إبراهيم عبد القادر المازني شاعرٌ وروائيٌّ وناقدٌ وكاتبٌ مصريّ مِن رُوَّادِ النهضةِ الأدبيةِ العربيةِ في العصرِ الحديث. أسَّسَ معَ كلٍّ مِن عباس العَقَّاد وعبد الرحمن شُكري "مدرسةَ الديوانِ" التي قدَّمتْ مفاهيمَ أدبيةً ونَقديةً جديدة، استوحَتْ رُوحَها مِن المدرسةِ الإنجليزيةِ في الأدَب، ودعت إلى الاستعانة بمدارس التحليل النفسي، والاتجاه إلى الشعر الوجداني.
وقد ناهضت مدرسة الديوان الشعرية النسق الكلاسيكي المتمثِّل في مدرسة الإحياء والبعث التي كان يتزعمها محمود سامي البارودي وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وعلي الجارم وأحمد محرم، وعابت عليها الالتزام بالوزن والقافية، واستعمال اللغة التراثية، ومحاكاة القدماء في الأغراض والمعاني.
على الرغم من أن المازني اشتهر بترجمته وكتابته المقال والقصص والروايات إلا أنه خاض تجربة لا يستهان بها في الشعر نظمًا ونقدًا.
أُحسُّ كأن الدهرَ عمري وأنني
أخو مغرق الأرضين بالفيضانِ
أقلِّب طرفي في السماء كطرفه
وأرصد ما راعاه قبل زماني
كلانا على بُعد المسافة بيننا
تلاقى على ألحاظه القمرانِ
وأقرأ في صحف السماوات أسطرًا
بهن دنا خفاقة اللمعانِ
تخذتُ فضاء الله مثوًى لخاطري
ليشرد في الدنيا بغير عنانِ
يمر به مرَّ البروق وينثني
وقد جهدته حدَّةُ الطيرانِ
أعالج سرًّا لا يماط حجابه
ومأربُ قلبي ذلكم وجناني
وسعتُ لغات الريح والبحر خبرة
وكل شهاب لامع الخفقانِ
ولكنه ما خير علمي وكلها
ضمومٌ على السر المغيَّب حاني
سئمت شرودَ الفكر في غامض الفضا
وهيض جناحاه من النهضان
وعادت إليَّ النفس مهدودة القوى
تئن من الإسفاف والشولان
تحن إلى ظلٍّ من الرخو وارف
وطول جمامٍ رافه وليان
ومن لي بأن لا ترفع العينُ لحظها
ولا تجتلي في الناس أي هوان
غرضتُ بملك واسع لا يحده
سوى أفق دانٍ وليس بدان
أرونيَ قيدًا يُعرقُ الجسمَ مسُّه
ويُضوى كأضلاع عليَّ حوان