يتزايد الاهتمام في طلب جنوب أفريقيا، المقدم إلى محكمة العدل الدولية، ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جريمة إبادة جماعية.
وتقول صحيفة "الغارديان" البريطانية: "يجري الآن تجميع فرق قانونية متخصصة، وتصدر الدول بيانات داعمة لجنوب أفريقيا".
ومن المقرر عقد الجلسة الأولى لمحكمة العدل الدولية في لاهاي يومي 11 و12 كانون الثاني/يناير. وتشير التقديرات إلى إمكانية إصدار حكم مؤقت أو احترازي في غضون أسابيع، وتضيف "الغارديان": "عجلات العدالة العالمية -أو العدالة المؤقتة على الأقل- لا تسير دائمًا ببطء".
تورد جنوب أفريقيا أمثلة عديدة على "التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية من قبل مسؤولي الدولة الإسرائيلية"
وتشير الصحيفة البريطانية، إلى أن "طلب جنوب أفريقيا لإصدار حكم مؤقت يتماشى مع الاتجاه الأوسع في محكمة العدل الدولية لمثل هذه الأحكام. وكانت الأطراف تسعى إلى الحصول على تدابير مؤقتة بوتيرة متزايدة: ففي العقد الماضي، أشارت المحكمة إلى تدابير مؤقتة في 11 قضية، مقارنة بعشر قضايا في الخمسين سنة الأولى من وجود المحكمة (1945-1995)".
وتتابع، الصحيفة البريطانية: "كما هو الحال مع الأوامر المؤقتة الصادرة عن المحاكم الوطنية، تسعى التدابير المؤقتة لمحكمة العدل الدولية إلى تجميد الوضع القانوني بين الأطراف لضمان نزاهة الحكم النهائي في المستقبل. لفترة من الوقت استمرت الشكوك حول ما إذا كانت هذه التدابير تعتبر ملزمة من قبل محكمة العدل الدولية. لكن المحكمة بددت هذه الشكوك في الحكم الذي أصدرته في حزيران/يونيو 2001، حيث رأت أن الأحكام ملزمة، نظراً إلى الوظيفة الأساسية للمحكمة المتمثلة في التسوية القضائية للمنازعات الدولية".
هل تلتزم الدول؟
تنقل "الغارديان"، عن تقييمات للمحامي الأمريكي ماتي أليكسيانو، الذي أشار إلى أن إجراءات المحكمة التزمت بها الدول الأطراف في 50% فقط من القضايا، بينما في بعض القضايا، وهي عادةً القضايا الأحدث شهرة، بما في ذلك قضية أوكرانيا ضد روسيا في عام 2022، وادعاءات غامبيا بارتكاب إبادة جماعية ضد ميانمار في عام 2020، وناغورنو كاراباخ، والعقوبات الأمريكية على إيران، فقد تحدت الدولة الخاسرة المحكمة.
أمّا عن التزام إسرائيل من عدمه، فإن "الغارديان"، تشير إلى أنه "بغض النظر عن هذا النقاش، فإن الضرر الذي قد يلحق بسمعة إسرائيل نتيجة لهذا الحكم سيكون كبيرًا".
ماذا قدمت جنوب أفريقيا؟
تقول "الغارديان"، إن طلب جنوب أفريقيا "موضوعي ومبني على حجج قوية مكون من 80 صفحة، ومليء بإشارات مفصلة إلى كبار مسؤولي الأمم المتحدة وتقاريرها، ونادرُا ما يحيد عن غرضه الأساسي المتمثل في السعي لإثبات نية إسرائيل في الإبادة الجماعية. والمحامون الذين ترسلهم جنوب أفريقيا إلى لاهاي هم أفضل المحامين لديها. الكثير من حجج جنوب أفريقيا مستمدة من حكم محكمة العدل الدولية بشأن التدابير المؤقتة التي أصدرتها في قضية غامبيا ضد ميانمار في عام 2020".
