يشهد حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، صراعًا حادًا بين زعيمه والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية التركية كمال كليجدار أوغلو، ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، منذ خسارة الحزب للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت في أيار/ مايو الماضي، فقد تعالت الأصوات التي تدعو كليجدار أوغلو للتنحي عن رئاسة الحزب،مع اتهامه من قبل التيار المعارض له، بالقضاء على إرث الحزب.
من جانبه، رفض زعيم حزب الشعب الجمهوري الاستجابة لدعوات معارضيه بتقديم استقالته من رئاسة الحزب، قائلاً: "إن المناضل الذي خاض عشر قتالات لا يمكنه الانسحاب من الجولة الحادية عشرة، والهروب من الساحة، بل عليه الاستمرار في النضال".
ورد كليجدار أوغلو على طلبات بعض أعضاء المجلس التنفيذي للحزب بضرورة تقديم القيادة العليا استقالتها، أنه على "استعداد لترك منصبه من رئاسة الحزب، في حال وجد الشخص المناسب لخلافته"، مشترطًا أن "يكون الشخص بلا ماضٍ قذر"، حسب وصفه، وأن "يتمتع بالأمانة ونظافة اليد".
شهد حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة في تركيا صراعًا حادًا بين زعيمه والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية التركية كمال كليجدار أوغلو، ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو
وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري إن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو سيكون هو مرشح الحزب لرئاسة بلدية المدينة لولاية ثانية في الانتخابات المحلية التي ستشهدها تركيا في شهر نيسان/أبريل من العام القادم.
انتقادات حادة
في المقابل، لم يعلق رئيس بلدية إسطنبول حول تصريحات كليجدار أوغلو بترشيحه للانتخابات المحلية القادمة، لكن خلال الاجتماع الأخير لرؤساء البلديات التابعين لحزب الشعب الجمهوري في العاصمة أنقرة، وجه إمام أوغلو انتقادات حادة لزعيم الحزب.
وقال رئيس بلدية إسطنبول وهو ينظر إلى كليجدار أوغلو: "أجدك شخصًا غير كفء لإدارة الحزب خلال المرحلة القادمة"، وطالب إمام أوغلو رئيس الحزب بضرورة "التغيير داخل أروقة الحزب حتى يتسنى لهم الفوز في الانتخابات القادمة".
وأضاف إمام أوغلو، أن الحزب تحت قيادة كليجدار أوغلو، منذ عام 2010 جاء دائمًا في المرتبة الثانية بين الأحزاب التركية في كل الاستحقاقات الانتخابية التي خاضها، خلف حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ عام 2002.
تسريب اجتماع سري
وبعد ما كان الصراع داخل أروقة الحزب، خرج للعلن بعد تسريب مقطع مصور لاجتماع سري عقده أكرم أوغلو بقيادات من الحزب عبر منصة "ZOOM"، يناقش فيه إنشاء تيار داخل الحزب قبيل عقد المؤتمر العام العادي المقرر في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وكان من بين المشاركين في الاجتماع نائب رئيس مجموعة حزب الشعب الجمهوري في مجلس النواب التركي جوكهان جونايدين، وأعضاء مجلس الحزب بولنت تيزكان، وأوزغور أوزيل، والنائب عن مدينة إسطنبول إنجين ألتاي.
وفي الفيديو، يقول إمام أوغلو، في بداية الاجتماع، إنهم سيناقشون القضايا المتعلقة بما يمكن عمله مع رئيس الحزب كمال كليجدار أوغلو فيما يتعلق بالانتخابات المحلية وقادة البلديات التابعين للحزب، الذين تم فصلهم بقرار من اللجنة التأديبية للحزب.
كما تم مناقشة إعداد خطة لإقامة مؤتمر بديل للحزب، والعمل على إزاحة قياداته الحالية، وتحدثت القيادات التي حضرت الاجتماع عن جمع التوقيعات المعارضة، من أجل دفع رئيس الحزب كليجدار أوغلو إلى اجتماع غير عادي لمجلس الحزب، وذلك لإنجاح المطالبات بضرورة "التغيير" الذي يطالب به إمام أوغلو منذ فترة.
ناقش المجتمعون الأسباب والآثار المترتبة على خسارة كليجدار أوغلو للانتخابات الرئاسية، الذي تم ترشيحه من قبل تحالف "الأمة" المعارض.
جدل واتهامات
وأثار التسريب جدلًا واسعًا في أروقة حزب "الشعب الجمهوري"، لا سيما أنه جرى دون علم زعيم الحزب، ووصف المقربون من الحزب، الاجتماع بـ "الانقلاب".
بدوره، قال زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، إن الاجتماع الذي عقده أكرم إمام أغلو "لم يكن أخلاقيًا".
