من الطبيعي أن نشعُر بالتعب من وقت لآخر، إلّا أنّه هناك بعض الحالات التي قد يستمر شعورنا بالتعب والإرهاق لمدّة تزيد عن أربعة أسابيع، فتُطرح في أذهاننا العديد من الأسئلة؟ ما هي أسباب استمرار شعورنا بالتعب؟ ومتى علينا التوجّه للطبيب؟ وهل يوجد اجراءات معيّنة بإمكاننا فعلها للشعور بالتحسّن؟
التعب هو الإرهاق المُستمر لمدّة طويلة، والشعور بالإجهاد دون وجود مُبرر
وقبل كل هذا علينا أن نعرف، ما هو تعريف التعب أو الإرهاق الذي نقصده وسنتحدث عنه في هذا المقال؟
ما هو تعريف التعب؟
التعب هو الإرهاق المُستمر لمدّة طويلة، والشعور بالإجهاد دون وجود مُبرر، ويُشبه شعور التعب عند الإصابة بالإنفلونزا، أو عدم الاكتفاء من النوم لفترة طويلة، فقد تشعر بالتعب فورَ استيقاظك من النوم، وعدم تمكنّك من إنجاز مهامِك اليوميّة.
ما هي أسباب الشعور بالتعب المُزمن؟
يُمكن تصنيف الأسباب التي قد تسبّب الشعور بالتعب لفترة طويلة، إلى 3 أصناف رئيسيّة:
الأسباب الجسديّة
الأسباب الجسديّة التي قد تسبب التعب لفترة طويلة، تتمثّل فيما يلي:
يرتبط حدوث النقص في مستويات بعض من الفيتامينات والمعادن بالشعور بالتعب، ومنها:
- الحديد.
- الريبوفلافين (فيتامين ب 2).
- النياسين (فيتامين ب 3).
- حمض البانتوثنيك (فيتامين ب 5).
- البيريدوكسين (فيتامين ب 6).
- حمض الفوليك (فيتامين ب 9).
- فيتامين ب 12.
- فيتامين د.
- فيتامين سي.
- المغنيسيوم.
فمن الشائع عند الكثير، فقر الدم الناتج عن نقص الحديد، إذ يُمثل ما نسبته 50% من حالات فقر الدم في العالم، ولكن الحل يكون سهلاً في أغلب الحالات، فاستعادة مخزون الحديد بالطرق الطبيّة العديدة ودعمها بالتغذيَة السليمة، والتركيز على تناول الأغذية الغنيّة بالحديد مثل (الكبد، واللحوم الحمراء، والبقوليات، والسبانخ، وبذور اليقطين، والكينوا، ولحم الديك الرومي، والبروكلي، والتوفو، والشوكولاته الداكنة، والأسماك)، سيدعم الجسم بالحديد الذي ينقصه، ويحسّن الشعور بالتعب إن كان هذا هو السبب الوحيد له.
وأيضاً من الأسباب المحتملة والمهمّة للشعور بالتعب الدائم، نقص فيتامين ب 12 والذي يُعتبر شائعاً وخاصّة عند المتقدّمين بالعمر، لأن امتصاصه يقل مع تقدّم العمر، ويرتبط حدوث النقص فيه بالتعب المُزمن؛ لأنّه من وظائف فيتامين ب12 هو توصيل الأكسجين للخلايا وإنتاج الطاقة.
وعادة ما تركّز الخطّة العلاجية في هذه الحالة على أخذ مكمّلات فيتامين ب12، والتركيز على تناول مصادره الغذائيّة مثل (اللحوم بأنواعها، والكبد، وسمك السردين والتونا والسالمون، والأغذية المدعمّة بفيتامين ب12).
إعادة مخزون الجسم من جميع هذه الفيتامينات والمعادن، سيحسّن الوضع العام لصحّة الجسم، ورفع طاقته، والتقليل من شعوره بالتعب.
يؤّثر وزن الجسم المُرتفع تأثير مباشر على دورة النوم، ويزيد من احتماليّة الإصابة بانقطاع النفس الانسدادي النومي والذي من أبرز أعراضه الإرهاق والشعور بالتعب أثناء النّهار، وحتى وإن لم تحدث حالات انقطاع النفس أثناء النوم فإنّ زيادة الوزن مرتبطة بالشعور بالنعاس أثناء النهار.
بالإضافة إلى ارتباط السُمنة بالأمراض المُرافقة للشعور بالإرهاق، مثل السكري، والاكتئاب.
