يضغط أطباء عملوا في قطاع غزة، بشكلٍ تطوعي، على المسؤولين الأمريكيين بشأن ضرورة وقف إطلاق النار الفوري في القطاع المحاصر.
وبحسب شهادة أخصائي الرعاية الحرجة الأمريكي والذي يتمتع بسنوات من الخبرة في علاج المرضى في مناطق الحرب، بما في ذلك سوريا وأوكرانيا زاهر سحلول: "الذكريات لا تنسى. طوفان من العائلات الصارخة تحمل أحبائها الملطخين بالدماء عبر أبواب المستشفى الذي غمرته المياه بالفعل. طفل صغير يحاول إنعاش طفل لا يبدو أكبر منه بكثير. طفل يبلغ من العمر 12 عامًا مصاب بشظايا في رأسه وبطنه، ويتم علاجه على الأرض".
الأطباء نقلوا شهادات حول نقص المعدات الطبية وافتقار الأطباء إلى أساسيات عملهم، خلال تواجدهم في غزة
وأشار الطبيب سحلول، إلى أن ذلك كان خلال شهر كانون الثاني/يناير، بعد قصف إسرائيلي على موقع لتوزيع المساعدات.
ونقل سحلول وغيره من الأطباء المتطوعين الذين عادوا من المستشفيات المحاصرة في غزة رواياتهم المباشرة عن العدوان الإسرائيلي على غزة إلى واشنطن هذا الأسبوع، على أمل أن ينقلوا إلى إدارة بايدن وكبار المسؤولين الحكوميين أن هناك حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار لتوفير الرعاية الطبية المنقذة للحياة.
ومن بين الأدلة التي أخذها الطبيب سحلول ليعرضها على المسؤولين الأمريكيين، بما في ذلك أعضاء الكونجرس ومسؤولون من البيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، صورة لصبي يبلغ من العمر 12 عامًا وشهادة وفاته. وقال الطبيب إن الطفل لم يستيقظ قط من الجراحة بعد تنبيبه (إدخال أنبوب بلاستيكي إلى داخل الرغامى لإبقاء المجاري التنفسية مفتوحة أو لتعمل كمجرى لإعطاء المريض أدوية معينة من خلال هذا الأنبوب)، ولم يتمكن المستشفى من الوصول إلى أسرته وسط انقطاع شبه كامل للاتصالات.
وقال طبيبان آخران في الوفد، وهما نائبة مدير برنامج أطباء بلا حدود أمبر عليان، والجراح البريطاني نيك ماينارد، إن التقدم الطبي القوي الذي حققه الأطباء المحليون في غزة قد تم القضاء عليه بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة.
وقال الطبيب ماينارد، الذي التقى في وقت سابق من هذا العام مع وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، إنه يأمل أنه إذا غيرت الولايات المتحدة لهجتها بشأن دعم ما تفعله القوات الإسرائيلية في غزة، فإن بريطانيا ستحذو حذوها. وأوضح في مقابلة: "هذا هو التدمير المتعمد لنظام الرعاية الصحية بأكمله".
ووصف الطبيب ماينارد إجراء العمليات الجراحية على إصابات الصدر الناجمة عن الانفجارات باستخدام القليل من أدوية التخدير أو المضادات الحيوية في مستشفى الأقصى في دير البلح بوسط غزة، في كانون الأول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير. وقال: "كان الافتقار إلى مسكنات الألم مقلقًا بشكل خاص لأننا رأينا الكثير من الأطفال يعانون من حروق فظيعة".
وأضاف أن توافر القفازات المعقمة والأدوات الجراحية كان محدودًا أيضًا، وانهارت قدرات المستشفى على حفظ السجلات، مما يجعل متابعة الرعاية شبه مستحيلة. وأوضح أنه سار عبر الممرات المكتظة بالنازحين لفحص المرضى الذين أجرى لهم عمليات جراحية، وفي بعض الأحيان فشل في العثور عليهم.
وكان ضمن الوفد أيضًا ثائر أحمد، طبيب الطوارئ الأمريكي الفلسطيني الذي كان مع الدكتور سحلول في كانون الثاني/يناير عندما طوقت القوات الإسرائيلية خانيونس وبدأت في إغلاق مستشفى ناصر.
تكتب الألم الفلسطيني على خيم النازحين، وتسطر أشعارها لتعبر عن معاناة أهل #غزة.. "هلا" سيدة فلسطينية تنشر أشعارها بين المواطنين في محاولة للحديث عن قسوة الحرب. pic.twitter.com/vXr4sAi9Gy
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) March 22, 2024
وقال في مقابلة إنه كان لديه طفل صغير ورضيع يبلغ من العمر شهرين في المنزل في شيكاغو عندما سافر إلى غزة. وقارن بين تجربة زوجته في القدرة على الولادة في مستشفى آمن ومزود بالموارد الجيدة مع طبيبة توليد تعرفها جيدًا، وبين محنة النساء الحوامل في غزة، اللاتي يتضورن جوعًا ويضعن مواليدهن في الملاجئ، وقال: "كان علي أن أذهب. إنهم شعبي".
وبعد وقت قصير من مغادرة الأطباء غزة، داهم جيش الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر وأجبرته على وقف عملياته . وقال الدكتور أحمد: "سوف أندم لبقية حياتي على مغادرتي".
وأضاف أنه مع ارتفاع عدد الضحايا في غزة إلى ما يقرب من 32 ألفًا في خمسة أشهر، فإن الأمريكيين الفلسطينيين يصرخون بأعلى صوت، ولا أحد يستمع". وأوضح أحمد: "من الواضح أن الأرقام لا تحدث فرقًا. أخشى أن يصل عدد القتلى إلى 40 أو 50 ألفًا، وسنكون في نفس الموقف. ماذا سأفعل أيضًا؟".