وكشف كليجدار أوغلو، أنه فوجئ بمقطع الفيديو المسرب لإمام أوغلو مع قادة من حزب الشعب الجمهوري، وذلك بعدما وصله الفيديو في رسالة عبر هاتفه، قائلًا: إنه "لم يطَّلع على المقطع كاملًا حتى الآن، لأنه يراه عملًا غير أخلاقي"، وأضاف كليجدار أوغلو أنه "يرى أن الحديث حول مستقبل الحزب يجب أن يكون بعيدًا عن كل الشاشات"، مشيرًا إلى أن "الأسماء التي شاركت في الاجتماع لن تخضع للتأديب أو لأي مساءلة قانونية داخل أروقة الحزب".
وتعليقًا على الضجة التي أثارها التسريب، قال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، إنه "تجري مناقشة مواضيع الحزب مع أعضاء الحزب. لا يوجد شيء أكثر طبيعية من هذا"، وأضاف إمام أوغلو في معرض رده على أسئلة الصحفيين: "أستطيع القول إننا قد أجرينا ما يقرب من 200 اجتماع مماثل منذ الانتخابات. ستستمر هذه الاجتماعات، وليس لها جانب سري، لدينا اجتماع آخر غدًا، بل لدينا اجتماع مماثل اليوم. ليس له أي جانب سري".
وبالتزامن مع التسريب، عقدت الهيئة المركزية لحزب الشعب الجمهوري اجتماعًا، وقال المتحدث باسم الحزب فايق أوزتورك، إنهم لم يكن لديهم أي علم بالاجتماع الذي عقده إمام أوغلو، وأضاف أوزتورك، أنه من "الخطأ إجراء اجتماع عبر الإنترنت، بينما تحترق البلاد، ويعاني الشعب من ارتفاع الأسعار ويتعرض للاضطهاد".
وكشفت قناة "سي أن أن" التركية، أن بعض أعضاء الهيئة المركزية للحزب، طالبوا باستقالة جوكهان جونايدين، وأوزغور أوزيل، وأشارت القناة إلى أن كليجدار أوغلو لم يعرب عن رأيه بشأن هذه المسألة خلال الاجتماع.
من جهته، رد أوزغور أوزيل، أحد الأسماء المشاركة في الاجتماع على المطالبات باستقالته، بقوله: "لقد تشاورنا مع أصدقائنا، ما من شيء أكثر طبيعية من ذلك"، مؤكدًا عدم استقالته من الحزب.
من ناحية أخرى، علق الصحفي والنائب السابق عن حزب الشعب الجمهوري باريش ياركداش على التسريب، قائلًا: "يظهر الفيديو كيف يتم تدمير هوية والتسلسل الهرمي لحزب الشعب الجمهوري تحت مسمى التغيير، والذين هم في صنع القرار ولهم سلطة على رئيس البلدية يتصرفون وكأنهم موظفون تحت أمره، ويقدمون له العروض.. شعرت بالخجل عندما شاهدته".
حرب التسجيلات
أما الصحفي المقرب من حزب الشعب الجمهوري، إسماعيل صايماز، فقد ذكر أن "حرب التسجيلات" داخل الحزب بدأت، وهذا التسجيل ليس الأول ولن يكون الأخير.
وأوضح صايماز أن الاجتماع الذي عقده إمام أوغلو، يهدف بشكل أساسي للتدخل بشأن رؤساء المقاطعات الذين تم فصلهم، وعقد مؤتمر استثنائي للحزب.
الصحفي المقرب من حزب الشعب الجمهوري، إسماعيل صايماز، فقد ذكر أن "حرب التسجيلات" داخل الحزب بدأت، وهذا التسجيل ليس الأول ولن يكون الأخير
وحول كيفية تسريب الاجتماع، أشار صايماز إلى أن أحد الحضور عبر منصة "ZOOM"، غير معروف ولم يظهر اسمه وصورته، لافتًا إلى أنه وفقًا للمعلومات التي حصل عليها قد تكون هناك تسريبات أخرى للاجتماع.
وتصاعدت الخلافات، على مسألة اختيار المندوبين للمؤتمر العام الذي سيعقده الحزب الخريف المقبل، وسعي إمام أوغلو لتحديد أسماء داعمة له، لكن رؤساء فرع الحزب في كل الولايات التركية البالغة 81 ولاية، أكدوا دعمهم لكيلجدار أوغلو.
يذكر أن إمام أوغلو، أطلق موقعًا إلكترونيًا، وكتب في حسابه على تويتر: "دعوة للتغيير، التغيير في حزب الشعب الجمهوري، التغيير في تركيا، أدعوكم للمشاركة في تقديم الآراء والمقترحات في التغيير من أجل الحكم"، واضعًا رابط الموقع الإلكتروني الجديد.