبل مواصفات مميزة حينما يتعلق الأمر بشاشة فيجين برو؛ إذ توجد شاشتا عرض في الجهاز من نوع ميكرو أوليد (Micro OLED) بدقة 4K. ويتشابه حجم كل شاشة منهما مع حجم الطابع البريدي، وتستطيع هاتان الشاشتان أن تعرضا معًا قرابة 23 مليون بكسل، أي ما يعادل نحو 64 ضعفًا لكثافة البكسل في جهاز الآيفون آخر حسب كلام آبل.
وتقول آبل كذلك إن فيجين برو تتميز بنطاق لوني واسع ونطاق ديناميكي عالٍ، وقد طورت الشركة رقاقة أر 1 (R1)، مما يتيح وصول المحتوى إلى الشاشتين في 12 ميلي ثانية فقط. ولم تغفل آبل في تصميمها للشاشة عن المستخدمين المصابين بمشكلات النظر والمضطرين إلى ارتداء النظارات، فتعاونت مع شركة ZEISS بغرض استخدام ملحقات بصرية تنوب عن النظارات عند استعمال فيجين برو.
عناصر التحكم
قررت شركة آبل التخلي كليًا عن أدوات التحكم في فيجين برو، واعتمدت بدلًا منها على مستشعرات وكاميرات موضوعة في الجهاز حتى يستطيع المستخدم التحكم به عبر العين والإيماءات والأوامر الصوتية. وتهدف آبل من وراء ذلك إلى إضفاء طابع طبيعي على هذه النظارة، فلا يتطلب الأمر من المستخدم إلا إدارة رأسه حتى يتغير محل تركيز الشاشة، أو النقر على أصابعه لمحاكاة نقرات الماوس.
ومن المزايا المألوفة سابقًا لدى مستخدمي منتجات شركة آبل هي المساعد الصوتي سيري، الذي يوجد كذلك في فيجين برو، أما الميزة الثانية المألوفة فهي قابلية استعمال النظارة مع مجموعة واسعة من المنتجات العاملة بتقنية البلوتوث. كذلك تدعم فيجين برو بعض وحدات التحكم مثل ذراع ديوال سينس (DualSense) الخاص بجهاز بلاي ستيشن 5، فضلًا عن دعم لوحة المفاتيح والماوس ولوحة التحكم من ماركة ماجيك (Magic) لدى آبل، فهي مناسبة للمستخدمين الذين لا يحبذون استعمال الإيماءات أو لوحة المفاتيح الافتراضية.
نظام التشغيل والتطبيقات
لم تكتفِ شركة آبل باستعراض نظارة فيجين برو الجديدة، وإنما أعلنت أيضًا عن نظام فيجين أو إس (VisionOS)، وهو نظام تشغيل جديد مصمم تحديدًا لتشغيل برامج وتطبيقات جهاز فيجين برو. ويتيح هذا النظام للمطورين تصميم وإنشاء تطبيقات خاصة بفيجين برو، ويوفر لهم أيضًا بعض المزايا الجديدة.
ولعل أبرز ميزة في هذا النظام هي ميزة آي سايت، التي تتيح عرض عيني المستخدم للآخرين أو إخفائها عنهم، فهي مصممة لعزل المستخدم عن العالم الحقيقي حين ينغمس في استخدام نظارة فيجين برو. وعمومًا يظل الهدف الأسمى لنظارات فيجين برو- حسب كلام آبل- هو إبقاء المستخدم في العالم الحقيقي قدر المستطاع، وإن كان منغمسًا بشدة في العالم الافتراضي عبر النظارة. لذلك يحرص نظام فيجين أو إس على إنشاء واجهة مستخدم ثلاثية الأبعاد ومتلائمة مع الضوء الطبيعي في المكان، وتتيح للمستخدم توسيع حجم التطبيقات أو نقلها بمجرد حركة إيمائية من يديه.
ولا ريب أن فيجين برو تحتوي على تطبيقات مبتكرة وأصلية، بيد أنها ما تزال قليلة العدد، ولا يعد هذا الأمر مشكلة بتاتًا نظرًا لأنها تُشغل تطبيقات أنظمة التشغيل الأخرى مثل أي أو إس (iOS) وأيباد أو إس (iPad OS)، وبذلك تتيح للمستخدمين خيارات وتطبيقات كثيرة ضمن متجر واحد.
تبدو نظارة وسماعة فيجين برو ابتكارًا تكنولوجيًا متطورًا في مجال العالم الافتراضي، فهي إعلان صريح من آبل برغبتها بدخول هذا المجال ومنافسة شركة ميتا
ولم تغفل آبل عن جانب الألعاب عند تصميم نظارة الواقع المختلط هذه، فخدمة الاشتراك بالألعاب آبل أوركيد (Apple Arcade) توفر ما يربو عن 100 لعبة مخالفة، منها لعبة NBA 2K. كذلك يستطيع المستخدم استعمال وحدة تحكم عاملة بالبلوتوث لتشغيل الألعاب الإلكترونية.
على العموم تبدو نظارة وسماعة فيجين برو ابتكارًا تكنولوجيًا متطورًا في مجال العالم الافتراضي، فهي إعلان صريح من آبل برغبتها بدخول هذا المجال ومنافسة شركة ميتا المهيمنة عليه في الوقت الراهن. ولا يعيب فيجين برو حسب المواصفات المذكورة إلا أمران هما السعر الباهظ نسبيًا، وضعف أداء البطارية ومدة التشغيل القصيرة. أما ما عدا ذلك فتبدو فيجي برو جهازًا منقطع النظير حاليًا من حيث المواصفات.
