من المرجّح أن يتّبع المرشح الجمهوري دونالد ترامب، حال فوزه في الانتخابات، سياسةً خارجية متشددة مع الأعداء والأصدقاء على حدّ سواء.
وتُعدّ "سياسة الضغوط" هي العصا السحرية في خطط ترامب للسياسة العالمية، فهو ومعاونوه يعِدون بأن يتصرف بسرعة لوقف الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط.
ففيما يخص أوكرانيا يقترح نائب ترامب جي دي فانس "تجميد النزاع" كخطوة أولى، واقتراح "وجود مناطق حكم ذاتي على جانبي منطقة منزوعة السلاح"، كخطوة ثانية، مع ما يتطلبه ذلك من وقف للمساعدات العسكرية لأوكرانيا، وممارسة ضغوط قوية أيضًا على بوتين حتى يرضخ للمقترحات الأميركية.
وبشأن التصعيد في الشرق الأوسط، يتهيّأ لترامب أنه قادر بالضغظ على نتنياهو وإيران، أن يتمكن من إبرام صفقة إنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس وإسرائيل ولبنان.
أمّا بالنسبة لتايوان، فقد عبّر ترامب أكثر من مرة أنه يتوقع من تايبيه "إنفاق المزيد على الدفاع عن نفسها".
وعلى الصعيد الاقتصادي يُبشّر ترامب بفرض رسوم جمركية على جميع واردات الدول بنسبة 20%، أما بالنسبة للمنافس الصيني فتعهد ترامب بفرض رسوم تصل إلى 60% على واردات بكين.
الضغوط هي عصا ترامب السحرية لتحقيق خطة سياسته الخارجية
إنّ هذا الإجراء وغيره هو الترجمة الحرفية ـ حسب المتابعين ـ لشعار "أميركا أولًا" الذي يقتضي، من وجهة ترامب وأنصاره، قراراتٍ جريئة تحكم على الأصدقاء والأعداء على حد سواء بالمعيار البسيط المتمثل في "مدى رجحان فائضهم التجاري الثنائي مع الولايات المتحدة".
يوضّح السيناتور المرشح لتولي حقيبة وزارية حال فوز ترامب مبدأ "أميركا أولا"، بأنّه يراعي مصالح واشنطن ويضعها في المقال الأول، قائلًا: "لا يتعلق الأمر بما إذا كنت حليفًا أو خصمًا للولايات المتحدة، فإن كنت شريًكا تجاريًا معنا، فينبغي أن تتعامل بالمثل".
مؤكّدًا أنّ ترامب "كان يسعى للمعاملة بالمثل طوال فترة وجوده في منصبه، وقد ناقش ذلك معي، عندما كنت سفيرًا في اليابان، فالأمر سيتطلب شيئا مثيرًا يلفت انتباه الدول التي لنا علاقات تجارية معها".
أمّا خصوم ترامب ومعارضوه، فيرون أنّ رؤيته تلك إنما تنمّ عن "غطرسة وتسرع"، ويرى منتقدوها من الاقتصاديين أنها تنّم عن "أمية اقتصادية" لا أقل ولا أكثر.
حلفاء واشنطن في حالة قلق:
إنّ حلفاء واشنطن على يقينٍ، بأن عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستؤدي إلى اضطرابٍ كبير في علاقاتهم بالولايات المتحدة. وتنقل صحيفة فايننشال تايمز عن مقربين من ترامب قولهم إن "شعور حلفائنا بالقلق في محله، فترامب لا يمكن التنبؤ بما قد يفعله"، وهذا حسب أحد حلفاء ترامب الأقوياء، ريك غرينيل، والذي وصف ذلك بـ "شيء يحبّه الأميركيون".
وأمام اتهامهم من طرف خصومهم الديمقراطيين بأنهم "انعزاليون"، يرد أنصار سياسة ترامب الخارجية بغضب، قائلين "إن ترامب سيعمل على نشر القوة العسكرية إذا لزم الأمر، ولكن ذلك سيحدث بشكل انتقائي"، وفي ما يخص سياسات التحالف، يرد أنصار ترامب بأنهم "يؤمنون بالتحالفات"، ولكنهم يؤكدون على أنّ "شركاء واشنطن بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد".
وتوضيحًا لذلك الموقف، يقول مايك والتز، وهو أحد النواب الجمهوريين المهتمين بالأمن القومي في مجلس النواب، "لطالما ظللت أكتب خطابات لوزراء الدفاع طوال 20 عامًا أتوسل فيها إلى شركائنا لمضاعفة جهودهم"، مضيفًا أنه يمكن للدول الأعضاء في حلف الناتو "أن يتحملوا، بشكل جماعي، حصةً كبرى من هذا العبء الدفاعي. فإذا لم يفعلوا ذلك الآن، فمتى سيفعلون؟".
وذكر والتز على وجه التحديد ألمانيا وفرنسا، في إشارة إلى أنهما، بوصفهما أكبر اقتصادين في أووروبا، سيتعرضون لضغوط خاصة من إدارة ترامب "خاصة في ما يتعلق بإنفاقهما الدفاعي وفوائضهما التجارية الثنائية مع الولايات المتحدة".
وفي هذا النقطة بالذات يرى المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) فريد فليتز أنّ الأمر سيكون صعبًا على ألمانيا وفرنسا ودول الناتو الأخرى "التي لا تدفع نسبة 2% من نواتجها الإجمالية المحلية".