ووفقاً للطلب، فإن "الأفعال والتقصيرات من جانب إسرائيل... هي إبادة جماعية في طابعها، لأنها ترتكب بنية محددة مطلوبة... لتدمير الفلسطينيين في غزة كجزء من المجموعة الوطنية والعنصرية والإثنية الفلسطينية الأوسع، وأن سلوك إسرائيل من خلال أجهزة الدولة ووكلاء الدولة وغيرهم من الأشخاص والكيانات التي تعمل بناءً على تعليماتها أو تحت توجيهها أو سيطرتها أو نفوذها، فيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة، يعد انتهاكًا لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية".
وتقول جنوب أفريقيا: "إن المحكمة ليست مطالبة بالتأكد مما إذا كان قد حدث أي انتهاك لالتزامات إسرائيل بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية"، بل تسعى للحصول على قرار أولي من المحكمة "عن وجود نية لتدمير المجموعة، كليًا أو جزئيًا". مضيفةً: "ما يتعين على المحكمة أن تفعله في مرحلة إصدار أمر باتخاذ تدابير مؤقتة هو تحديد ما إذا كانت الأفعال موضع الشكوى... يمكن أن تندرج ضمن أحكام اتفاقية الإبادة الجماعية".
وتشير إلى أنه: "لا يتعين على المحكمة أن تقرر أن جميع الأفعال موضوع الشكوى يمكن أن تندرج ضمن أحكام الاتفاقية. ويكفي بعض الأفعال".
وتقول الصحيفة البريطانية: "لا تحتاج المحكمة إلى التأكد مما إذا كان وجود نية الإبادة الجماعية هو الاستنتاج الوحيد الذي يمكن استخلاصه من المواد المعروضة على المحكمة، لأن هذا الشرط من شأنه أن يصل إلى حد قيام المحكمة باتخاذ قرار بشأن موضوع الدعوى".
وتسعى جنوب أفريقيا إلى إثبات أن التدابير التي اتخذتها إسرائيل تتجاوز نطاق الدفاع عن النفس وتمتد إلى تدمير الفلسطينيين.
ويوضح الادعاء تفاصيل عدد الضحايا، والتهجير القسري، والحرمان من الطعام، والقيود المفروضة على الولادات، من خلال الهجمات على المستشفيات، قائلًة إنها أدلة كافية لاستنتاج نية الإبادة الجماعية.
ويضيف هذا الادعاء عنصرين آخرين: الدرجة التي تم بها استهداف الحياة الثقافية الفلسطينية، والدرجة التي دعا بها المسؤولون الإسرائيليون مرارًا وتكرارًا، دون أي استنكار عالمي، إلى تدمير ليس فقط حماس بل الفلسطينيين أيضًا.
وتورد جنوب أفريقيا أمثلة عديدة على "التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية من قبل مسؤولي الدولة الإسرائيلية"، بما في ذلك من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من خلال التهديدات بجعل غزة غير صالحة للسكن بشكل دائم، والإشارات إلى الفلسطينيين كـ"حيوانات بشرية" من قبل وزير الأمن يوآف غالانت، وكلها موثقة في المطالبة. كما تم الاستشهاد بدعوات الوزيرين اليمينيين المتطرفين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير لتهجير أهالي القطاع خارج غزة.
تشير الصحيفة البريطانية، إلى أن "طلب جنوب أفريقيا لإصدار حكم مؤقت يتماشى مع الاتجاه الأوسع في محكمة العدل الدولية لمثل هذه الأحكام
وفي وقت سابق، قررت إسرائيل المثول أمام محكمة العدل الدولية، وذلك للرد على دعوى قدمتها دولة جنوب أفريقيا لمقاضاتها بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن الجيش الإسرائيلي والجهات السياسية عقدوا عدة اجتماعات مؤخرًا لبحث التعامل مع دعوى جنوب أفريقيا، وانتهوا إلى ضرورة قبول المثول لمواجهة الدعوى.
وتعلق الغارديان على ذلك، بالقول: "قرار إسرائيل بالدفاع عن نفسها أمام محكمة العدل الدولية سيجعل من الصعب عليها تجاهل أي نتيجة ضدها".