قال الهلال الأحمر الليبي، اليوم الإثنين، إن إخلاء مدينة درنة يبقى "خيارًا واردًا" ويعتمد على الوضع الصحي فيها، بعد إعلان حالة الطوارئ لمدة عام في المناطق المتضررة من جراء السيول والفيضانات تحسبًا لمنع تفشي أي مرض.
وفي حديث لوكالة "الأناضول"، قال رئيس جمعية الهلال الأحمر، عبد السلام الحاج، إن فرق الجمعية تواجه صعوبات من أبرزها نقص الإمكانيات اللوجستية وصعوبة الوصول لبعض المناطق المتضررة.
أصبح الناجون من فيضانات ليبيا عرضة لخطر إضافي تمثّله الألغام الأرضية التي جرفتها السيول من جهة، ونقص المياه وتسممها من جهة ثانية
وأضاف أن الفرق التابعة للهلال الأحمر تعمل على توزيع المعونات للمتضررين وإنقاذ المصابين والمساعدة في انتشال الجثامين.
مياه وألغام
أصبح الناجون من فيضانات ليبيا عرضة لخطر إضافي تمثّله الألغام الأرضية التي جرفتها السيول من جهة، ونقص المياه وتسممها من جهة ثانية. ويعد الناجون الذين جرفت السيول منازلهم في مدينة درنة الواقعة شمال شرقي البلاد أكثر عرضة من غيرهم لهذه الأخطار، فهم محاصرون بين خيارين إمّا البقاء في المدينة المنكوبة مع نقص المياه الصالحة للشرب أو النزوح خارج المدينة من خلال طرق جرفت إليها الفيضانات ألغاما أرضية خلّفتها الحرب.
وكان إعصار دانيال القوي، قد ضرب درنة ومدنًا ليبية أخرى في الشرق العاشر من أيلول/ سبتمبر الجاري مخلّفًا دمارًا هائلًا، بعد انهيار سدين في مدينة درنة، حيث لقي عشرات الآلاف حتفهم، وضعفهم من المفقودين، فضلًا عن تدمير مئات المباني السكنية التي كانت تصطف على جانبي مجرى نهر عادة ما يكون جافًا.
وتتواصل جهود الإنقاذ للأسبوع الثاني تواليًا، ما خفف من حدة مشاهد الدمار، بفعل إزالة أكوام الركام ووضعها على جوانب طرق خالية، ورفع كميات من المعادن المتشابكة، بعضها أجزاء من حطام سيارات.
وكان عدد السكان في درنة يقدر بنحو 120 ألف نسمة، ووفقا لرئيس بلدية درنة فإن 20 ألف منهم ربما لقوا حتفهم، بعد دمار ما لا يقل عن 891 بناية.
حيرة النّاجين
نقلت وكالة رويترز تصريحات لساكني مدينة درنة، عبّر فيها البعض عن تشبثه بالبقاء في المدينة رغم الكارثة والمخاطر، وفي هذا الصدد يقول أحمد عوض الذي كان يفترش شارعًا خاليًا، وبجانبه زجاجة ماء وأغطية سرير: "أنا باق في منطقتنا في محاولة لتنظيفها والتحقق من المفقودين.. الحمد لله الذي رزقنا الصبر".
أمّا مواطن آخر يسمى وصفي فيرى أنّ الناس في حيرة بشأن ما يجب عليهم فعله بعد ذلك، قائلا: "ما زلنا لا نعرف أي شيء، نسمع شائعات، البعض يحاول طمأنتنا، والبعض الآخر يقول إما أن تغادروا المدينة أو تبقوا هنا. ليس لدينا مياه ولا موارد".
تحذير أممي من التسمم والألغام
وكشف تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن إصابة 55 طفلًا على الأقل بالتسمم، بسبب شرب مياه ملوثة في درنة، حيث يعيش المشردون في ملاجئ مؤقتة أو مدارس أو يكتظون في منازل أقاربهم أو أصدقائهم.
فضلًا عن ذلك ذكر التقرير الأممي أن مياه الفيضانات "نقلت الألغام الأرضية وغيرها من الذخائر التي خلفها الصراع على مدار السنوات الماضية، مما يشكل خطرًا إضافيًا على آلاف النازحين المتنقلين".
كشف تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن إصابة 55 طفلًا على الأقل بالتسمم، بسبب شرب مياه ملوثة في درنة
يشار إلى أنه توجد في ليبيا، التي يبلغ سكانها 7 ملايين نسمة، حكومتان، الأولى في طرابلس والثانية في بنغازي، ويُعدّ هذا الانقسام عامل ضعف يحد من فاعلية التدخلات أوقات الأزمات.
وتُعدّ الفيضانات الحالية وفقًا لتصريحات سابقة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة كارثة غير مسبوقة. واعتبرها رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي تقتضي الوحدة الوطنية لمواجهتها بشكل ناجع.