1
الجسد المقابل للمرآة
مفزوع من حقيقته
أحزانه المتدلية
من قصائده
أصبحت أطفالًا بدون بَسمات المرآة تُخرج من جوفها
بقايا وطن قديم
ترميه في وجه الخريف المستلقي
على الجدار المتأهب للانهيار
الجسد تَفكّك كليًّا
أعضاؤه تلتهم بنهم
ذاكرتها الشهية
تلتهم نفسها
فلتخفق أيها القابع
في الخلايا النائمة
اُرسم مركبًا بانفجاراتك
سافر فيك
اقتحم خرائط الموت الواهن
واصنع بجنونك
قمصانًا للأشجار.
2
المرآة تحدق في وجهي مستغربة
تخلع بأياديها الجارحة
كل الأقنعة اللاصقة عليه
في كل قناع يسكن وجه قناع...
مساءات مسجونة.
قارات محنّطة
وآلاف القصائد المتجمدة
داخل المرآة
امرأة تغلف تجاعيدها
بزبد الريح بدون فائدة
بين انحناءات الملامح
تعكس المرآة حدائق منكمشة
المرآة تشعر باقتراب البياض
الذي يزحف في تصدعاتها
يوقظ رعشاتها القديمة
يقشر جلودها الميتة
المرآة امرأة وحيدة
كل الفصول القابعة فيها رحلتْ
لكن الفراغ المتسكع
بين دروبها
يضخ فيها رسومات الصدى
لتبتسم في انعكاساتها
3
الأصوات متخمة بالجراح
مليئة بالأجراس
الأصوات فقدت حواس الطريق
الحنجرة انفجرت
لتنجب أقمارًا بنفسجية
كل الكلمات التي كانت
تنتظر فراغاتها
أحرقت بأسئلتها قماش الهسيس
الدخان اتخذ شكل
سكة سريالية
انطلقي أيتها الغاصة
بالموت الجميل
نحو مدن الرماد
النابتة بتربة الصمت.
4
كل الأطياف الدافقة
برغبات الانتحار
خلعَت أساورها النحاسية
المأهولة بملايين القبلات
اتّخذت شكل اليابسة
شكلها الأول
عانقت ضلوع الأحجار وسيقان الموانئ
جلسَت في المقهى المقابل لها
تحتسي قهوة سوداء.
لكن البحر السجين
في اللوحة الزيتية
المعلَّقة على الجدار
فاجأها بإقلاعه الغاضب فيها
ضحك كثيرًا... حتى أدمع فيها
فلتسكني أيتها الموجات الحزينة
ملاذك الأول
فكل الكائنات متواطئة عليك.
5
الكراسي الخشبية المتكئة
على كونتوار الحانة المنطفئة
تحدق بأعينها المسيَّجة
بمسامير صدئة
في الكأس المطوَّق بالألم
المليء بالمنعطفات.
6
لا زالت الظلال الكئيبة
لحد الآن تتذكّر
كيف منحها الضوء المتعَب
المنبعث من صدر النوافذ
كتاب العطش
وكيف ألهمها الشاعر الغريق
في كؤوس قصائده
الرغبة في قراءة
أشعار الهدير.