20-يوليو-2024
تمارس الحكومة الألمانية سياسة الكيل بمكيالين فيما يتعلق بالحرب على غزة (AFP)

تمارس الحكومة الألمانية سياسة الكيل بمكيالين فيما يتعلق بالحرب على غزة (AFP)

وافقت 40 مؤسسة علاجية في ألمانية على استقبال أطفال مصابين بجروح خطيرة من غزة لتلقي العلاج، لكن وزراتي الداخلية والخارجية الألمانيتين رفضتا منحهم تأشيرات الدخول إلى الأراضي الألمانية، بادعاء أن لديهما مخاوف أمنية.

وكانت البداية عندما سعت منظمات غير حكومية مثل منظمة اللاجئين في كولن والجمعية الألمانية لجراحة التجميل، منذ شهور، إلى نقل 32 طفلًا مصابًا من غزة إلى المانيا، لتعذر علاجهم في غزة، وجمعوا لذلك تبرعات لتغطية تكاليف رحلات الطيران وطلبات التأشيرات وتكاليف العلاج في المستشفيات. لكن الخطة توقفت بعد اعتراض وزارتي الداخلية والخارجية على دخول مرافقين بالغين وحتى ولو كان شخص واحد مع كل طفل، بحجة أن يكون المرافق أو المرافقين أعضاء أو متعاطفين مع حركة حماس، وفق ما كشفت عنه القناة الأولى الألمانية "أيه آر دي" شبه الرسمية.

كانت البداية عندما سعت منظمات غير حكومية مثل منظمة اللاجئين في كولن والجمعية الألمانية لجراحة التجميل، منذ شهور، إلى نقل 32 طفلًا مصابًا من غزة إلى المانيا، لتعذر علاجهم في غزة، وجمعوا لذلك تبرعات لتغطية تكاليف رحلات الطيران وطلبات التأشيرات وتكاليف العلاج في المستشفيات. لكن الخطة توقفت بعد اعتراض وزارتي الداخلية والخارجية

وذكرت تقارير أنه وفقًا لدوائر حكومية ألمانية، فإن رفض استصدار التأشيرات حتى الآن يرتبط بمخاوف أمنية، ولا يتعلق الأمر بالأطفال أنفسهم بل بالمرافقين. وهناك خشية من دخول مرافقين مؤيدين لحركة حماس أو متعاطفين مع المنظمة المصنفة "إرهابية" إلى البلاد بهذه الطريقة بحسب ادعاءاتهم.

 وبررت الحكومة الألمانية ذلك، أنه في الأشهر الأخيرة أظهرت عمليات التدقيق الأمني تزايد المواقف "المتطرفة" الداعمة لغزة، ناهيك عن التوقعات بأن يطالب الأشخاص المرافقون للأطفال الجرحى لاحقًا بأن يتم لم شمل أسرهم.

وأوضحت الوزارتان أن الوصول إلى ألمانيا لعلاج الأطفال دون سن الثانية عشرة ممكن من دون مرافقين، باستثناء الطاقم الطبي، وهذا ما رفضته المنظمات الإغاثية المعنية.

بدورها، نشرت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" المحافظة الألمانية تقريرًا بعنوان: "كرة طاولة حتى الموت". تناول الكيفية التي تمنع فيها وزارتا الخارجية والداخلية الألمانية علاج أطفال غزة المصابين بجروح خطيرة في المستشفيات الألمانية.

فبعد موافقة مستشفيات على تحمل تكاليف العلاج، إلا أن الحكومة الألمانية منعت دخول الأطفال الجرحى.

 وفي مؤتمر صحفي عقدته وزيرة الداخلية نانسي فيزر، بداية الشهر الجاري، رفضت بشدة تحمل أي مسؤولية، وأعلنت بقسوة أن "ألمانيا التزمت أخيرًا باستقبال أطفال من أفغانستان،  والدور الآن على الدول الأخرى للتعامل مع أطفال غزة".

يذكر تقرير الصحيفة بالتفصيل كيف تمكنت المديرة الإدارية للجمعية الألمانية لجراحة التجميل والترميم، كيرستين فان آرك، من تنظيم أسرة المستشفيات للأطفال المصابين بجروح خطيرة في غزة في غضون أسابيع قليلة.  كما ووافق، منذ أذار/مارس الماضي، 40 من كبار الجراحين في ألمانيا على استقبال ما مجموعه 40 طفلًا وعلاجهم مجانًا، مع ضمان تكاليف الإقامة والسفر.

ويمضي التقرير ليقول إن الأطفال الـ 32 الذين تم اختيارهم للعلاج في ألمانيا "يعانون من إصابات خطيرة، وإن الأمر يتعلق بإنقاذ حياتهم من إصابات في الحجاب الحاجز أو الأحشاء، وإصابات كبيرة من الحروق الناجمة عن الانفجارات، فضلًا عن أضرار جسيمة في الأنسجة الرخوة أو الأعضاء الداخلية أو إصابات في الأطراف، والتي لا يمكن بسببها إنقاذ الذراعين والساقين إلا من خلال العلاج الفوري خارج غزة".

