28-أغسطس-2024
الرصيف البحري

(AP) جنود أميركيون يقومون بتركيب الرصيف البحري قبالة سواحل غزة في نيسان/أبريل الماضي

كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، اليوم الأربعاء، أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، وافق على خطة تسليم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر رصيف عسكري عائم قبالة سواحل القطاع ، متجاهلًا معارضة المسؤولين الأميركيين الذين أعربوا عن خشيتهم من أن تؤدي هذه العملية إلى إضعاف الجهود الدبلوماسية لإجبار "إسرائيل" على فتح طرق برية إضافية لإيصال المساعدات، وذلك وفقًا لتقرير حكومي أصدره المفتش العام، أمس الثلاثاء.

وقالت "واشنطن بوست" في تقريرها، إن هيئة الرقابة على الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي تشرف على العمل الإنساني لواشنطن في الخارج، استشهدت بـ"عوامل خارجية" مختلفة قالت إنها أضعفت جهود الوكالة لتوزيع المواد الغذائية والإمدادات الأخرى التي يتم جلبها إلى غزة عبر الرصيف ومن بينها، بالإضافة إلى متطلبات الأمن التي فرضها البنتاغون لحماية أفراد الجيش الأميركي العاملين على متن الهيكل قبالة الساحل مباشرة.

وأضافت الصحيفة الأميركية وفقًا لما ورد في التقرير، أن العديد من موظفي، الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، أعربوا عن مخاوفهم من أن تركيز إدارة بايدن على الرصيف يقوض دعوة الوكالة لفتح المزيد من المعابر البرية، وهو نهج يعد "أكثر كفاءة وثباتًا"، ولفت التقرير إلى أنه "بمجرد أن أصدر الرئيس (جو بايدن) التوجيه، كان تركيز الوكالة على استخدام (الرصيف) بأكبر قدر ممكن من الفعالية".

تجاهل بايدن معارضة المسؤولين الأميركيين الذين أعربوا عن خشيتهم من أن تؤدي هذه العملية إلى إضعاف الجهود الدبلوماسية

وأوضح التقرير، بحسب "واشنطن بوست"، أنه تم ربط الرصيف بساحل غزة في أيار/مايو الماضي، وسط مخاوف متزايدة من المجاعة التي دفعت البنتاغون إلى البدء في إسقاط الطعام جوًا على غزة، لكن منذ البداية، واجهت المهمة عقبات لوجستية وأمنية.

ووفقًا للتقرير، فإن هذه العقبات تمثّلت بأمواج البحر الهائجة التي حطمت هيكل الرصيف البحري، بالإضافة إلى نهب شاحنات المساعدات على الأرض، والازدحام المستمر في نقل الأغذية من منطقة التجمع إلى الشاطئ بسبب المخاوف من أن القصف الإسرائيلي قد يقتل العمال المكلفين بتوزيعها، وهو ما أدى إلى توقف العملية بشكل نهائي في تموز/يوليو الماضي.

ورجحت "واشنطن بوست"، أن يشجع التقرير منتقدي بايدن الذين تساءلوا عن سبب تعريضه القوات الأميركية للخطر في مهمة كان من الممكن تجنبها إذا نجح في إقناع المسؤولين الإسرائيليين بتقليص حصارهم على غزة الذي فرض منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

وبحسب الصحيفة ذاتها، بينما يقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم يسمحون بدخول المساعدات إلى الأراضي الفلسطينية، فإن الجماعات الإنسانية تقدر أنها غير كافية لإطعام ما يقرب من مليوني شخص محاصرين بسبب العنف.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، شون سافيت، في بيان بعد نشر التقرير، إن: "الرصيف كان جزءًا من استجابة شاملة بقيادة الولايات المتحدة للوضع الإنساني المزري في شمال غزة، والتي تضمنت أيضًا تسليم المواد الغذائية من خلال المعابر الحدودية وعن طريق الإنزال الجوي".

وتابع سافيت: "منذ البداية، قلنا إن هذا لن يكون سهلًا"، وأضاف: "كنا صادقين وشفافين بشأن التحديات، ولكن خلاصة الأمر هي أن الولايات المتحدة لم تدخر جهدًا في جهودنا الرامية إلى إدخال المزيد من المساعدات، ولعب الرصيف دورًا رئيسيًا في وقت حرج في تحقيق هذا الهدف".

وقال مسؤول كبير في الإدارة، تحدث لـ"واشنطن بوست" شرط عدم الكشف عن هويته، إن: "هناك تنسيقًا وتواصلًا متسقًا بين الوكالات بشأن الرصيف وأن المخاوف الداخلية تم أخذها في الاعتبار"، فيما أوضح مسؤول في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، أن التخطيط للعملية كان جهدًا متعدد الوكالات، شمل مناقشات مكثفة مع الأمم المتحدة والشركاء الإنسانيين حول كيفية الوصول إلى المناطق الأكثر احتياجًا.

وبحسب "واشنطن بوست"، فإن المنتقدين وصفوا مشروع الرصيف بأنه "إحراج وطني"، وقال السيناتور الجمهوري وعضو لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، في وقت سابق من هذا العام، إن "المعجزة الوحيدة هي أن هذه العملية التي فشلت منذ البداية لم تكلف أي أرواح أميركية، حيث واجهت المهمة انتكاسة تلو الأخرى".

وأوضح التقرير، وفقًا لما نقلت "واشنطن بوست"، أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، بتوجيه من بايدن، طلبت دعم وزارة الدفاع لعملية مدتها 90 يومًا بتكلفة تقارب 230 مليون دولار، حيث تم ربط الرصيف، الذي تم نقله إلى شرق البحر المتوسط بواسطة سفن الجيش الأميركي، لأول مرة بساحل غزة في 16 أيار/مايو الماضي.

وأضاف التقرير لكن في غضون أيام تحطم الرصيف بسبب الأمواج العاتية، مما تسبب في أضرار تقدر بنحو 22 مليون دولار، فضلًا عن إخراجه من الخدمة، فيما قامت القوات الأميركية بإصلاح الرصيف وإعادة ربطه بعد أيام، لكنها واجهت عدم القدرة على التنبؤ المستمر بموعد السماح للطقس بتسليم المساعدات، مشيرًا إلى أنه "منذ البداية، شكل الطقس العاصف تحديًا كبيرًا".

ولفت التقرير، بحسب "واشنطن بوست"، إلى أن إرشادات وزارة الدفاع للرصيف البحري أوضحت أن استخدامه يعتمد على الطقس، وأنه لا يمكن تشغيله عندما تكون الأمواج أطول من قدمين، لكن البحر المتوسط غالبًا ما يكون به "رياح وأمواج كبيرة" تتجاوز ذلك، وأضاف أنه "في النهاية، عمل (الرصيف) لمدة 20 يومًا تقريبًا، وتم إيقاف تشغيله في 17 تموز/يوليو (الماضي)".

ووفقًا لـ"واشنطن بوست"، فإن هيئة الرقابة وجدت في نهاية التقرير، أنه على الرغم من الدور الذي تلعبه الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، باعتبارها الجهة الرائدة في تقديم المساعدات الإنسانية في غزة، فإن الوكالة كانت "تتمتع بسيطرة محدودة" على قرار استخدام الرصيف، ومكانه، ومن يتولى توفير الأمن.