"يبدو أن الأمر يتعدّى الرياضة"، " هل كان ريال مدريد حقا سينافس هذه الأرقام؟"، "لابد أن الربح المادي هو آخر همّ النادي عندما يدفع هذه الأرقام".
باريس سان جيرمان حريص على تجنب خسارة اللاعب الفائز بجائزة الكرة الذهبية سبع مرات بشكل مجاني ولديه عروض جديدة على الطاولة.
هكذا كانت تعليقات رواد وسائل التواصل الاجتماعي على منشور عبر تويتر لإحدى وسائل الإعلام الإنجليزية، قالت فيه صبيحة إعلان باريس سان جيرمان تجديد عقد كليان مبابي، إن راتب مبابي الأسبوعي سيصل حد المليون جينه إسترليني إنجليزي، تلك الجماهير والتي قد توافق رأيك بنسبة كبيرة، لم تُثنها رواية رئيس النادي الفرنسي حينها بأن ريال مدريد كان سيدفع أكثر، عن اعتقادها ذاك.
فالآن ومع بدء المفاوضات لتجديد عقد النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، ومع حمى الأخبار اليومية التي تطالعنا عن مطالب وعروض مالية ضخمة، تعود معها من جديد خيالات المتابعين للدائرة الأولى، عن الجدوى المادية للمؤسسة، والسوق المنافسة، لكن هذه المرة تبدو رواية النادي أكثر إقناعاً لأن شروطها الاقتصادية أكثر تحققاً.
أرقام ذات بعد آخر
"كنا ننهي بصعوبة صفقة بعملة مشفرة قبل التوقيع مع ميسي، لكن في الأسابيع القليلة التي تلت التوقيع مع النجم الأرجنتيني، ارتفع السعر بشكل كبير، لأن الناس أبدوا اهتمامًا أكبر بالشراكة معنا "، كان هذا حديث مارك أرمسترونج المدير التسويقي لنادي باريس سان جيرمان مع صحيفة ماركة الإسبانية، فوفقًا لما نشرته مجلة "إيكونوميست " المختصة في الأرقام السوقية والاقتصادية، فقد وصل مخزون العملات المشفرة داخل خزينة نادي العاصمة الفرنسية لـ300 مليون للمرة الأول في تاريخ النادي بعد التوقيع مع ليونيل ميسي، لعلك تتساءل الآن عن ماهية هذا الرقم الذي يبدو غريبا عليك، أو ما دخله بصفقة استجلاب لاعب جديد. فهذا الرقم عزيزي القارئ، يعكس أولى التبعات الاقتصادية لقدوم الأرجنتيني للعاصمة الفرنسية، والتي تبدو بعيدة عن خيال تلك الجماهير. فماذا عن الجدوى المادية المتعارف عليها لدى كل مؤسسة؟
بحسب التقرير " إيكونوميست " ، زادت عائدات النادي الفرنسي بنحو 700 مليون يورو في العام الأول الذي ارتدى فيه الأرجنتيني قميص باريس سان جيرمان - رغم أنهم لم يفزوا بدوري أبطال أوروبا، فقد ساهم وصوله في جذب ما لا يقل عن عشرة رعاة جدد، وعلامات تجارية مثل " ديور" و" بيغ كولا " وغيرها، بصفقات تراوح بعضها من 3 ملايين إلى 5 ملايين يورو والبعض الأخر فاق حاجز ال5 مليون إلى ما بين 6 و 8 ملايين يورو لكل منها.
الرعاة الجدد، ساهموا في تحسين الدخل السنوي للنادي بأكثر من نسبة 13 بالمئة بالمقارنة مع السنة التي سبقتها، أما النقطة الأهم والأوضح من جملة تأثيرات البرغوث الأرجنتيني الاقتصادية هي تلك المتعلقة بالمبيعات، حيث أدى تأثير ميسي إلى زيادة هائلة في عدد القمصان المباعة في موسمه الأول، إذ باع باريس سان جيرمان أكثر من مليون وحدة في مراكز بيعه الرسمية، والتي تكلف كل منها ما بين 90 و 160 يورو، وأكثر من 60 في المائة منها تحمل اسم ميسي في الخلف، وذلك بنمو إجمالي في المبيعات جاوز الـ40 بالمائة.
الطفرة التي عرفها فريق عاصمة النور في الإقبال على مقتنياته الرياضية، عجلت بتجديد اتفاق النادي مع شركة " نايكي " الأمريكية للتجهيزات الرياضية المصنعة لقميص و أطقم الفريق، العقد الجديد للنادي مع الشركة الأمريكية أُبرم لغاية العام 2032، بمبلغ إجمالي يتعدى الـ75 مليون يورو سنويًا، ليكون بذلك ثاني أغلى عقد لنايكي مع الأندية العالمية، بعد عقدها مع برشلونة الإسباني، ويذكر هنا أن بعض الأخبار كانت قد راجت من قبل رغبة الشركة الأمريكية في الغاء شراكتها مع سان جيرمان.
