أصدرت الخارجية الأمريكية تقريرًا حول الأوضاع الحقوقية في الأردن، وانتقدت فيه الأوضاع الحقوقية في البلاد عام 2022، إذ ذكرت ممارسات ترتكبها السلطات ترقى إلى التعذيب.
الخارجية الأمريكية تصدر تقريرًا دوريًا يرصد أوضاع حقوق الإنسان في عدة دول من بينها الأردن، إلا أن التقرير الأخير تضمن اتهامات أكثر خطورة من بينها ممارسة التعذيب والمعاملة غير الإنسانية واعتقال مئات الأردنيين على خلفية مواقفهم السياسية وملاحقة صحفيين.
وفقًا للتقرير، فإن الحكومة اتخذت بعض الإجراءات للتحقيق مع مسؤولين ارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان ومحاسبتهم ومعاقبتهم، إلا أن إفلات الحكومة من العقاب لدى ممارسة مثل هذه الانتهاكات ظل هو الممارسة الشائعة.
كما ذكر التقرير أن "الحكومة اتخذت بعض الإجراءات للتحقيق مع مسؤولين ارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان ومحاسبتهم ومعاقبتهم، إلا أن إفلات الحكومة من العقاب لدى ممارسة مثل هذه الانتهاكات ظل هو الممارسة الشائعة."
كما ذكر التقرير أن الحكومة عادة ما تبقي المعلومات المتعلقة بالتحقيقات مخفية عن الرأي العام ووسائل الإعلام في الكثير من الحالات، كما أن "ضعف الشفافية خلال التحقيقات والمحاكمات ساهم في ترك انطباع لدى العامة بوجود إفلات من العقاب."
ما الذي جاء في التقرير؟
التقرير الذي جاء في ثلاث وسبعين صفحة تضمن اتهامات خطيرة بممارسة السلطات للتعذيب وذكر حادثة موت زيد دبش أثناء اعتقاله والاتهامات التي أعقبت ذلك من قبل عائلة دبش ونشطاء حقوقيين والتي تؤكد أن الشاب مات بسبب التعذيب، كما ينقل التقرير عن إحدى وسائل الإعلام ذكرها أن ثمانية موظفين حوكموا بتهم تتعلق بممارسة التعذيب وإلحاق الضرر الذي أدى لوفاة دبش.
وفي السياق ذاته، ذكر التقرير حادثتين أخريين لوفاتين بين معتقلين، إلا أنه وفقًا للتقرير، لا توجد أي أدلة على تحقيق السلطات في أي من الحالتين. ويضيف أيضًا أنه رغم أن الدستور الأردني يحظر ممارسة التعذيب، إلا أن "هنالك تقارير مقنعة من منظمات دولية ومحلية تؤكد أن موظفين حكوميين استخدموا التعذيب وأشكالًا أخرى من سوء المعاملة في مراكز الاحتجاز التابعة للشرطة والأجهزة الأمنية"، وذلك يعود إلى سوء تفسير بعض مواد قانون العقوبات وعدم وضوحها، كما أن كثيرًا من الحالات لم يشتكِ أصحابها بسبب خوفهم من عواقب ذلك، وفقًا للتقرير.
التقرير جاء أيضًا على الاعتقالات التعسفية، فنقل عن تقرير لهيومان رايتس ووتش وقوع اعتقالات تعسفية لمواطنين من قبل رجال أمن بعضهم بلباس مدني، وأن السلطات استخدمت قانون منع الجرائم لاعتقال أكثر من 160 ناشط سياسي في شهري شباط/ فبراير وآذار/ مارس، في حين أنه نقل عن وزارة الداخلية أن ما يقارب 29,000 شخصًا احتجزوا احتجازًا إداريًا في الفترة ما بين شهر كانون الثاني/ يناير وأيلول/ سبتمبر.