وقام المنظمون بأجراء مفاوضات مع السفارة الألمانية في القاهرة التي سينقل الأطفال عبرها جوا الى المانيا. ووفق المعلومات المتوفرة، تمت مناقشة الموضوع عدة مرات في مجلس الوزراء الألماني، دون نتيجة، ونصحت وزارة الخارجية الألمانية نقل الأطفال المصابين، دون مرافق من ذويهم.

هذا، وانتقدت المنظمات غير الحكومية بشدة موقف الحكومة الألمانية، وقالت دانييلا نيوندورف من "مؤسسة اللاجئين": "لا يمكن تفسير هذا بالنسبة لي، لماذا يمكن لبلدان أخرى القيام بذلك ونحن في ألمانيا نرفض بطريقة أو بأخرى جلب 20 طفلًا مع مرافقيهم لمدة ثلاثة أشهر". وأضافت: "سترحب دول أوروبية مثل إيطاليا بالأطفال من غزة مع الأشخاص المرافقين لهم"، وتابعت: "السياسة في ألمانيا تدار على ظهور هؤلاء الأطفال".

من جهته، دعا حزب اليسار الألماني الحكومة الفيدرالية إلى السماح للأطفال المصابين بجروح خطيرة من غزة ومرافقيهم بدخول ألمانيا. وقالت الرئيسة المشاركة جانين ويسلر لصحيفة " Tagesspiegel": "يجب على وزارة الداخلية الاتحادية إصدار تأشيرات إنسانية لدخول الأطفال المصابين بجروح خطيرة من غزة ومرافقيهم بدلًا من منع علاجهم في المستشفيات الألمانية".

وانتقدت ويسلر موقف وزارة الداخلية برفض منح تأشيرات دخول للأطفال الجرحى من غزة، قائلةً: إن "حجة وزارة الداخلية بأن الأشخاص المرافقين يمكن أن يمثلوا خطرًا أمنيًا شديدًا على ألمانيا هو شبهة عامة عنصرية تقوض أي حق إنساني من حقوق الإنسان".

بدورها، أوضحت العضو في الحزب كورنيليا موهرينغ: إنه "يمكن لألمانيا المساعدة إذا ما أرادت ذلك"، وتساءلت: "كيف سمحت بلدان أخرى مثل إيطاليا والولايات المتحدة وغيرها بالفعل لمئات المصابين من الأطفال بجروح خطيرة والأشخاص المرافقين البالغين بالدخول لمساندة أقاربهم خلال فترة العلاج".

وأشارت موهرينغ إلى وعد وزير الصحة كارل لوترباخ، بعد الهجوم الصاروخي الروسي الأخير على مستشفى للأطفال في كييف، بإحضار الأطفال المصابين إلى ألمانيا لتلقي العلاج، معتبرة أنه من "الصعب أخلاقيًا تحمل أن ترفض زميلة لوترباخ وزيرة الداخلية نانسي فيزر علاج الأطفال الفلسطينيين في ألمانيا"، مؤكدةً: أن "حقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة، وهذا وحده هو الذي يمكن أن يكون بوصلة عملنا السياسي". وختمت حديثها بالقول: إنها "مسألة حياة أو موت بالنسبة لهؤلاء الأطفال". 
من جهة أخرى، عبّر المجلس التنسيقي للمسلمين في ألمانيا عن استنكاره قراري وزارتي الداخلية والخارجية بمنع دخول الأطفال الفلسطينيين الجرحى للعلاج، معتبرًا الوزارتين مدانتين وموقفهم غير إنساني، خصوصًا أن "علاجهم ممول بالكامل من قبل مستشفيات ألمانية عدة، والرفض هو بمثابة إعلان إفلاس، ويظهر تصرفًا يفتقد لأدنى معايير الإنسانية من قبل الجهات المسؤولة، ورفض التأشيرات من الوزارات المعنية عرض الكثيرين منهم لمزيد من الضرر، ولا سيما أنه لو حصل تجاوب مع خطط المنظمات الإغاثية لكان من الممكن إنقاذ أطراف العديدين منهم، الذين يتحاملون على جراحهم ويعيشون آلام وأهوال القصف المرعب وغير المبرر من قبل إسرائيل. حتى أن من بينهم من فقد كل أفراد عائلته، والتأخير عرض البعض منهم لعمليات بتر مؤلمة لأعضائهم، وأصبح آخرون في عداد الأموات".

انتقدت ويسلر موقف وزارة الداخلية برفض منح تأشيرات دخول للأطفال الجرحى من غزة، قائلةً: إن "حجة وزارة الداخلية بأن الأشخاص المرافقين يمكن أن يمثلوا خطرًا أمنيًا شديدًا على ألمانيا هو شبهة عامة عنصرية تقوض أي حق إنساني من حقوق الإنسان"

هذا، ولا تزال المنظمات غير الحكومية والمستشفيات الألمانية لديها أمل في أن تنجح حملتها لجلب الأطفال الجرحى إلى ألمانيا. فالوزارات المعنية تواصل البحث بشأن ما إذا كان يمكن التحقق من دخول الأشخاص المرافقين في حالات استثنائية.

في حين تستمر المفاوضات مع السلطات الألمانية، منذ شهور، لكن مع مرور الوقت تغيرت قوائم الأطفال الجرحى الذين سيتم نقلهم مرارًا وتكرارًا، وتقول منظمات الإغاثة إن بعض الأطفال استشهدوا جراء المعاناة من إصاباتهم.