ووفقا لأرمسترونج في حواره مع ماركا، فإن صفقة لاعب برشلونة السابق أحدثت طفرة تسويقية للنادي على مستوى الوسائط الاجتماعية الجديدة، "كسبنا ما معدله 1.4 مليون متابع أسبوعيًا وكنا أول ناد يصل إلى 10 و 20 مليون متابع عبر منصة " التيك توك "، و أصبحنا أكبر علامة تجارية فرنسية على انستغرام "، حيث ارتفع عدد متابعي النادي على تلك الشبكة من 38.5 مليون متابع إلى 60.9، أي تقريبا الضعف منذ وصول النجمة من روزاريو.
ألم أقل لك أن للأمر أبعاد أكبر من التي تراها الجماهير، وأن لغة الأرقام لاتقف عند فهمهم للأرقام المتعلقة بعدد الأهداف والتمريرات الحاسمة؟ بل تصبح ذات أبعاد أخرى عندما يتعلق الأمر بالمؤسسة، وأن الرواية الآن أكثر إقناعًا، لأن هناك فعلاً هذه المرة من سيدفع أكثر.
استغلال لوضعية النجم الأرجنتيني مع فريقه الباريسي، وأن عقده ينتهي بحلول الصيف القادم، ما يعني إمكانية توقيع اللاعب لأي فريق آخر في شهر يناير الحالي دون الحاجة لموافقة ناديه، وهو ما دفع عديد الأندية لمتابعة وضع اللاعب عن كثب ومحاولة إغراءه، فقد أكد الصحفي الإسباني الموثوق خوسيه فيليكس رئيس تحرير صحيفة ماركا خلال حضوره ببرنامج " إس بي سي "، عن وجود فعلي لعرض سعودي متعلق بنادي الهلال على طاولة النجم الأرجنتيني.
المؤكد أنه بالإضافة للرغبة الشخصية للاعب، فلن يُخرج ميسي من باريس، إلا أمولًا أكثر تُدفع لصالحه، فالمصادر السعودية تؤكد أن ما وضعه الهلال من أجل ميسي، أكبر من أن يُقاوم، فقد نشر الإعلامي المقرب من إدارة النادي الأزرق خالد الذياب، تغريدة عبر حسابه على تويتر قال فيها، " عرض الهلال أثناء تواصله مع ميسي فاق ال300 مليون يورو "، لذلك فباريس سان جيرمان حريص على تجنب خسارة اللاعب الفائز بجائزة الكرة الذهبية سبع مرات بشكل مجاني ولديه عروض جديدة على الطاولة.
يكسب ميسي حاليًا حوالي 30 مليون يورو بعد الضرائب، فعلى الرغم من عمره الكبير 35 عامًا، فمن الواضح أن ميسي بعد فوزه بكأس العالم يرى أنه يستحق أكثر مما حصل عليه حتى الآن. هذا يعني أن باريس سان جيرمان يجب أن يعرض عليه زيادة في الراتب، ووفقا للماركا فإن النادي الفرنسي سيقدم عرضاً لنجمه ليونيل ميسي يستحيل رفضه في اللقاءات التي ستجمع ممثلي الفريق الفرنسي مع وكيل اعمال اللاعب ووالده خورخي ميسي الأسبوع القادم.
ووفقا لما نشرته صحيفة ليكيب سابقًا، فإن هناك بند في عقد اللاعب مع الفريق ينص على خيار التمديد لمدة 12 شهرًا أي لغاية صيف 2024، في حال وافق اللاعب على ذلك، وأوردت الصحيفة بأن الراتب قد يرتفع في حالة التمديد ل40 مليون يورو سنوياً.
وبالنسبة لصحيفة لوباريسيان، فعلى الرغم من أن الراتب الجديد الذي سيقدم لميسي والذي يقدر ب41 مليون يورو، سيبقى بعيداً جدا عن راتب كليان مبابي الذي يتقاضى 72 مليون يورو، إلا أن ميسي يتقهم ذلك ومهمة إقناعه بالتجديد لن تكون صعبة على الإدارة الباريسية، لأن إقامته في باريس توفر له عنصرين أساسيين في عينيه، عائلته سعيدة من ناحية والبقاء في المستوى الأوروبي الأعلى من ناحية ثانية، والأمل في رفع دوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة، وكرة ذهبية ثامنة، وهذا ما لن يجده في أي ناد أخر في أوروبا.