تجدّدت الاشتباكات في السودان، ظهر اليوم الأربعاء، بعد هدوء حذر شهدته ساعات الصباح الأولى، في أعقاب اشتباكات عنيفة شهدتها العاصمة السودانية ومدينة أم درمان طوال الليلة الماضية، بالتزامن مع نهاية الهدنة التي استمرت لمدة ثلاثة أيام، منذ 17 حزيران/ يونيو.
تواصلت الاشتباكات في مناطق مختلفة رغم الهدنة المعلنة بين أطراف الصراع
وأشار مراسل "الترا سودان" إلى تحليق الطيران الحربي في سماء جنوب العاصمة الخرطوم، وسماع أصوات إطلاق نار بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، بعيد انتهاء الهدنة بين الجيش والدعم السريع، مضيفًا أن "اشتباكات عنيفة تشهدها منطقة "الكلاكلة شرق" جنوب الخرطوم، وسط تحليق الطيران الحربي".
قال شاهد عيان من حي يقع وسط مدينة الدلنج بجنوب كردفان لـ"الترا سودان" إنهم يسمعون أصوات المدافع ناحية الحامية العسكرية للجيش.
اتهامات متبادلة
ونشر الجيش السوداني صورًا لما قال إنه قصف لقوات الدعم السريع لمقر المخابرات العامة، حيث اندلع حريق وسط المقر، ويقع مقر المخابرات في المجمع الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع، ويضم وزارة الدفاع والقيادة العامة للقوات المسلحة ومقر إقامة الرئيس.
في المقابل، اتهمت قوات الدعم السريع، الجيش بقصف مقر المخابرات العامة بالطيران المُسيّر "في خرق واضح لاتفاق وقف إطلاق النار والهدنة الإنسانية"، على حد تعبير بيان للدعم السريع. واعتبر الدعم السريع أن قصف وحرق رئاسة جهاز المخابرات العامة، محاولةً لطمس الأدلة والوثائق، وفق تعبيره البيان.
جهود متبادلة لتثبيت الهدنة
وتستمر جهود تثبيت الهدنة مع حلول عيد الأضحى، وذلك بعد نهاية الهدنة الإنسانية اليوم الأربعاء، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس الثلاثاء، اتصالًا مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، من أجل "الالتزام بالتهدئة في كامل البلاد من أجل استعادة العمل الإنساني"، ووقف "كافة أشكال التصعيد العسكري، من أجل الوصول إلى حل سياسي".
التحذير من الانزلاق نحو الحرب الأهلية
وفي سياق متصل، طالب حاكم إقليم دارفور أركو مناوي، مجلس الأمن، دعم المحكمة الجنائية الدولية في إجراء تحقيق في الاغتيالات والجرائم التي وقعت بالإقليم.
وقال مناوي في تسجيلٍ مرئيٍ، إن "ما يجري في مدينتي الجنينة وكتم، جرائم مكتملة"، محذرًا من أن "سياسة الاغتيالات تقود المجتمع للانزلاق إلى الحرب الأهلية".
وأدان حاكم ولاية دارفور “استهداف الشخصيات البارزة والنساء كما يحدث في مدينة الجنينة وفي كتم حاليًا”، مشيرًا إلى أن "اغتيال والي غرب دارفور خميس أبكر ربما يقود إلى حرب أهلية تشبه ما حدث في رواندا"، مطالبًا بـ"إجراء تحقيقات دقيقة وشفافة لتقديم الجناة فورًا إلى العدالة"، مضيفًا أن "اغتيال والي غرب دارفور تم بطريقة بشعة، وفي مشهد غابت فيه كل قيم الضمير والأعراف الإنسانية”.
وأوضح مناوي أنه "حاول احتواء كارثة” ولاية غرب دارفور بالتواصل مع الإدارة الأهلية والقوى العسكرية"، مؤكدًا أن "رسالة الحرب وصلت إلى كل الناس"، داعيًا إلى "الجلوس لطاولة الحوار لإنهاء الحرب"، كما دعا حاكم إقليم دارفور الاتحاد الإفريقي إلى "التحرك دون تسيس لإنهاء الحرب في السودان".
وأكد حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي إنه "على الحياد حتى الآن في الحرب الدائرة بالسودان"، مطالبًا طرفي النزاع بعدم "الاستفزاز" وجره إلى الصراع.
وشرّدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع أكثر من 2.5 مليون سوداني، بين نازح ولاجئ، ولاسيّما في دارفور حيث تنتشر الجثث في الشوارع، بحسب ما قالت الأمم المتّحدة، أمس الثلاثاء.
الدعم السريع والجرائم ضد الإنسانية
وفي هذا الإطار، اتهمت منظمة العفو الدولية "أمنستي"، قوات الدعم السريع وبعض المليشيات المتحالفة معها، بـ"اقتراف جرائم خطيرة، من قتل وأعمال عنف جنسي وحرق منازل، في غرب دارفور"، وأشارت إلى أن "المدنيين هناك باتوا في خطر محدق".
وقال المدير الإقليمي لشرق وجنوب إفريقيا في منظمة العفو الدولية تيغيري شاغوتا، إن المنظمة تشعر بالقلق إزاء التقارير التي تُفيد بوقوع "عمليات قتل موجهة ذات دوافع عرقية، وأعمال عنف جنسي، وحرق منازل على نطاق واسع، ونزوح جماعي لسكان غرب دارفور من غير العرب –ولا سيما في مدينة الجنينة وحولها– على أيدي قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها".
وأضافت المنظمة أن هذا "العنف المتصاعد يحمل أوجه تشابه مثيرة للقلق مع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في دارفور منذ 2003"، وشددت المنظمة على أن حماية المدنيين يجب أن تكون في جميع أنحاء البلاد على رأس الأولويات"، مشيرةً إلى أنه يجب على "أطراف النزاع الامتثال للقانون الإنساني الدولي ووقف الانتهاكات ضد المدنيين فورًا، كما ينبغي على قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها السماح بمرور آمن للمدنيين الفارين من النزاع".
اتهمت منظمة العفو الدولية "أمنستي"، قوات الدعم السريع وبعض المليشيات المتحالفة معها، بـ"اقتراف جرائم خطيرة، من قتل وأعمال عنف جنسي وحرق منازل، في غرب دارفور"، وأشارت إلى إن "المدنيين هناك باتوا في خطر محدق"
وأشارت المنظمة إلى حادثة مقتل والي غرب دارفور خميس أبكر، بعد إلقاء القبض عليه من قبل عناصر تابعة للدعم السريع في 14 حزيران/يونيو الجاري، وذلك بعد ساعات فقط من اتهامه علنًا قوات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية في الجنينة.