فالحل هُنا هو اتباع نمط حياة يؤدي إلى نزول وزن الجسم بطريقة صحيّة، وذلك بالالتزام ببرنامج غذائي صحّي ومُتكامل وممارسة التمارين الرياضيّة باستمرار، على أن يكون هذا البرنامج مناسباً للحالة الصحيّة، فيُمكن أن يساعدك أخصائي التغذية بتحديده.
وفي حال وجود أي من الأمراض المُزمنة، من الضروري الالتزام بجرعات الأدوية والعلاجات الموصوفة من الطبيب المختّص.
انخفاض وزن الكتلة العضليّة عن حدود معيّنة يؤدي إلى ضعف قدرتها العمليّة، وبالتالي الشعور أكثر وأسرع بالتعب.
ولرفع قدرة الكتلة العضليّة، وطاقة الجسم، يجب معرفة سبب النحافة الزائدة ومعالجة السبب إن وجد، والاهتمام بتغذية الجسم تغذية مُتكاملة، بإدخال جميع العناصر الغذائيّة الرئيسيّة إلى البرنامج الغذائي، وممارسة بعض التمارين الرياضيّة لرفع الكتلة العضليّة، يُمكن أن يساعدك أخصائي التغذية بذلك.
ترتبط العديد من الحالات الصحيّة بالإرهاق والتعب، منها:
- خمول الغدّة الدرقيّة.
- السكري.
- توقّف التنفّس أثناء النوم.
- التصلّب المُتعدد.
- اضطرابات القلق.
- متلازمة التعب المزمن.
- أمراض الكلى.
- الاكتئاب.
الحصول على العلاج المُناسب للحالة الصحيّة سيساعد كثيراً في الشعور بالتحسّن، ورفع الطاقة العامّة للجسم.
يكون لبعض الأدوية مثل المنشّطات، وأدوية ضغط الدم، ومضادات الاكتئاب، آثاراً جانبيّة مثل زيادة التعب، والأرق.
كما تسبّب علاجات مرض السرطان مثل العلاج الكيماوي، والعلاج بالأشعّة التعب والإرهاق.
أسباب متعلّقة بنمط الحياة
بعض الأسباب التي يتم ممارستها كنمط حياة، وتسبب التعب والأرق المُزمن، تتمثّل فيما يلي:
أثناء النوم تحدث العديد من العمليات الحيويّة المهمّة لصحّة الجسم العامّة، مثل أفراز هرمونات النمو، وإصلاح الخلايا وتجديدها، لذلك من الطبيعي أن تشعر بالنشاط بعد النوم المريح لمدّة كافية.
وللحصول على نوم ذات جودة عالية، يجب أن يكون النوم مريح، وغير متقطّع، ولعدد ساعات كافية، فالدراسات وصلت إلى أنّه يحتاج البالغ إلى 7 ساعات نوم يومياً.
قد يكون الأرق هو المُسبب لعدم الحصول على قسط كافٍ من النوم، فالأرق هو عدم التمكّن من النوم أو الاستمرار فيه، ويرجع ذلك لعدّة أسباب منها:
- انقطاع الطمث.
- حالات صحيّة معيّنة.
- الضغط النفسي.
- بيئات النوم السيئة.
- التفكير المُفرط.
يوجد العديد من الاجراءات لعلاج الأرق، منها معالجة الحالة الصحيّة الأساسيّة المسببة للأرق، وتناول المكمّلات الغذائية التي يحتاجها الجسم، وبعض أنواع الأدوية، وكل ذلك بإشراف الطبيب.
الجلوس أو النوم كثيراً خلال النهار سيزيد احتماليّة التعب عند القيام بأبسط المهام، فمن المهم تنشيط الجسم بالحركة في البيت، وممارسة بعض التمارين الرياضيّة.
من الصحيح أن تناول الكافيين ينشّط الجسم، ولكن بشكل مؤقّت، فتناول جرعات كبيرة من الكافيين، سيسبب اضرابات في النوم وبالتالي الشعور بالإرهاق في اليوم التالي.
تُبيّن الأبحاث أن الشعور بالتعب في الصباح يحفّز الناس على شُرب كميّات كبيرة من الكافيين، وبالتالي أرق واضراب في النوم.
وفي اليوم التالي الشعور بالتعب لعدم الحصول على القسط الكافي والمريح من النوم، فالافراط في شُرب الكافيين لتنشيط الجسم والتركيز، وتستمر دورة قلة النوم والكثير من الكافيين!