وذكر التقرير الاعتقالات الإدارية العديدة التي تجرى ضد نساء بداعي "حمايتهن من جرائم الشرف".
التقرير انتقد ملاحقة الصحفيين واستخدام أدوات تجسس ضد هواتف حوالي 200 من الصحفيين والنشطاء والحقوقيين.
كما جاء في التقرير أن ما لا يقل عن 200 شخص اعتقلوا من قبل السلطات على خلفية انتقادهم للحكومة أو سياساتها الخارجية أو لمسؤولين حكوميين أو هيئات حكومية أو دول أجنبية أو بسبب مخالفة قانون الجرائم الإلكترونية أو قانون مكافحة الإرهاب أو قانون منع الجرائم أو مواد أخرى ضمن قانون العقوبات من بينها الذم والقدح. ونقل عن هيومان رايتش ووتش أن التهم استخدمت بشكل ممنهج لملاحقة المعارضة وإسكات المعارضين السياسيين.
وانتقد التقرير أيضًا ملاحقة الصحفيين واستخدام أدوات تجسس ضد هواتف حوالي 200 من الصحفيين والنشطاء والحقوقيين، بالإضافة إلى فرض قيود على حرية استخدام شبكة الإنترنت والتدخل في الحق في التجمع السلمي وحرية العمل النقابي وتشديد القوانين على عمل بعض المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني.
ردود على التقرير
رغم صدور التقرير عن الخارجية الأمريكية قبل أكثر من عشرة أيام، لم يصدر عن الحكومة أو أي من مؤسساتها أي رد، كما لا زالت ترفض الرد على طلباتنا في ألترا صوت للتعليق على ما جاء في التقرير.
أما المركز الوطني لحقوق الإنسان، وهو مركز شبه حكومي يرصد أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، فقد أكد أنه كان قد أشار بالفعل للممارسات والانتهاكات التي وردت في تقرير الخارجية الأمريكية في تقرير سابق له انتقد الأوضاع الحقوقية لعام 2021.
المحامي المتخصص في قضايا حقوق الإنسان والمستشار لدى محكمة الجنايات الدولية، حسن الحطاب، أكد لألترا صوت أن ما جاء في تقرير الخارجية "صحيح وواقعي ويعبر عن واقع الضحايا في سجون الأجهزة الأمنية"، وأضاف أن "بعض الضحايا يجبرون على الإدلاء باعترافات متناقضة" تحت التعذيب، إلا أنه أكد أن هذه الممارسات لا زالت فردية ولم ترقَ إلى حد اعتبارها ممنهجة.
حسن المومني: قضايا حقوق الإنسان قد تكون واحدة من القضايا التي تهم إدارة بايدن إلا أنها ليست قضية أساسية من شأنها أن تقرر شكل العلاقة بين البلدين.
من ناحيته، قال أستاذ العلاقات الدولية وتسوية النزاعات في الجامعة الأردنية، حسن المومني، إن التقرير الأمريكي جاء بصفة اعتيادية ودورية وليس لتوقيت نشره أي دلالات، كما أنه قلل من مدى تأثيره على العلاقات الأردنية الأمريكية، "فالعلاقة بين البلدين عمومًا هي علاقة استراتيجية، في حين أن قضايا حقوق الإنسان قد تكون واحدة من القضايا التي تهم إدارة بايدن إلا أنها ليست قضية أساسية من شأنها أن تقرر شكل العلاقة بين البلدين"، وفقًا للمومني.
كما استبعد أن تؤثر الانتهاكات الحقوقية من قبل السلطات على المساعدات المقدمة من الولايات المتحدة للأردن، "فالمساعدات الأمريكية لا تقدم جزافًا، إنما هنالك مصالح استراتيجية أمريكية في المنطقة، وهناك أدوار يلعبها الأردن، ولا يمكن اختزال تقديم المساعدات مقابل إصلاحات حقوقية.. والعلاقة بين البلدين في أقوى حالاتها الآن."