بيننا تزهر أسلاك باردة
بيننا تزهر أسلاك باردة
لا حب فيها سوى بقايا نار ثقيلة
وطيف عالق بستائر صفراء
كان في حياة أخرى
شاعرًا أنيقًا بروح عاهلة
وذبحته حروف ملوثة.
بيننا أشياء حزينة وشفاه قصيدة..
وحده النهر المُصر على تجاهلنا
وضربات الفؤوس الحاقدة
يغنيان بفرح ويرقصان بعمق.
الخوف والموت يسكبان القهوة الصفراء لنا..
الشك والغريزة يعيدان لخطواتنا ظلال القلق..
لست أدري كيف سينحت الخراب لقبلاتنا سفنًا جديدة
وأين سنجد رغبات التيار؟
لم يبق للأزمنة طعم
لم يبق للعالم أوجه زرقاء
رغم أننا لم نعد نطيق ملمس الأمواج
سنثق في أصابعنا.. في تمزقنا.. في سعادتنا الحزينة
كما لو أن أرجلًا مقطوعة
تطارد فشلنا بلا كلل
وتغرز أنيابها فيما تبقى
من ألق فراقنا الأخرس
ما من لعنات ستكفي كل هذا الألم..
ما من قصائد ستمتص كل هذا الظلام..
ثمة تعب منكسر إلى قطع صغيرة
يُدمي أوراق البهجة اليابسة
المتساقطة من شجرة الغرق
ثمة جحيم يتفجر في الروح
ويُذوب ذكريات مقفلة
بيننا تزهر أسلاك باردة
ونفق أسود يوثق أيادينا الراعشة
في الانبعاث الجديد للغمامة
نرتدي حواسنا المتبقية
ونلوذ إلى خفقة أخيرة
ربما ستأخذنا الحمم إلى ذئاب جائعة
تلتهم كل الشعر الراغي في دمنا.
ريبة
أيها الفرح المرتعش، المهتاج والمنكمش بين أصابع الرمل
لا تقترب من نافذتي الآيلة للانكسار
أريدك كاملا كعاصفة أنيقة
كوجبة قلق مدوية، كقصة حب تظل روائحها تحرس شاهدتنا
أيها الفرح المرتبك.. أنا لست هنا.. لقد رحلت منذ ثانية ونصف موت
لقد تركت على شفاه الغروب وردة للضياع وأخرى لقصيدة الشتاء
لقد مزقت كل الأقمشة التي تنام فيها أحلامي
وهويت على رأس الحياة بفأس الجنون
أيها الفرح المزيف، تأمل وجهك في مرآة العزلة
فأنا كائن لامرئي وخطواتي لا تعشق سوى طرق التيه والجمال
فابتعد عني.. ابتعد قليلًا.. أرجوك.
ظل يرسم شجرة
ينتظر بصبر متماسك أن يأتي الفجر ليمنحه فرشاة اليقظة
وبجسده العاري من الضوء والمشبع بزبد الانتظار
يرسم شجرة زرقاء بأغصان بنفسجية
ويقتلع من صدره حلما قديما مقصوفا بغدر الزمن
لينحت به عصفورًا بأجنحة فرحة..
بعد ذلك، يجلس متأملًا عمله الفاتن
مدخنًا سيجارة بطعم القلق
لكن الشجرة تسقط والعصفور لا يستطيع الطيران..
فينتظر الظل البستاني المهذب ليتوغل في جسده
ويلفظ ظله القديم..
الآن، سيعيد رسم الشجرة
ونحت العصفور
ولكن بأصابع البستاني
وبروح الحديقة.