ويجب التنويه إلى أنّ حساسية الكافيين تختلف من شخص لآخر، فيجب عليك اختبار مدى تأثّر نومك بكميّة الكافيين التي تشربها، ووقت تناولك له.
يؤثّر نمط التغذيّة على طاقة الجسم تأثيراً مباشراً، حيث أن اتباع نظام غذائي يضمن تناول الأغذيّة التي تحتوي على العناصر الغذائيّة الرئيسية جميعها، سيدعم الجسم بصحّة أفضل وطاقة أعلى.
وفي المقابل، تناول الأطعمة بإفراط أو بكميّة أقل من حاجة الجسم، سيخفّض طاقة الجسم ويعرّضه للإصابة بالأمراض.
فمثلاً عندما لا يحصل الجسم على الكمية التي يجتاجها من من السعرات الحراريّة والعناصر الغذائيّة مثل البروتينات، سيبدأ بتكسير الدهون والعضلات لتعويض حاجة الجسم من الطاقة، فتنخفض الكتلة الدهنيّة والعضليّة، ويشعر الجسم بالتعب.
وقد يكون كبار السن أكثر عرضة لسوء التغذيّة، بسبب انخفاض الشهيّة والنشاط البدني لديهم، وبالتالي قد يكونون أكثر شعوراً بالتعب المزمن من غيرهم.
السكريّات، والأطعمة الفقيرة بالمغذيّات، ومرتفعة السعرات الحراريّة، والدهون المهدرجة، والأطعمة عالية الأملاح، جميعها تؤّثر بطرق مختلفة على مستويات الطاقة في الجسم، وجودة النوم، وغيرها مما يسبب التعب المزمن.
تحدث العديد من التفاعلات الحيوية يومياً في أجسامنا، مسبّبة فقدان الماء في الجسم، وبالتالي يجب أن يتم استبداله، ويصل الجسم إلى مرحلة الجفاف عندما لا يتم تزويده بالكمية المناسبة لتعويضه عن الماء المفقود في التبوّل التنفّس، والتعرّق، وغير ذلك.
يؤثّر الجفاف سلباً على الجسم كاملاً، وجودة النوم وعدد ساعات النوم، وطاقة الجسم، وقدرته على ممارسة الحياة بشكل طبيعي، والشعور أسرع بالتعب.
وتعتمد كميّة الماء التي يحتاجها كل جسم على وزنه، وجنسه، وحركته اليوميّة.
فمعدّل حاجة الجسم من الماء 240 مل يوميّاً.
الأسباب النفسيّة
العديد من المشاعر، وضغوطات الحياة، والصدمات العصبيّة والنفسيّة، تسبب الشعور بالتعب المُزمن، حتى يتم علاجها أو تجاوزها، ويُمكن ذكرها بالنقاط التالية:
- الضغط العصبي، والذي يتسبب به ضغوطات الحياة أو التغييرات فيها، مثل الهجرة، أو الانتقال لمنزل جديد، أو الزواج، وغيرها.
- الصدمة العاطفيّة.
- الاكتئاب، وهو الشعور بالحزن والضعف لوقت طويل، وبالتالي انخفاض طاقة الجسم والتعب المستمر.
- اضراب القلق العام عند البالغين، وهو الشعور المستمر بالقلق وعدم القدرة على ضبطه.
- الإجهاد.
إن كانت إحدى هذه الأسباب هي سبب شعورك بالتعب، يجب هنا اللجوء لطبيب الصحّة النفسيّة، لمساعدتك في التخلّص من هذه المشاعر، وسيساعدك تخصيص وقت للراحة والاسترخاء، والمشي مثلاً وممارسة ما يشعرك بالاستمتاع، على تجاوز هذه المشاعر في وقت أسرع.
أسباب أخرى للشعور بالتعب
- خمول الغدّة الدرقيّة.
- تناول المواد المخدّرة، أو الكحول.
- العمل بنظام الورديّات.
- الحمل، وخاصّة أول 12 أسبوع.
يجب أن تعرف أنّه من غير الطبيعي الشعور بالتعب طوال الوقت، لذلك يجب حصر الأسباب التي تسبب لك التعب المستمر، ومعالجتها بمساعدة طبيبك وطبيب الصحّة النفسيّة، وأخصائي التغذية إن لزم الأمر.
المصادر:
- https://www.healthline.com/nutrition/10-reasons-you-are-tired#The-bottom-line
- https://www.healthline.com/nutrition/healthy-iron-rich-foods#The-bottom-line
- https://www.nhs.uk/live-well/sleep-and-tiredness/why-am-i-tired-all-the-time/