الأرض تتحدّث بمئات اللّغات، ورغم ذلك لا أحد فيها يستطيع فهم ماذا يريد الآخر.
السّماء تتكلّم لغة واحدة، ولكن قليلون هم من بإمكانهم قراءة وفهم مضامين الرّموز الفلكيّة
في الحقيقة! لا أذكر متى بدأت علاقتي مع السّماء تتشكّل، ومع كل ما هو خارج الغلاف الجّويّ، حتى وصلت إلى ماهي عليه. حيث الاعتقاد بكل مالا أراه، أو أتيقّن من جدواه بعيدًا! أو أسمع عن غموضه شيئًا يأخذني إليه خيالًا.
كالدّوائر الكواكب والأجرام والمجموعات الشّمسيّة، والمجرّة، وعن الأثر النّجميّ فينا، فحاولت بكلِّ إمكاني فهم لغة النّجوم. نعم!! مُتعبٌ هو الانتماء لأبراج ثلاثة ولثلاثة كواكب.
أجد نفسي محكومًا بجنون كوكب مارس وحبّه للحرب والغضب والشّرر، فأحبُّ لذلك النّار دون وعي. ولهذا اختارَ القمر برجَ الحمل برجًا لي، كشغفٍ مجوسيٍّ للنّار.
محكومٌ بسطوة أورانوس وطالع برج الدّلو، أو هكذا أبدو.. مُمتلئًا بالعطاء.
محكومٌ إلى الأبد بمجون وشهوانية كوكب فينوس وبرجاحة برج الميزان، "حكمة الشيخ العجوز" الذي يسكن هذا البُرج النّحاسي والمصنوع من غُبار الشّمس.
وبين برجٍ شمسيّ وآخرٍ قمري، وبين بُرج الطّالع يأخذني الحنين دائمًا إلى كل الأشياء التي يمكن أن تصنع حريقًا عظيمًا، أفكّر دائمًا بالنّار، وبالنّجوم التي تحتمل الكثير من الحرائق، وبالأمِّ النّار الكبرى، بالشّمس، وبالانفجار العظيم.
أحاول أن أصنع في قلب كل فتاةٍ تشعُر ببرد القلب انفجارًا عظيمًا
يُعادل كلَّ ما في قلبي من خيال.
خيالٌ لا أستطيع معهُ الهرب من قراءة وجوه من حولي.. لا أملك قوّة التخلّص من فضول الكشف عن ملامح الوجوه الفلكية، ناري. ثابت. هوائي. مُتغيّر. مائي. أساسي... أرجو ألا يكون ترابيًا، لكنه يبدو محكومًا بالغضب.. نادرًا ما أخطأت، أو كان الخطأ فادحًا كتوقّع مائية أحدهم النّاريّ أصل
يُحكى في بلاد فارس، وعن ديانات الشّعوب الزّرادشتيّة والمجوسيّة، أنّه كان لرابطة علماء الفلك والنجوم تلك المكانةَ الأسمى في سُدّة الطّبقة الحاكمة وعلى الطاولات المستديرة.
وكانوا من كثرة ما تمتّع هؤلاء العلماء بشتّى فنون السّحر والتّنجيم واستبصار لاحات المستقبل، أن أطلقوا عليهم لقب الـ"Magi" أو ما يُعرف لدينا بالعَرّافين أو المُتنبّئين.
الـ"Magi" التي اشتُقّت منها لاحقًا لفظة وكناية "الشّعوب المجوسيّة"، عبدة النّار، Majus، والتي استُخدمت في لغاتنا الحديثة بمُسمّى Magic أو السّحر.
لكنّني قبل كلّ هذا اردت أن أقول بأنّنا نعيش في دائرةٍ مُغلقة!!
لا أقصد هنا كرويّة الأرض، بل دائريّة الزّمن.
كيف نقضي نهارًا
باردًا؟
كبُحيرةٍ مُتجمّدة؟
أو كمشاعر امرأةٍ من مواليد برج العذراء؟
بالحُلم
والنّظر إلى سماء اللّيل.
اقرأ/ي أيضًا: